“البحث عن علا 2” يتخطى الانتقادات بنجاح غير مسبوق

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 8 دقيقة للقراءة

حالة من السعادة يعيشها فريق عمل مسلسل “البحث عن علا 2” الذي بدأ عرضه قبل أيام ونجح منذ يومه الأول بالتربع على عرش الأكثر مشاهدة عبر منصة نتفليكس متفوقا على مسلسل “إيميلي في باريس” الذي طُرح قبله بأيام.

ورغم أن هذا النجاح لم يكن مفاجئا فإنه كان مشكوكا في أمره بعد شعور العديد من النساء بالامتعاض تجاه الموسم السابق الذي وصفته مؤلفته بالنسوي، وهو أبعد ما يكون عن ذلك كون بطلته لا تشبه المطلقات المصريات المغلوبات على أمرهن، بل إن الطرق المغلقة تتسارع بالانفتاح أمامها بالتزامن مع محاولاتها الحثيثة البحث عن الحب والحياة في كنف رجل من جديد عوضا عن التركيز على قوتها الداخلية، فهل استطاع الموسم الجديد تجاوز هذا المأزق؟

البحث عن فرصة ثانية

في الموسم الجديد تقرر “علا” (هند صبري) التركيز على مشروعها وتطويره، رافضة التخلي عن طابعه الخاص أو اللهاث خلف المادة على حساب جمهورها المستهدف، وهو ما يكاد يفقدها فرصتها للنمو والازدهار، خاصة بعد وفاة صاحب الأرض ومورّد المواد الخام التي تستخدمها ونية “كريم” (ظافر عابدين) وريثه الوحيد بيع الأرض والعودة إلى فرنسا حيث يعيش.

لكن ولاءها لمبادئها ومشروعها يحمّس كريم على التراجع عن قراره ومشاركتها بالعمل، وهو ما يترتب عليه سفرها معه إلى فرنسا وحدوث انجذاب عاطفي بينهما، وتتوالى الأحداث.

نقاط القوة

هذه المرة لم يتمحور العمل حول علا والرجال في حياتها فقط، وإنما سلط الضوء كذلك على خيوط درامية جانبية لا تقل أهمية تناولت مشاكل المراهقة وعواقب التربية الإيجابية الحديثة، مما أتاح مساحة عريضة لمتابعة البطلة كأم، وهو الدور الذي بدت فيه أكثر نضجا وفطنة منه كأنثى لا تزال متلهفة للحب وسريعة التعلق بالذكور في محيطها حتى وإن رددت ما هو نقيض ذلك، الأمر الذي جاء مثيرا للتساؤلات بشأن سر ذبذبتها غير المنطقية بين النضج والسذاجة.

ساعد على ذلك جودة مستوى الكتابة بفارق كبير لصالح الموسم الحالي عن السابق، ربما باستثناء الحلقة الأولى التي بدت شديدة السطحية والهلهلة، وهو ما يمكن إيعازه إلى وجود فريق كتابة جماعي وإشراف هند صبري على الكتابة ككل.

ومن إيجابيات الموسم الحالي أيضا تلك الحالة التي خلقها العمل بفضل إخراج هادي الباجوري المبهج والمريح للعين واختيار أماكن التصوير ذات ألوان خلابة ومشاهد الطبيعة الجذابة والمفتوحة على مرمى البصر، سواء بالمزرعة في القاهرة أو الفرح المقام على الشاطئ أو كل ما جرى تصويره في الريف الفرنسي.

لكن عامل النجاح الأكبر يعود إلى النجم التونسي ظافر العابدين الذي انضم لفريق عمل هذا الموسم، كونه يحظى بكيمياء من نوع خاص تجمعه بابنة بلده هند صبري، والتي ظهرت بينهما بأعمال سابقة مثل مسلسلي “حلاوة الدنيا” في 2017 و”فيرتيجو” في 2012.

ساعدت تلك الكيمياء على تعزيز القصة الرومانسية بين البطلين، وساهمت بالطبع وسامة ظافر وحواراته بالفرنسية على استقطاب جمهوره النسائي رغم أنه ظهر بشعر أبيض غير مرتب ووزن زائد، لكن المشاهدات اعتبرن ذلك جزءا من جاذبيته المعتمدة على البساطة والتلقائية المناسبة لتجاوزه الـ50 من العمر.

