رحلت الفنانة الفلسطينية البارزة، ريم اللو، بعد صراع مع المرض، مخلفة فراغًا كبيرًا في الساحة المسرحية الفلسطينية.
وأعلنت صفحة “المسرح الوطني الفلسطيني – الحكواتي” عبر فيسبوك أن جنازة الفنانة الراحلة أقيمت اليوم السبت في مدينة القدس. وسيتلقى ذووها العزاء في منزل عائلتها في كفر عقب لمدة 3 أيام.
وحرص الممثل الفلسطيني كامل الباشا على نعيها من خلال نشر صورة تجمعه بالفنانة الراحلة في أحد الأعمال المسرحية، وكتب “يرحل الأحباء وتبقى ذكراهم، وسط كل الموت المحيط بشعبا (بشعبها) للموت معنى آخر لا يدركه إلا من مات حقا”.
كما نعت جمعية المسرح الشعبي الفلسطيني الفنانة الراحلة عبر فيسبوك وكتبت: “بمزيد من الحزن والأسى تنعى جمعية المسرح الشعبي الزميلة الفنانة عضو مجلس الإدارة ريم اللو، حيث كان لها حضور مميز على الساحة الفنية من خلال المسرحيات والأعمال الفنية التي شاركت فيها وقدمت إضافة للفن وصورة المرأة في المشهد المسرحي والحياة الثقافية ستخلد ذكراها العطرة”.
وكتبت الفنانة الفلسطينية عبير صنصور: “بقلوب مكلومة وألم لا يوصف نودع اليوم الصديقة العزيزة ريم اللو، لن ننسى أبدا روحك الجميلة ونورك الذي يضيء خشبة المسرح”.
وأضافت الفنانة عبير “تركتِ بصمتك العميقة في قلوب كل من عرفك. ولن أنسى أبدا أجمل الأيام التي قضيناها معا أثناء تصوير مسلسل (الإخوة الغرباء) كنت أختا وصديقة للجميع، وروحك الحرة أبدا لم تعرف الاستسلام. وداعًا يا ريم ستبقين دائمًا في قلوبنا”.
ونعتها الفنانة شادن سالم وكتبت “الطيبون يغادرون باكرا، الفنانة الجميلة ريم اللو في ذمة الله”.
فن وإبداع ومقاومة
نشأت ريم اللو، المولودة في القدس، على حب الفن منذ طفولتها، فقد كانت في الخامسة من عمرها تتسلق برميل النفايات القريب من منزلها لتقمص شخصيات مختلفة شاهدتها على التلفزيون. وتمتعت بصوت جميل طورته بالدراسة حتى حصلت على بكالوريوس في التربية الموسيقية.
في أحد الحوارات، ذكرت أن كل من سمعها تغني في المناسبات أو الحفلات المدرسية كان يلاحظ جمال صوتها، وأوضحت أن صوتها الجميل كان بوابتها لاحتراف التمثيل في المسرح والتلفزيون والسينما. بدأت اللو مشوارها الفني في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، وعلى مدى عقود قدمت حوالي 30 عملا مسرحيا.
كانت أدوارها تعكس خصوصية الشعب الفلسطيني، فقد كانت ترى أن الإبداع والثقافة شكل من أشكال المقاومة، وأن الفن يجسد المواقف الإنسانية والحياتية، وهو ما انعكس بوضوح في أعمالها.
كما دافعت اللو عن قضايا المرأة في أعمالها، حيث كانت تؤمن بأن المرأة لا تقل أهمية عن الرجل في فلسطين، فهي أيضًا في حالة نضال. فكما يقوم الرجل بعملية فدائية، تقوم المرأة بالمقاومة من خلال تربية أبنائها ليصبحوا رجالاً.
جسدت الفنانة الفلسطينية ريم اللو شخصية والدة الأديب الأردني غالب هلسا في مسلسل “سلطانة”، وشاركت في أعمال درامية بارزة مثل “دفاتر الطوفان”.
وفي مسلسل “أبناء القلعة”، الذي أخرجه إياد نحاس، تناولت القصة هوية مدينة عمّان الحديثة والتي اكتسبتها من أصول متنوعة تشمل الأردنيين والفلسطينيين والسوريين خلال الفترة من أربعينيات القرن الماضي وحتى عام 1967.
ومن أبرز أعمالها المسرحية “القميص المسروق” لغسان كنفاني وإنتاج مسرح الحكواتي في القدس، و”جنان أم جرابات طوال” إنتاج مسرح الحرية في مخيم جنين، و”رحلات أبو الخيزران” إنتاج المسرح الشعبي في مخيم الأمعري للاجئين.
ومن أبرزها أيضا “قمر وسنابل” إنتاج فرقة وشاح للرقص الشعبي، وشاركت أيضا في مسرحية “ديمقراطي بالعافية” إخراج وليد عبد السلام، و”ديمقراطي ولكن” إخراج أحمد أبو سلعوم، و”كلمات غير متقاطعة” إخراج ضرار سليمان، وغيرها من المسرحيات.
وشاركت أيضا مع المخرج التونسي شوقي الماجري في مسلسل “الاجتياح” الذي تناول الإرهاب الذي يمارسه الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني.
في عام 2000 جسدت إحدى الشخصيات في مسلسل “الدرب الطويل” مع المخرج صلاح أبو هنود، والمسلسل تدور أحداثه عن المعاناة التي يعيشها المجتمع الفلسطيني تحت الاحتلال، من خلال أسرة فلسطينية فقيرة تعاني من الحياة الصعبة أثناء الاحتلال البريطاني ومن بعده الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.
وقدمت ريم اللو أيضًا تجارب سينمائية منها فيلم “تذكرة إلى القدس” للمخرج رشيد مشهراوي، وفيلم “شويش شويش” للمخرج رياض دعيس. وأصدرت ألبومين مع فرق غنائية فلسطينية. وفي عام 2022، كرّمها مهرجان فلسطين الوطني للمسرح عن مسيرتها الفنية.
كان آخر أعمال ريم اللو مشاركتها في الجزء الرابع من مسلسل “باب العامود”، وهو مسلسل كوميدي ساخر من إنتاج وكتابة إسماعيل الدباغ، يسلط الضوء على محاولات التهويد التي يفرضها الاحتلال على مدينة القدس الفلسطينية.
انعكس اهتمام ريم اللو بالوضع في فلسطين خلال أعمالها الدرامية التي شاركت فيها وتناولت القضية الفلسطينية بمعالجات مختلفة، اعتبرت ريم أن الفنان الفلسطيني لا بد أن يظل في حالة تواصل مع الوضع الداخلي، ولا يمكن فصل الحالة الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية تحت الاحتلال عن الوضع السياسي.