أعلنت وكالة الفضاء الأميركية “ناسا” عن إيقاف إحدى الأدوات العلمية الموجودة على متن مسبار فوييجر 2، في خطوة للحفاظ على الطاقة المتبقية، وضمان استمرار عمل المسبار الذي يستكشف الفضاء السحيق منذ 47 عاما، ويأتي هذا القرار في إطار خطة الوكالة لإطالة عمر المسبار لأطول فترة ممكنة.
في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، أكدت ناسا أن فوييجر 2 قد خرج من الغلاف الشمسي ودخل في الفراغ الواقع بين النجوم، المعروف باسم “الوسط النجمي”، ويبعد المسبار الآن حوالي 20.5 مليار كيلومتر عن الأرض، مواصلا دراسة الفضاء الجديد باستخدام ما تبقى من طاقته.
ورغم أن المسبار لا يزال يعمل، فإن لديه ما يكفي من الطاقة لتشغيل أداة علمية واحدة فقط حتى العقد القادم، لذا يتعين على العلماء اختيار الأدوات التي يجب إيقاف تشغيلها تدريجيًا، علما بأن كل إيقاف تدريجي يقلل من قدرة المسبار على جمع البيانات الفريدة والمهمة، وهذا ما يجعله قرارا حاسما ومصيريا.
إستراتيجية تقليص الأدوات العلمية
منذ إطلاق فوييجر 2 في أغسطس/آب 1977، حرص المسؤولون على تأخير إيقاف الأدوات العلمية البالغ عددها 10 أدوات، لأطول فترة ممكنة، ويعد فوييجر 2، إلى جانب فوييجر 1، هما المسباران الوحيدان اللذان يعملان خارج الغلاف الشمسي في الفضاء العميق، مما يجعل البيانات التي يجمعانها ذات أهمية كبيرة، ومع إيقاف أداة مطياف البلازما التي وقع الاختيار عليها، انخفض عدد الأدوات العلمية المتبقية التي مازالت تعمل إلى 4 فقط.
ويعمل مطياف البلازما على جمع البيانات حول كمية واتجاه البلازما المحيطة بالمسبار الفضائي، ويتكون من 4 “أصحن”، 3 منها موجهة نحو الشمس لمراقبة بلازما الرياح الشمسية، أما “الصحن” الرابع، فكان موجها بالبلازما في الوسط النجمي.
وفي عام 2018، ساعدت هذه الأداة في اكتشاف خروج المسبار من الغلاف الشمسي، حيث انخفضت الجسيمات المشحونة القادمة من الشمس، مما أشار إلى أن المسبار قد دخل الفضاء الواقع بين النجوم، ومع مرور الوقت، أصبح دور هذه الأداة محدودا، مما دفع العلماء إلى اتخاذ قرار إيقافها.
وقد نفذت ناسا عملية إيقاف مطياف البلازما بعناية فائقة لتجنب أي أعطاب جانبية قد تعطل عمل الأدوات الأخرى أو تفقد الاتصال مع المسبار، وأكد فريق “مختبر الدفع النفاث” المخوّل بإدارة مهمة فوييجر، في بيان صحفي على أن الإيقاف تكلل بالنجاح في نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، مما يعني أن المسبار يواصل عمله بصورة طبيعية الآن.
إرث فوييجر في الفضاء السحيق
يعتمد كلا مسباري فوييجر على طاقة البلوتونيوم المتحلل، التي تقل تدريجيا بمقدار 4 وات سنويا، وكانت ناسا قد أوقفت بالفعل معظم الأدوات العلمية على متن المسبارين بعد استكمال مهمتهما حول كوكبي المشتري وزحل في الثمانينيات، مما اسهم في الحفاظ على الطاقة بشكل كبير.
وفي السنوات الأخيرة، أوقف المهندسون أيضا الأنظمة غير الضرورية، بما في ذلك أجهزة التدفئة، لإطالة عمر المسبارين، وأوقفت ناسا كذلك نفس الأداة، مطياف البلازما، الموجودة على متن فوييجر 1 في عام 2007، وهو الإجراء الذي تكرره الآن مع فوييجر 2.
ويبقى إرث فوييجر 2 العلمي حاضرا بصفته مستكشفا للفضاء بين النجوم، رغم تراجع كمية البيانات التي يرسلها، ومازالت وكالة ناسا ملتزمة باستخدام قدراته المتبقية لجمع أكبر قدر ممكن من البيانات من هذه المهمة الاستثنائية التي مازالت تلقي بظلالها على الأرض رغم المسافات الشاسعة.