بعد أسبوع على قرار الرئيس إيمانويل ماكرون المفاجئ حل الجمعية الوطنية (البرلمان)، تبدأ فرنسا رسميا غدا الاثنين حملتها للانتخابات التشريعية المبكرة استنادا إلى اللوائح النهائية للمرشحين التي توصلت إليها الأحزاب والتحالفات التي تم تشكيلها على عجل.
وأتمت الأحزاب والتكتلات الفرنسية -مساء اليوم الأحد- تسجيل مرشحيها في 577 دائرة انتخابية، وتنطلق الحملة الانتخابية صباح غد للتنافس في الجولة الأولى التي ستجري يوم 30 يونيو/حزيران الجاري، في حين ستجري الجولة الثانية في السابع من يوليو/تموز المقبل.
تقدم اليمين المتطرف
وتقول نتائج الاستطلاعات الأولية التي أجريت في الأيام الأخيرة إن حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف هو الأوفر حظا للفوز في الجولة الأولى، وذلك بعد حصوله على 31.4% من أصوات الفرنسيين الذين شاركوا في انتخابات البرلمان الأوروبي التي جرت بين السادس والتاسع من يونيو/حزيران الجاري.
وأعلن زعيم حزب التجمع الوطني جوردان بارديلا (28 عاما) -الذي اعتبره الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي “عديم الخبرة” وقال إنه لا يصلح لتولي منصب رئيس الوزراء- أنه سيكون هناك “مرشح مشترك” مع اليمين “في 70 دائرة انتخابية”.
كما أكد بارديلا -اليوم الأحد- رغبته في خصخصة قطاع الإعلام العام المرئي والمسموع “على المدى الطويل” في حال وصول حزبه إلى السلطة، في حين أعلنت ماري كارولين لوبان شقيقة زعيمة نواب التجمع الوطني مارين لوبان ترشحها لهذه الانتخابات.
استطلاعات الرأي
وحسب استطلاع أجراه الأحد معهد “إيلاب” لشبكة “بي إف إم تي في” التلفزيونية وصحيفة “لا تريبون”، فإن واحدا من كل 3 فرنسيين يرغب في فوز حزب التجمع الوطني، وواحدا من 4 يريد فوز تحالف اليسار وواحدا من 5 يأمل بفوز حزب النهضة، الذي يتزعمه ماكرون.
كما حافظ حزب التجمع الوطني على تقدمه، وفقا لاستطلاع آخر أجراه معهد “إيفوب” ونشرته اليوم الأحد صحيفة “لو جورنال دو ديمانش”.
وحسب الاستطلاع -الذي أجري يومي 13 و14 يونيو/حزيران الجاري- حصل حزب التجمع الوطني على 35%، في حين حصلت الجبهة الشعبية اليسارية على 26% مقابل 25%، وحصل حزب النهضة على 19%.
وفاز الجمهوريون الذين ينتمون إلى تيار يمين الوسط بـ7%، في حين حاز حزب الاسترداد اليميني المتطرف 3%.
تحالف يساري غير متجانس
وبالنسبة لأحزاب اليسار، فقد كان التوجه معروفا منذ تشكيل جبهة جديدة بينها على عجل سُميت الجبهة الشعبية، وهي تحالف يضم فيليب بوتو المناهض للرأسمالية ورئيس الجمهورية السابق فرانسوا هولاند، الذي تمكن خلال أيام قليلة من الاتفاق على برنامج وترشيحات.
ونال هذا التحالف دعم رئيس الوزراء الاشتراكي السابق ليونيل جوسبان (1997-2002) الذي رأى فيه “الحصن” الوحيد القادر على هزيمة اليمين المتطرف، لكنه تحالف لا يزال يعاني من عدم التجانس التام.
فالقوة المهيمنة في اليسار هي حزب “فرنسا الأبية” (يسار راديكالي) الذي رفض إعادة ترشيح نواب انتقدوا نهج رئيس الحزب جون لوك ميلانشون، والمرشح السابق للانتخابات الرئاسية.
وقال ميلانشون -في حديث للقناة الثالثة في التلفزيون الفرنسي (فرانس 3)- إن “الترشيحات مدى الحياة غير موجودة”، وأضاف “إذا كنتم تعتقدون أنه يجب ألا أكون رئيسا للوزراء، فلن أكون”.
معسكر ماكرون
وفي معسكر الرئيس ماكرون، وبعد الهزيمة في الانتخابات الأوروبية التي شهدت تقدم حزب التجمع الوطني بفارق كبير، وبعد مفاجأة حل البرلمان، هناك محاولات لإعادة التعبئة بقيادة رئيس الوزراء غابرييل أتال.
وبشأن القدرة الشرائية، وهي الهم الأول للفرنسيين، وعد أتال -أمس السبت- بإجراءات عدة في حال الفوز، مثل تخفيض فواتير الكهرباء بنسبة 15% ابتداء من الشتاء المقبل، أو زيادة مبلغ المكافأة المعروفة باسم “ماكرون” الذي يمكن للشركات أن تدفعه لموظفيها.
ومن جهته، حذر وزير الاقتصاد برونو لومير الأحد من رفع الحد الأدنى الشهري للأجور إلى 1600 يورو حسبما يقترح اليسار، وقال إن ذلك سيؤدي إلى “بطالة بأعداد كبيرة”.
وفي صفوف اليمين التقليدي، شهدت البلبلة التي تهز حزب الجمهوريين تقلبات جديدة مع إبطال محكمة باريس الجمعة قرار المكتب الوطني للحزب إقصاء رئيسه إريك سيوتي بعد دعوته لتشكيل تحالف مع التجمع الوطني، في وقت أكد فيه بارديلا أن حزبه سيقدم “مرشحا مشتركا” مع الحزب اليميني “في 70 دائرة”.
مظاهرات ضد حزب لوبان
التخوف من وصول اليمين المتطرف إلى السلطة أخرج -أمس السبت- عشرات الآلاف في مظاهرات دعت إليها نقابات عمالية وجماعات طلابية وأخرى لحقوق الإنسان، وعمت أنحاء فرنسا.
وقالت السلطات إن نحو 250 ألف شخص خرجوا للتظاهر في العاصمة باريس ومدن أخرى، في حين قالت نقابة الكونفدرالية العامة للعمل إن عددهم كان نحو 640 ألفا.
ونشرت وزارة الداخلية الفرنسية نحو 21 ألف شرطي لتأمين ما لا يقل عن 150 مسيرة ومظاهرة خرجت في مدن، من بينها باريس ومرسيليا وتولوز وليون وليل، واعتقلت في أثنائها بعض المتظاهرين.
وأعرب المتظاهرون عن خوفهم من أن يفوز حزب التجمع الوطني في جولتي الانتخابات، فيصبح بارديلا رئيسا للوزراء.