أظهرت بيانات من إحصائيات تأشيرة شنغن لعام 2023، أوردها موقع أفريكا نيوز، أن المواطنين الأفارقة خسروا نحو 56 مليون يورو من رسوم طلبات التأشيرة بسبب الرفض.
فقد رفضت فرنسا، حسب ما أورد الموقع، مرتين طلبات الحصول على تأشيرة قدمها نبيل طابروت، وهو مطور مواقع إلكترونية جزائري يبلغ من العمر 29 عاما ويأمل في زيارة أخته هناك هذا العام.
وقال الموقع المتخصص في الأخبار الأفريقية إن طابروت من بين عديد من الأشخاص الذين يسعون خلف عملية الحصول على التأشيرة التي غالبا ما تكون شاقة في جميع أنحاء أفريقيا.
وتواجه الطلبات من أفريقيا أعلى معدلات الرفض مقارنة بأي مكان آخر في العالم عندما يتعلق الأمر بزيارة منطقة شنغن في أوروبا.
غالبا ما يكون من الصعب تأمين مواعيد المقابلة. كما يجب على المتقدمين في كثير من الأحيان إثبات الحد الأدنى من الرصيد البنكي، وإثبات الغرض من زيارتهم وإثبات أنهم يخططون للعودة إلى وطنهم.
يقول طابروت، الذي نجح مرة واحدة فقط في الحصول على تأشيرة دخول إلى فرنسا، “هذه هي الحال دائما”.
ورغم أن قسما كبيرا من النقاش الدائر في أوروبا حول الهجرة يركز على الأشخاص الذين يصلون من دون تصريح، فإن أعدادا أكبر منهم يختارون القدوم بالطرق القانونية.
من المؤلم، يقول الموقع الذي يتخذ من مدينة ليون الفرنسية مقرا له، أن اتباع القواعد غالبا ما يفشل، إذ إن معدلات الرفض غير المتناسبة، وهي أعلى بنسبة 10% في أفريقيا من المتوسط العالمي، يعوق التجارة والشراكات الاقتصادية والتعليمية بما يضر بالاقتصادات الأفريقية، وفقا لدراسة أجريت في أبريل/نيسان من قبل شركة استشارات الهجرة هينلي آند بارتنرز التي مقرها المملكة المتحدة.
ووصفت الدراسة هذه الممارسات بأنها تمييزية، وحثت دول شنغن على إصلاحها. وتعتبر طلبات المتقدمين من الجزائر هي الأعلى رفضا، إذ تم رفض أكثر من 392 ألف متقدم عام 2022.
وقد بلغ معدل رفض الجزائريين 45.8% وغينيا بيساو 45.2% ونيجيريا 45.1%، في حين تم رفض واحد فقط من بين 25 متقدما يعيشون في الولايات المتحدة. ويواجه عدد قليل من البلدان الأفريقية، مثل جنوب أفريقيا، وبوتسوانا، وناميبيا، معدل رفض منخفضا نسبيا.
وفي حين وجدت الدراسة أن المتقدمين من البلدان الفقيرة تعرضوا لرفض أعلى بشكل عام، فقد لاحظت أن المتقدمين من تركيا والهند واجهوا رفضا أقل من المتقدمين من غالبية البلدان الأفريقية.
الرفض أداة سياسية
قد تكون أسباب هذا التحيز ضد أفريقيا سياسية، وفقا لمؤلف الدراسة، مهاري تاديلي مارو، من مركز سياسات الهجرة التابع لمعهد الجامعة الأوروبية، إذ يتم استخدام رفض التأشيرات كأداة سياسية من قبل الحكومات الأوروبية، ومن بينها فرنسا، للتفاوض على ترحيل أولئك الذين يهاجرون إلى أوروبا من دون الحصول على تصريح مناسب.
فقد رفضت حكومات شمال أفريقيا تقديم الوثائق القنصلية لمواطنيها الذين يواجهون الترحيل. وفي مقابلة، قال مارو إن الجزائر لديها معدلات رفض عالية في القارة، لأن عدد المتقدمين لديها يفوق عدد المتقدمين من البلدان الأفريقية الأخرى لأسباب جغرافية واقتصادية وتاريخية. يتقدم عديد من الجزائريين بطلب للحصول على تأشيرات في فرنسا، حيث يتحدثون اللغة وربما تكون لديهم روابط عائلية.
وأضاف أن قرب شمال أفريقيا من أوروبا يعني أن الرحلات الجوية قصيرة ورخيصة مقارنة بالرحلات الجوية من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، مما يدفع مزيدا من الأشخاص إلى التقديم.
وقال مارو إنه بالإضافة إلى معدلات الرفض، فإن صعوبة التقديم هي أيضا خيار سياسي من جانب الحكومات الأوروبية “عندما نتحدث عن زيادة العوائق أمام المتقدمين المحتملين، فإننا لا نتحدث فقط عن معدل الرفض، بل أيضا عن القيود المفروضة على التقديم. وأيضا هناك تحديات محلية”.
بالنسبة للجزائريين مثل طابروت، تعد شركة “في إف إس غلوبال” لاعبا جديدا في عملية طلب التأشيرة، حيث تم التعاقد مع هذه الشركة من قبل السلطات القنصلية الفرنسية بعد سنوات من الانتقادات حول النظام السابق الذي يهيمن عليه ما تسمى “مافيا التأشيرات”.
فقد واجه مقدمو الطلبات في السابق تحديات في تأمين مواعيد المقابلات، التي يتم حجزها بسرعة من قبل وسطاء خارجيين، ثم إعادة بيعها للجمهور.
وانتشرت شائعات حول برامج كمبيوتر معقدة تتصل بمنصات المواعيد وتستحوذ على فرص الحجز في غضون لحظات. وفي هذا الصدد، يقول علي شلالي الذي قدم على تأشيرة دراسية لابنته في فرنسا “إنهم مجموعة من المحتالين الذين يمارسون هذه المهنة منذ سنوات، ويجمعون ثروات على حساب المواطنين الفقراء من خلال جعلهم يدفعون ثمنا باهظا مقابل الخدمة”.
وبموجب النظام السابق، قال المتقدمون لوكالة أسوشيتد برس إنه كان عليهم دفع ما بين 15 ألف إلى 120 ألف دينار جزائري (103 إلى 825 يورو) فقط للحصول على موعد.
“رسميا، غالبا ما يُعزى رفض التأشيرة إلى الشكوك حول نية المتقدمين لمغادرة بلد الوجهة قبل انتهاء صلاحية التأشيرة”، كما كتب مؤلف دراسة هينلي آند بارتنرز. وأضاف “وفقا للدول الأوروبية، فإن معظم حالات الرفض تستند إلى شكوك معقولة حول نية طالبي التأشيرة العودة إلى وطنهم”.
ويقرر كثير من الجزائريين بعد الذهاب إلى فرنسا تعديل تأشيراتهم الطلابية إلى تأشيرة إقامة، فوفقا لتقرير صدر عام 2023 عن المديرية العامة الفرنسية لشؤون الأجانب، فإن 78% من الطلاب الجزائريين “يقولون إنهم لا يعتزمون العودة إلى الجزائر” بعد الانتهاء من دراستهم.