وعن اختيار ظافر الدور، أكدت هند صبري أنه كان بمخيلة الجميع منذ مرحلة الكتابة الأولى، فمن جهة يتطلب الدور رجلا ذا جاذبية طاغية، ومن جهة أخرى يجب أن يجيد الفرنسية وإن كان أكثر ما شجعها على ترشيحه للدور بصفتها المنتجة التنفيذية ما يجمع بينهما من انسجام خاص وجلي كُلّل بالنضج والخبرة.

البحث عن آخرين

بعيدا عن الأبطال الرئيسيين، تعلق الجمهور بكل من سوسن بدر (سهير) ومحمود الليثي (منتصر/مونتي) اللذين حملا على عاتقهما الشق الكوميدي، على عكس كوميديا هند صبري التي مهما حاولت الاجتهاد بها بدت مصطنعة.

حتى أن البعض طالبوا بمواسم مشتقة تحت عنوان “البحث عن سهير” و”البحث عن مونتي” للمعرفة أكثر عن عالم الشخصيتين، وقد أبدت غادة عبد العال إعجابها بالفكرة وفقا لما نشرته عبر حسابها الشخصي على فيسبوك.

من جهتهم، أجاد الطفل عمر شريف (سليم) والمراهقتان ياسمينا العبد (زينة) وأيسل محمد رمزي (نادية) أدوارهم وتجسيد مشاعر مراحلهم السنية، في حين جاءت عودة “حازم” (طارق الإبياري) -وهو شقيق البطلة- موفقة ومفيدة دراميا، وأحسن صانعو العمل بالبعد عن ظاهرة ضيوف الشرف الكثيرين في كل حلقة والتركيز على حبكة متماسكة تصب بأكملها في بوتقة واحدة تتعلق بحياة البطلة واختياراتها.

عيوب فنية

رغم ذلك فإن في العمل بعض السلبيات التي لا يمكن التغاضي عنها، أولاها هو الإصرار على تقديم شخصية علا عبد الصبور بطريقة كوميدية صاخبة، وهو ما لا تجيده هند صبري، ويتناقض مع جديتها في أدوارها كأم أو صاحبة مشروع، لكن هذا الجانب الكوميدي يظهر بمجرد ظهور رجل في حياتها وكأنها تعود إلى تصرفات مراهقة.

وإضافة إلى ذلك، يستمر المسلسل في تقديم بطلته وكأنها في حالة بحث مستمر عن شريك حياة، حيث تعتبر كل علاقة جديدة بمثابة مشروع زواج حتى لو لم تكن تشعر بالانجذاب العاطفي لهذا الشخص، فهي فقط تحاول تلبية توقعات والدتها والمجتمع.

هذا الأمر يدفع العمل إلى أن يكون مناسبا لحمل عنوان “البحث عن زوج لعلا”، ومع ذلك فإن ما يميز هذا الموسم هو قدرة البطلة على قول “لا” ورفض الأوضاع التي لا ترضيها دون تقديم تنازلات.

وأخيرا مع النماذج الذكورية التي اختار العمل استعراضها وبدت بعيدة عن الواقع، مما أثار استفزاز النساء هذه المرة، إذ ليس من السهل أن تحظى المرأة بطليق متحضر ومتعاون بمرتبة صديق، ثم من أين لامرأة واحدة بكل تلك الحفنة من الرجال الجذابين حولها والصالحين لأن يكونوا أزواجا محتملين؟

العيوب السابقة لفتت الانتباه وتسببت باستياء قطاع من المشاهدين على المستوى الفني، أما على مستوى الدراما الاجتماعية فقد أعرب البعض عن رفضهم مشاهد الأحضان المتكررة بين البطلة وكل رجل تلتقي به، مؤكدين أن ذلك لا يمثل العادات والأفكار العربية المحافظة والتقاليد المصرية ولا يلائم خلفية البطلة المجتمعية وحقيقة انتمائها بالأساس إلى الطبقة المتوسطة.

“البحث عن علا” مسلسل درامي اجتماعي قصير من 6 حلقات عن العلاقات ومسؤولية الأهل تجاه الأبناء، والأهم اختلاف درجات الوعي وسبل التربية بين الأجيال وما يحمله ذلك من إيجابيات وسلبيات، وهو ترشيح مثالي لمحبي الأعمال الرومانسية الخفيفة والمبهجة بصريا.

العمل إخراج هادي الباجوري، وبطولة هند صبري وظافر العابدين وسوسن بدر وهاني عادل وندى موسى ومحمود الليثي وطارق الإبياري، تأليف غادة عبد العال، وشارك معها كل من هناء محمود وسيف عمر وزيزيت سعيد وهشام حمزة.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *