خبراء: نتنياهو قد يعلن نصرا أحاديا لخنق غزة ودخول حرب في لبنان

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

يمثل الانتصار أحادي الجانب على فصائل المقاومة في قطاع غزة والذي تعتزم إسرائيل إعلانه قريبا محاولة لتسويق إنجازات لم تتحقق، لكنه في الوقت نفسه يغلق أبواب التفاوض ويمنح جيش الاحتلال فرصة القيام بـ”عمليات جراحية” وتشديد الحصار على القطاع تحت مظلة البحث عن بديل لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، برأي خبراء.

ويأتي حديث حكومة بنيامين نتنياهو عن انسحاب أحادي من القطاع في وقت تتعالى فيه أصوات إسرائيلية منادية بوقف الحرب، وهو أمر “يعكس أن وحل غزة بدأ يتجلى بشكل أكبر داخل إسرائيل”، كما يقول الباحث في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين.

وخلال مشاركته في برنامج “غزة.. ماذا بعد؟”، قال جبارين إن إعلان النصر الأحادي يمثل مخرجا لحكومة وجيش إسرائيل اللذين سيؤكدان أن المقاومة لن تكون قادرة على تكرار ما حدث في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي لـ5 سنوات مقبلة على الأقل.

وحاليا -يضيف جبارين- فإن كلا من الجيش ونتنياهو بحاجة لتسويق إنجازاته على حساب الآخر وهو ما تجلّى في تصريحات الناطق باسم الجيش دانيال هاغاري الذي حمّل الحكومة بوضوح مسؤولية عدم استثمار النجاحات العسكرية سياسيا.

أما نتنياهو فيحاول ترويج فكرة أن الحكم العسكري قد عاد للقطاع وهو أمر يرضي اليمين المتطرف الذي يريد ضم غزة والضفة الغربية بينما الجيش يعرف أن هذا التوصيف غير صحيح، حسب ما يقول جبارين.

سلاح ذو حدين

مع ذلك، فإن هذا الإعلان يمثل سلاحا ذا حدين لأنه يؤكد فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها التي أعلنتها قبل 9 أشهر، ويعكس شعور الجيش بأنه تحول إلى خوض حرب استنزاف لا يمكنه تحملها، لكنه في الوقت نفسه سيزيد تشديد الحصار على القطاع تحت مظلة البحث عن بديل لحماس، لأن الانسحاب سيكون من المدن فقط حيث ستتمركز القوات في محوري نتساريم وفيلادلفيا لشن عمليات “جراحية”، كما يقول المحلل السياسي أحمد الحيلة.

ويرى الحيلة أن إمكانية إنشاء إدارة مدنية في غزة تحت حماية الاحتلال “غير وارد، لأن الجيش نفسه يرفض ذلك، في حين تراه الولايات المتحدة حاجزا أمام عمليات التطبيع التي تخطط لها.

إلى جانب ذلك، يقول الحيلة، فإن الدول العربية أبلغت وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في اجتماع خماسي بأنها لن تشارك بأي شكل في غزة طالما بقيت القوات الإسرائيلية، وأنها ستشارك فقط تحت شعار الدولة الفلسطينية وفي وجود حماس بشكل أو بآخر.

وعن طبيعة هذا الانتصار من الناحية العسكرية، يقول الخبير العسكري اللواء فايز الدويري إن حجم الخسائر الذي تعرضت له المقاومة خلال هذه الحرب غير معروف “وبالتالي فإن المواجهات على الأرض قد تعطي مؤشرا على هذا الضرر”.

وأشار الدويري إلى أن وجود عمليات نوعية ومتطورة في الشمال والوسط والجنوب “يؤكد أن المقاومة لا تزال قادرة على مواصلة حربها الدفاعية، وأن الحديث عن الانتصار غير واقعي”.

ويرى الخبير العسكري أن الإعلان عن نصر أحادي “سببه وصول المعارك لطريق مسدود، ووصول قادة الاحتلال العسكريين إلى قناعة بعدم إمكانية تحقيق النصر عسكريا، وتحولهم إلى الانشغال باليوم التالي للحرب”.

بناء على ذلك، فإن العمليات -بعد هذا الإعلان المرتقب- ستتحول إلى المداهمة المرتبطة بالمعلومات الاستخبارية المتعلقة بإعادة بناء المقاومة لقدراتها أو عودتها لإدارة بعض مناطق القطاع، فضلا عن أي معلومات بشأن الأسرى أو الأنفاق، “وستكون باستخدام قوة تتراوح بين كتيبة ولواء”، كما يقول الخبير العسكري.

التصعيد في جبهة لبنان

وعن التصعيد المحتمل مع حزب الله اللبناني، قال الحيلة إن الأمر يتعلق بمدى قدرة جيش الاحتلال على دخول حرب مباشرة في هذه الجبهة، مشيرا إلى أن قادة الاحتلال يخشون أثمان هذه الحرب لكنهم قد يراهنون على استعادة الردع الذي انهار في غزة.

وأعرب الحيلة عن اعتقاده بأن هناك رغبة جامحة لاستعادة الردع الإسرائيلي عبر عملية في لبنان طالما أصبح الأمر غير ممكن في غزة. وقال إن تأكيد واشنطن دعمها لتل أبيب في مواجهة مرتقبة مع حزب الله “ربما يدفع الإسرائيليين نحو دخول الحرب”.

ويرى المحلل السياسي أن الدخول في مواجهة حزب الله يحمل مخاطرة كبيرة من جانب نتنياهو لأنه قد يؤدي لانهيار فكرة الردع تماما في حال ضرب الحزب الداخل الإسرائيلي.

أما الدويري، فيرى أن ما يجري في لبنان مرهون بما سيحدث في غزة لأن إسرائيل التي دخلت القطاع بـ21 لواء تحتاج 30 لواء لمواجهة حزب الله وهي قوة لا يمكنها توفيرها حاليا في ظل امتلاك الحزب قوة أكبر بكثير من التي تمتلكها الفصائل في غزة فضلا عن أن لديه خطوط إمداد مفتوحة، وفق تعبير الخبير العسكري.

ومن هذا المنطلق، فإن الدخول في حرب واسعة مع حزب الله غير ممكن حاليا ويمثل مقامرة غير محسوبة رغم أنها تظل احتمالا قائما، برأي الدويري.

من جهته، يقول جبارين إن الواقع أثبت أن إسرائيل لديها أزمة في الحرب البرية تكشفت بوضوح في قطاع غزة الذي ما كانت لتحقق فيه شيئا لولا التدخل الحاسم من سلاح الجو.

كما أن الحرب على جبهة الشمال تتطلب ثمنا داخليا باهظا من إسرائيل لكن النجاة السياسية والحافز الأيديولوجي ربما يدفعان نتنياهو لشن هذه الحرب من أجل تهديد المنطقة بالاضطراب والضبابية من أجل ضم الضفة الغربية على الأقل ما لم يتمكن من ضم القطاع بشكل كامل.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *