بعد ساعات من منشور “الموت حلو”.. وفاة الكاتب السوري البارز فؤاد حميرة في “المنفى”

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 9 دقيقة للقراءة

رغم أن التدريبات التي تجريها روسيا لضباط وعناصر جيش النظام السوري ليس جديدة على المسرح الميداني لسوريا، إلا أنها أخذت خلال الأشهر الثلاثة الماضية شكلا جديدا يقوم على تعليمهم آلية “اصطياد” الطائرات المسيّرة واستخدام بقية الأسلحة اللازمة لـ”الحرب الإلكترونية”.

سلاح “غاربيا” كان أبرز تلك الأسلحة، بحسب صور ومقاطع فيديو نشرها صحفيون سوريون وشبكات إخبارية بكثرة عبر مواقع التواصل، ودائما ما كان يظهر فيها مجموعة من الضباط الروس وبمحيطهم آخرون من جيش النظام. وبيد الطرفين “بندقية سوداء” لا تشبه مثيلاتها الكلاسيكية.

ويقول خبراء دفاع وباحثون سوريون لموقع “الحرة” إن التدريبات الروسية بشكلها الجديد والحالي تندرج دوافعها ضمن “مسارين”.

وبينما يتعلق الأول بتحول التكتيكات العسكرية في محيط المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة في شمال سوريا، يرتبط الثاني بما فرضته الحرب الروسية في أوكرانيا، مع أنها ساحة بعيدة.

وتعلن وزارة الدفاع الروسية منذ سنوات وباستمرار عن تدريبات ومناورات مشتركة مع جيش النظام السوري، وكان آخرها قبل أسبوع في القاعدة التي أسستها موسكو بمدينة طرطوس الساحلية.

وسبق وأن كشفت عن تدريبات خاصة لفرق من جيش الأسد على القفز بالمظلات، وتحدثت في عدة أوقات أيضا عن “مشاريع عسكرية تكتيكية” حضر إحداها شقيق رئيس النظام السوري ماهر الأسد.

وفي حين لم تكشف رسميا عن تدريباتها على “اصطياد” الطائرات المسيرة وأدوات “الحرب الإلكترونية” الأخرى أكدت مصادر تابعة للنظام السوري ذلك وما تزال تنشر عنها وتربطها مع الشكل الجديد للاستهدافات التي باتت تتبعها في شمال البلاد، والقائمة على استخدام “المسيّرات الانتحارية”.

“بين سوريا وأوكرانيا”

ومنذ بداية العام الحالي ازدادت التهديدات العسكرية التي كانت تتعرض لها مناطق فصائل المعارضة في شمال سوريا واحدة.

وبعدما كانت تلك المناطق تشهد قصفا يوميا بالقذائف والصواريخ والغارات الجوية وجد مدنيون وعسكريون أنفسهم منذ بداية شهر يناير الماضي أمام خطر “مسيّرات انتحارية” تأتي من بعيد وتطلقها قوات الأسد بشكل مكثف ومفاجئ.

الاستهدافات بـ”المسيرات” أسفرت عن مقتل عدد من المدنيين بحسب ما وثق “الدفاع المدني السوري” في سلسلة بيانات، وقال في وقت سابق إنها “قوّضت سبل عيش السكان، ومنعتهم من الوصول إلى أراضيهم الزراعية واستثمارها”.

وما يزال الوضع المذكور قائما حتى الآن، حيث تواصل قوات الأسد قصفها مناطق الشمال السوري وبالتحديد أطراف محافظة إدلب بالطائرات المذخّرة بدون طيار.

ورغم أن فصائل المعارضة تتبع ذات المسار، إلا أن النوع الذي تستخدمه “تصنيع محلي” ولا ينافس من ناحية التوجيه نحو الهدف والضرب بدقة، كما يشير الخبراء والمراقبون.

أما فيما يتعلق بسلاح “غاربيا” فيوضح محلل الدفاع في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في بريطانيا، فابيان هينز أنه عبارة عن “بندقية تشويش”.

ويقول لموقع “الحرة” إن التدريبات التي يجريها الروس عليه تذهب باتجاه تلقين العناصر والضباط السوريين آلية التشويش عبره، لاستهداف إشارة الطائرات الصغيرة.

ومنذ بداية حرب روسيا في أوكرانيا روجت وسائل إعلام روسية للسلاح المذكور، ونشرت عدة صور في أثناء استخدامه في ساحة العمليات هناك.

ويشير تقرير لوكالة “نوفوستي” إلى أن “غاربيا” يسيطر على الطائرة المسيرة.

وتذكر الوكالة أيضا أن البندقية السوداء تفقد اتصال “المسيّرة” بوحدة التحكم الرئيسية الأساسية (مطلقها)، كما تستطيع تجميدها في مكانها أو نقلها إلى “نقطة بداية”.

“لعبة قط وفأر”

وفقا لمحلل الدفاع هينز فإن التدربيات الروسية لقوات النظام السوري على “غاربيا” غالبا ما تتركز على عملية “حظر الاتصال اللاسلكي بين المشغل والطائرة بدون طيار”.

وما يمكنهم فعله أحيانا هو حظر إشارة GPS.

ويتابع هينز: “كمثال: إذا كان لديك طائرة بدون طيار يتم توجيهها بواسطة نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) أو تعتمد عليه فيمكن لبعض هذه الأسلحة (مثل غاربيا) حجب الإشارة”.

وروسيا أحد الحلفاء الرئيسيين لرئيس النظام السوري، بشار الأسد. وساعد تدخلها مع إيران في تحويل الدفة لصالح الأسد في الصراع المستمر منذ 13 عاما في البلاد.

وعلى مدى السنوات الماضية أبرمت موسكو عدة اتفاقيات بعد سلسلة عمليات عسكرية، وثبتت بموجبها الجبهات على الأرض.

ومع ذلك يعتقد مراقبون أنها ورغم ذلك، أي تثبيت الصراع، إلا أنها تخشى “الخطر القادم من السماء”، وعلى أساس ذلك تكّثف تدريباتها على اعتراض “المسيّرات” وآلية إسقاطها.

وغالبا ما تنطلق مسيّرات قوات الأسد في شمال سوريا باتجاه مناطق سيطرة فصائل المعارضة من خطوط التماس على مسافة لا تتجاوز الـ 3 كيلو مترا، وأحيانا تكون الهجمات بأكثر من طائرة أو طائرتين بنفس التوقيت.

وكان الزج بها من جانب جيش النظام أخذ صورة مكثفة بعدما استهدفت طائرة مسيّرة الكلية الحربية بحمص وسط البلاد، مما أسفر عن مقتل عشرات الطلاب الضباط.

وما تزال ملابسات حادثة الكلية الحربية غامضة حتى الآن، وبينما لم يحدد النظام السوري وروسيا جهة بعينها تقف وراء الهجوم الكبير ألمحت وسائل إعلامهم إلى مسؤولية إحدى التشكيلات المسلحة العاملة في محافظة إدلب.

ويوضح الباحث هينز أن المدى الخاص بسلاح “غاربيا” الروسي قصير جدا، ويمكن وضعه كنقطة “دفاع”.

وكذلك لا يمكن للبندقية الدفاع عن مساحات كبيرة، إذ يقتصر عملها ضمن مساحات صغيرة فقط.

وعندما نتحدث عن الطائرات بدون طيار والإجراءات المضادة لها، فهي “لعبة قط وفأر” على حد تعبير هينز.

ويشرح حديثه بالقول: “في بعض الأحيان قد يكون لديك إجراء ضد طائرة بدون طيار.. لكنه قد يعمل لبضعة أسابيع فقط ثم يقوم الجانب الآخر بإجراء تحسينات تتطلب أدوات أخرى”.

“روسيا تستشعر الخطر”

وبعد وقف العمليات العسكرية في سوريا بموجب الاتفاقيات في درعا والغوطة وحمص وقبلها “أستانة”، بدأت روسيا بتدريب الجيش السوري “لأنها تريده قويا وقادرا على حماية الدولة بعيدا عن الميليشيات الخاصة”، بحسب حديث محمود الفندي.

ومن ناحية أخرى يقول المحلل السوري المقيم في موسكو لموقع “الحرة” إن التدريبات الخاصة على اعتراض “الطائرات المسيرة” لها معنى آخر.

الفندي يعتبر أن “روسيا لديها معلومات أن أوكرانيا سلمت فصائل عسكرية في شمال غرب سوريا طائرات مسيّرة انتحارية”، وكانت إحدى المسيرات استهدفت الكلية الحربية بحمص، على حد قوله.

ويضيف: “ولذلك من المهم حماية الجيش السوري وتدريبه”، وأنه بالإضافة إلى البندقية “غاربيا” نشرت روسيا قواعد دفاعات إلكترونية في المنطقة.

ويوضح الباحث السوري في مركز “جسور للدراسات”، وائل علوان أنه من الملاحظ أن روسيا تفاعلت بشكل كبير جدا مع الشكل الجديد للحروب في العالم، التي تعتمد على التطور الرقمي والأساليب الجديدة للقتال عن بعد وأهمها “المسيّرات”.

ويرى علوان في حديثه لـ”الحرة” أن موسكو تخشى بالفعل على مصالحها من “المخاطر القادمة من السماء”.

وتستشعر أيضا أن “الحرب في أوكرانيا قد تطول، وربما تفتح جبهات أخرى أو تتوسع أخرى”.

ولذا ووفقا لحديث الباحث السوري فإن “روسيا بحاجة لإعداد مقاتلين ومجموعات قادرة على التفاعل مع الشكل الجديد والمتسارع لأدوات الحرب والأسلحة المتطورة وخاصة المسيرات”.

وعلاوة على أنها تستفيد من وجودها في سوريا تحظى تحركاتها الحالية بعامل مهم يرتبط بـ”التنسيق مع إيران”، وهي من الدول الفاعلة بملف التصنيع الحربي المسيّر.

“سوريا ليست أوكرانيا”

وبعد العمليات العسكرية الأخيرة التي حصلت في محيط إدلب السورية، عام 2020، لم يدخل “الجيش السوري” بأي معارك كبيرة كما تلك التي قادها مع روسيا أولا.

وفي الوقت الحالي لا توجد مؤشرات إلى أي تغيّر قد يطرأ على الجبهات الفاصلة بين أطراف الصراع، مع أن الهجمات بالمسيرات متواصلة على أكثر من جبهة حتى الآن.

ولا يعرف ما إذا كان الروس هم الذين يقودون مجريات استخدام هذا التكتيك الجديد بالفعل على الأرض، وما إذا كان الإيرانيون على الخط أيضا.

ويعتبر محلل الدفاع هينز أن “سوريا ليست مثل أوكرانيا”، قاصدا المواجهة الحاصلة بـ”الطائرات المسيّرة الانتحارية”.

ولذلك “لا يوجد نفس القدر من الجهد لإنتاج طائرات بدون طيار وتطوير التقنيات كما هو الحال في أوكرانيا”.

ومن المحتمل أن تظل الأسلحة المضادة للطائرات بدون طيار وبينها “غاربيا” فعالة جدا ضد الطائرات الصغيرة بدون طيار مثل المروحيات الرباعية المتوفرة تجاريا، وفق حديث هينز.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *