سلط تحليل لمجلة “فورين بوليسي” الأميركية، الضوء على جهود الرئيس الأميركي، جو بايدن، من أجل وقف إطلاق النار في غزة بناء على “المقترح الإسرائيلي” الذي تم الإعلان عنه قبل أكثر من أسبوعين.
وجاء في التحليل الذي كتبه، الزميل أول في مؤسسة كارنيغي للسلام، آرون ديفيد ميلر، والزميل البارز في معهد كوينسي للحكم المسؤول، ستيفن سايمون، أن “أي شخص يحاول فهم محاولة الرئيس الأميركي للترويج للخطة الإسرائيلية، يحتاج إلى إلقاء نظرة فاحصة على التوقيت وكيف يقوم كل من اللاعبين الرئيسيين الثلاثة بحساباتهم”.
وقال كاتبا التحليل إن “هناك 3 ساعات تدق بمعدلات مختلفة”، وذلك في إشارة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل وحماس.
وأضافا: “اثنتان من هذه الساعات تخصان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وزعيم حركة حماس في غزة يحيى السنوار، وهما مضبوطتان على التأخير والتعتيم”.
أما الساعة الثالثة في البيت الأبيض؛ فـ”تعمل بسرعة، وعقاربها متشابكة مع متطلبات سياسية ملحة”، وفقا للمجلة.
أكسيوس: بايدن يرسل مستشارا كبيرا إلى إسرائيل “لمنع التصعيد مع لبنان”
كشف موقع “أكسيوس” الأميركي، نقلا عن مسؤولين إسرائيليين، أن المبعوث الأميركي الخاص، عاموس هوكستين، سيصل إلى إسرائيل الإثنين، لإجراء محادثات لمنع تحول التصعيد بين إسرائيل وحزب الله إلى “حرب شاملة”.
“الاعتماد على الوقت”
وأشار تحليل “فورين بوليسي” إلى أنه في الوقت الحالي، وربما في المستقبل المنظور، “قد تعمل هذه الساعات الثلاث بشكل غير متزامن، حيث إن آفاق تنسيقها ضئيلة؛ فبالنسبة لنتانياهو والسنوار، فالوقت هو حليف، أما بالنسبة إلى بايدن، فالوقت عدو يتقدم بسرعة ضد إنهاء الحرب”.
ومع ذلك، حتى لو تمكن الجانبان (إسرائيل وحماس) من الالتزام بالمقترح، فمن المرجح جدا أنهما “سيكونان قادرين فقط على تنفيذ المرحلة الأولى”، خصوصا أنه “مع انعدام الثقة المتبادلة” تقريبا، فإن تحقيق ذلك حتى سيكون بمثابة “معجزة”، وفقا للتحليل.
وأعلن بايدن في 31 مايو الماضي، عن “مقترح إسرائيلي” من 3 مراحل لإنهاء الحرب في غزة، داعيا جميع الأطراف إلى عدم تفويت فرصة التوصل لصفقة تنهي النزاع المستمر منذ أكثر من 8 أشهر.
ويتضمن المقترح في مرحلته الأولى التي ستستمر لمدة 6 أسابيع، وقفا كاملا لإطلاق النار، وانسحاب القوات الإسرائيلية من جميع المناطق المأهولة بالسكان في غزة، وإطلاق سراح عدد من الرهائن الإسرائيليين، بمن فيهم النساء والمسنين والجرحى، مقابل إطلاق سراح مئات السجناء الفلسطينيين.
وخلال هذه المرحلة ستتفاوض حماس وإسرائيل على الإجراءات الضرورية لتنفيذ المرحلة الثانية، والتي تتضمن خارطة طريق، “لإنهاء دائم للأعمال العدائية، وتبادل وإطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين، وحتى الجنود الذكور. كما ستشمل انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة”.
أما المرحلة الثالثة فتتضمن خطة إعادة إعمار كبرى لغزة، وإعادة ما تبقى من رفات الرهائن الذين قتلوا إلى عائلاتهم.
وأضاف كاتبا التحليل: “استنادا إلى تجربتنا، تميل المفاوضات في الشرق الأوسط إلى أن تكون بسرعتين؛ بطيئة وأبطأ. وهذه ليست مفاوضات تقليدية، حيث إن صانع القرار الفلسطيني الرئيسي المختفي في مكان ما في غزة، أو ربما في مصر؛ لا يثق في أن الآخر سيلتزم باتفاق. كما أن المفاوضات تُجرى بشكل غير مباشر من قبل الولايات المتحدة، وإسرائيل، وقطر، ومصر، والتي ليست أهدافها دائما متوافقة تماما”.
وإلى جانب ذلك، ووفق التحليل، فإن “الواقع غير المريح، هو أن نتانياهو والسنوار ليسا في عجلة من أمرهما للموافقة على تنازلات صعبة ومطلوبة لإنهاء الحرب”.
حماس تطالب واشنطن بـ”الضغط” على إسرائيل من أجل وقف دائم لإطلاق النار في غزة
طالبت حركة حماس فجر الخميس الولايات المتّحدة بـ”الضغط” على إسرائيل من أجل التوصّل إلى وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة.
“دبلوماسية القط الميت”
واستشهد كاتبا التحليل بوزير الخارجية الأميركي الأسبق، جيمس بيكر، الذي يطلق على هذا النوع من المفاوضات بـ”دبلوماسية القط الميت”، حيث يكون الهدف أقل للوصول إلى اتفاق وضمان أنه إذا فشلت المفاوضات، سيلقي كل طرف المسؤولية على الآخر.
وخلال تسعينيات القرن الماضي، كان بيكر يهدد بترك “القطة الميتة” أمام الطرف الذي يتمرد خلال المفاوضات، وذلك في جولاته لحل النزاع في منطقة الشرق الأوسط، وبمعنى آخر أنه سيلقي بمسؤولية الفشل على عاتق هذا الطرف، وفق ما ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية في مايو الماضي.
وأشار تحليل فورين بوليسي، إلى أن “حماس غير موحدة بشكل كامل لاتخاذ قرار، إذ إن هناك جبهة في الداخل تقاتل وأخرى في الخارج، وتتباعد وجهات النظر والمصالح بين هذه القيادات، مع تآكل سيطرة قيادات الخارج على مجريات الحرب”.
وحسب المجلة، فإن “السنوار يعتمد على خطتين.. الأولى زيادة الضغط الدولي على نتانياهو للموافقة على وقف إطلاق النار، مما يجعله قادرا على السيطرة على غزة دون خوف من هجوم إسرائيلي متجدد. وهذا سيكون بالفعل انتصارا تاريخيا لحماس رغم التكلفة الفظيعة”.
أما الخطة الثانية، فتتضمن “إطارا زمنيا لامتناهي، يهدف إلى احتلال إسرائيل لغزة، واستنزافها دبلوماسيا وعسكريا وماليا إلى الأبد”، وفقا للتحليل الذي نوه بأنه في هذه المرحلة، “يبدو أن السنوار مستعد للتحول، من الخطة الأولى إلى الثانية”.
وبالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، فإنه “لا يمكنه إنهاء الحرب دون نصر كبير، كما لا يمكنه الحفاظ على دعم وزرائه من اليمين المتطرف، بالاعتراف بأن حماس ستبقى لتلعب دورا في غزة ما بعد الحرب، أو تأييد عودة السلطة الفلسطينية أو الدولة الفلسطينية، وهو الثمن الذي يتوقعه السعوديون والأميركيون مقابل تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية”، حسب كاتبي التحليل.
ورغم أن مقترح وقف إطلاق النار إسرائيلي وباركه مجلس الحرب، فإن نتانياهو، وفق المجلة، “يعرف أنه لن يحصل على موافقة وزرائه المتطرفين، حيث من المرجح أن يلعب على عامل الوقت، على أمل أن يكون رد حماس على اقتراح وقف إطلاق النار هو القشة التي تقصم ظهر البعير”.
واستطرد التحليل: “بناء على رد فعل الولايات المتحدة على التغييرات التي أدخلتها حماس على المقترح، قد يكون نتانياهو على حق”.
والأربعاء، قالت حركة حماس إنها سلمت الوسطاء ردا “إيجابيا” على الخطة الأميركية لوقف إطلاق النار بقطاع غزة، مما يفتح “طريقا واسعا” للتوصل إلى اتفاق، وفقا لوكالة رويتزر، والتي نقلت في المقابل عن مسؤول إسرائيلي، قوله إن الحركة رفضت مقترح إطلاق سراح الرهائن، وأنها “غيّرت كل المعايير الرئيسية والأكثر أهمية (في الاقتراح)”.
وأكد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الأربعاء، أن حماس اقترحت عدة تغييرات “بعضها غير قابل للتنفيذ” على الاقتراح، لكنه أضاف أن الوسطاء عازمون على سد الفجوات.
ووفقا للتحليل، فإن “التحدي الرئيسي أمام بايدن هو سياسي، كون الانتخابات (الرئاسة الأميركية) على بُعد 5 أشهر فقط”.
ومع ذلك، أشار إلى أن “غزة، بالطبع ليست القضية الوحيدة في أذهان الناخبين وليست بالأهمية الكبرى، باستثناء مجموعات مثل الأميركيين العرب وربما الناخبين لأول مرة ممن لا يفضلون البديل غير المرغوب فيه دونالد ترامب. ومع ذلك يمكن أن تسحب بعض الأصوات في اللحظة التي يحتاج إليها بايدن حقا”.
وتابع: “مع عدم وجود تأثير على السنوار، يتعين على بايدن محاولة إقناع نتانياهو بقبول اتفاق وقف إطلاق النار الذي سيحافظ على الأمور هادئة نسبيا لمدة 4 أو 5 أشهر على الأقل. ولهذا، سيطلب نتانياهو ثمنا كبيرا”.
النقاط الشائكة في محادثات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس
يحظى الاقتراح الأخير بوقف إطلاق النار في غزة بدعم الولايات المتحدة وأغلب المجتمع الدولي، ولكن حماس لم تتبنه بشكل كامل، وكذلك إسرائيل على ما يبدو.
هل هناك مخرج؟
في الوقت الحالي، “خلق نتانياهو والسنوار طريقا مسدودا استراتيجيا”، وفقا للتحليل الذي أشار إلى أنه “حتى لو نجح بايدن في إقناع حماس وإسرائيل بقبول الخطة، فمن المرجح أن أحدهما أو كليهما سيخرقان التزاماتهما ولن يتجاوزا المرحلة الأولى”.
واستطرد التحليل: “بإمكان نتانياهو بالتأكيد بيع ذلك لحكومته، وسيستفيد بايدن من فرصة حتى لستة أسابيع من الهدوء، على أمل أن تتزايد الضغوط لإنهاء الحرب بعد فترة طويلة من الزمن”.
لكن حتى لو وافقت حماس، لن تتم حل أي من المسائل الأساسية التي يتطلبها إنهاء الحرب، وفق التحليل، إذ “ستواصل حماس احتجاز الرهائن، ولن يتم إنشاء هيكل حكومي أو أمني قادر على إدارة غزة، ويلبي متطلبات إسرائيل، مما يعني كل ذلك استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية”.
ومع ذلك، اختتم الكاتبان التحليل بالقول: “ربما ستأتي أحداث غير متوقعة لتفاجئ الجميع، كما يحدث غالبا في هذا الجزء من العالم. لكن تجربتنا توحي بأن المفاجآت ستأتي في شكل فوضى غير متوقعة ومفارقات مأساوية”.
واندلعت الحرب في قطاع غزة، إثر هجوم حماس (المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى) غير المسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر، مما أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.
وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل بـ”القضاء على حماس”، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أُتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، أسفرت عن مقتل أكثر من 37 ألف فلسطيني، معظمهم نساء وأطفال، وفق ما أعلنته السلطات الصحية بالقطاع.