بعد تكثيف حزب الله من هجماته على بلدات حدودية في الشمال الإسرائيلي، يستعد السكان “القلائل المتبقين” في المنطقة الحدودية لـ”حرب وشيكة” مع الجماعة اللبنانية حتى يتم إبعادها عن الحدود والقضاء على قدرتها على تهديد إسرائيل أو تقليصها على الأقل مؤقتا، وفق تقرير لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل”.
أكبر وابل من الصواريخ والمسيرات
تتبادل إسرائيل وحزب الله حليف حماس، القصف بشكل يومي عبر الحدود منذ الهجوم الذي شنته الحركة في 7 أكتوبر على مناطق ومواقع إسرائيلية محاذية لقطاع غزة وأدى إلى اندلاع الحرب.
والأسبوع الماضي، أطلقت جماعة حزب الله المدعومة من إيران “أكبر وابل من الصواريخ والطائرات المسيرة” خلال الأشهر الثمانية التي تبادلت فيها الجماعة إطلاق النار مع الجيش الإسرائيلي بالتزامن مع الحرب في غزة.
وجرى إجلاء عشرات الآلاف من منازلهم على جانبي الخط الأزرق الذي يفصل بين إسرائيل ولبنان تاركين وراءهم مناطق مهجورة من قرى ومزارع معرضة للقصف بشكل شبه يومي.
والآن، لم يبقى سوى عدد قليل من السكان في شمال إسرائيل، وهم يعيشون وسط تبادل إطلاق النار الذي بدأ في 8 أكتوبر بين إسرائيل وحزب الله.
ومن بين هؤلاء آساف بن لولو الذي يقيم في إيلون، الذي يقع في شمال إسرائيل وعلى بعد 2.3 كيلومتر من الحدود مع لبنان.
وبن لولو هو واحد من عدة آلاف من جنود الاحتياط الذين يحرسون الحدود وسط تصعيد تدريجي للأعمال العدائية بين حزب الله والجيش الإسرائيلي.
ومع ذلك، فإن بن لولو ليس مجرد جندي على الحدود، لكنه أيضا مقيم بالمنطقة، وكانت تسكن معه زوجته موريا وطفليهما قبل التصعيد بين حزب الله وإسرائيل.
والآن أصبح بن لولو في المنزل بمفرده بينما تم نقل موريا والأطفال إلى منطقة أخرى بعيدة عن الحدود.
خطأ استراتيجي؟
مثل العشرات من المجتمعات الحدودية الأخرى، لا يسكن إيلون الآن بعض المدنيين ونحو 20 رجلا مثل بن لولو، الذي تتمثل خدمته الاحتياطية في حراسة البنية التحتية لمجتمعهم الذي كان نابضا بالحياة في السابق.
وقال بن لولو إن “إخلاء الشمال لمدة ثمانية أشهر هو خطأ استراتيجي”، ويأمل في “مواجهة وشيكة” مع حزب الله حتى يتم إبعاد الجماعة عن الحدود والقضاء على قدرتها على تهديد إسرائيل أو تقليصها على الأقل مؤقتا.
وفي شمال إسرائيل أصبح هجوم مسيرات حزب الله “أمرا روتينيا”، وقد تعلم السكان المحليون تجاهله.
وقال بن لولو: “نحن لن نخرج”، مشيرا إلى “آماله في عودته أسرته مرة أخرى”.
لكنه قال إن ذلك لن يحدث إلا إذا تم هزيمة حزب الله.
قام بن لولو بإجلاء عائلته بشكل مستقل من إيلون فور سماعه بالهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر، وقال: “لقد افترضت أن حزب الله سيهاجمنا، وكنت أعلم أنه ليس لدينا أي قوى يمكنها إيقافه”.
يتعين على بن لولو وزوجته موريا الآن أن يقررا ما إذا كانا سيسجلان أطفالهما في مدرسة بالمنطقة الذي تقيم فيها هي وأطفالها، أو الصمود على أمل العودة إلى إيلون بحلول سبتمبر.
وبالإضافة إلى الهجمات بالصواريخ والصواريخ المضادة للدبابات، حدثت زيادة ملحوظة في هجمات الطائرات المسيرة مما سلط الضوء على قوة الترسانة التي جمعها حزب الله منذ الصراع السابق بين الجانبين في 2006.
ويمكن لعناصر حزب الله، الوصول إلى إيلون في غضون ثماني دقائق على الدراجات النارية، وفضلا عن ذلك فصواريخ الجماعة اللبنانية ومسيراتها تحلق فوق المنطقة وغيرها من المجتمعات الحدودية بشكل متكرر.
ويدرك السكان المحليين مثل بن لولو، أن حزب الله لا يستطيع إطلاق النيران العشوائية فحسب، بل يمكنه أيضا استهداف وتفجير منازلهم أو عائلاتهم بدقة متناهية، حسبما تشير “تايمز أوف إسرائيل”.
ويفترض بن لولو أن إسرائيل ستقوم قريبا بتحييد قدرات حزب الله في مجال الطائرات بدون طيار.
أعمال عدائية واسعة النطاق؟
ينظر العديد من الإسرائيليين إلى هذا الوضع باعتباره مقدمة لأعمال عدائية واسعة النطاق في الشمال ولبنان، حيث يمتلك حزب الله عشرات الآلاف من الصواريخ التي يصل مداها إلى المراكز السكانية البعيدة عن الحدود مثل بئر السبع وديمونة.
ووجد استطلاع أجراه معهد سياسات الشعب اليهودي، وهو مركز بحثي مقره القدس، أن 36 بالمئة من المشاركين يؤيدون توجيه ضربة على الفور لحزب الله مقارنة مع 26 بالمئة كانوا يعتقدون ذلك الشهر السابق، وفق وكالة “رويترز”.
وفي إيلون، كانت سيما شمعوني، 69 عاما، التي تقيم منذ فترة طويلة، وزوجها من بين حفنة من المدنيين الذين بقوا هناك.
وقالت لـ”تايمز أوف إسرائيل”، إن “البقاء هو الوضع الافتراضي”.
لكنها “لا تلوم أحدا على مغادرته، بشكل مؤقت أو دائم”، على حد قولها.
ومثل بن لولو، تتوقع أن يغادر العديد من سكان المجتمعات المجاورة للحدود بغض النظر عما يحدث مع حزب الله.
لكن على عكس بن لولو، فهي لا ترغب في مواجهة مع حزب الله لأنها “تعارض الحرب من حيث المبدأ”.
“مؤشرات متباينة”.. هل تجتاح إسرائيل الأراضي اللبنانية؟
منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، يتبادل حزب الله وإسرائيل القصف بشكل شبه يومي، واشتد تبادل إطلاق النار في الأسابيع الأخيرة، فما تداعيات هذا التصعيد؟ وهل تجتاح القوات الإسرائيلية لبنان للمرة الثالثة؟
وخلال القصف المتبادل بين إسرائيل والجماعة اللبنانية والمستمر منذ ثمانية أشهر، أسفر التصعيد عن مقتل 471 شخصا على الأقل في لبنان بينهم 307 على الأقل من حزب الله وقرابة 91 مدنيا، وفق تعداد لوكالة “فرانس برس”.
وقتل حزب الله نحو 30 شخصا في إسرائيل منذ أكتوبر، من بينهم 10 مدنيين على الأقل، حسب “تايمز أوف إسرائيل”.