“كل العيون على رفح”، صورة اجتاحت شبكات التواصل الاجتماعي خلال الفترة الماضية بهدف التوعية بآثار الحرب في غزة والتي راح ضحيتها عشرات الآلاف من المدنيين غالبيتهم من الأطفال والنساء.
ورغم حملات مضللة تشهدها هذه الشبكات إلا أنها أثبتت أهميتها في توجيه الأنظار للحرب التي تدور في الشرق الأوسط منذ ثمانية أشهر.
مات نافارا، خبير متخصص في تحليل شبكات التواصل الاجتماعي، يقول لوكالة أسوشيتد برس إن حملة “كل العيون على رفح” وسيلة للناس “لتقديم دعمهم والمساعدة في نشر الرسالة” لما يحدث في المنطقة.
ويشير إلى أن المشاركة فيها يمثل مساهمة في “التغيير بأي طريقة صغيرة ممكنة”.
الحملات ذات الطابع السياسي والاجتماعي على منصات التواصل المختلفة ليست جديدة، إذ استطاعت حملات خلال فترات سابقة الاستحواذ على الاهتمام وتوجيه الأنظار نحوها، مثل حملة “مي تو”، وحملات “حياة السود مهمة” وحتى حملات “الربيع العربي” التي شكلت شرارة الاحتجاجات في بعض الدول في عام 2011.
وتشير الوكالة إلى أن إسرائيل استخدمت شبكات التواصل الاجتماعي منذ بداية الحرب من أجل “توثيق عنف حماس، ومحنة الرهائن” طوال فترة الحرب.
وفي المقابل انتشرت حملات لصور أو تصاميم استحوذت على خوارزميات شبكات ومنصات التواصل الاجتماعي لتلقي الضوء على مأساة إنسانية يعيشها الفلسطينيون في غزة.
وبصرف النظر عن هذه الحملات وتوجهاتها، يشير نافارا إلى أن الهدف الأسمى لها هو “التأثير على من يستطيع إحداث التغيير، أكانوا رؤساء أو وزراء أو أصحاب نفوذ”، مضيفا “يمكن أن يكون لها تأثير كبير”.
الناشطة الأميركية من أصول فلسطينية، نورا عريقات، وصفت لأسوشيتد برس بعض الحملات والمنشورات التي تنتشر على أنها “رد فعل واستجابة غريزية لفشل النظام الدولي في القيام بعمله”.
وتشير عريقات وهي أكاديمية في جامعة روتجرز في ولاية نيوجيرزي الأميركي إلى أن ما نراه عبر هذه المنصات “مجرد تدفق للغضب والإحباط في وقت واحد، وإدانة عالمية لقدرة المؤسسات الدولية على ممارسة ضغط حقيقي على إسرائيل”.
وتقول إن شعار “كل العيون على رفح” هدفت إلى “تبسيط التركيز على الحملة العسكرية الإسرائيلية” وتوجيه الأنظار لها لـ”التدقيق فيها”.
وتستطرد عريقات إن “الوقوف باهتمام واستعداد يضمن المراقبة عن كثب والتدقيق بعناية، حتى لا يتم تجاهل الفظائع الإسرائيلية”.
وليست الصورة التي تحمل شعار “كل العيون على رفح” هي وحدها ما لقيت انتشارا عبر المنصات والتطبيقات المختلفة، إذ تنتشر صورة “بيضة بالعلم الفلسطيني” عبر إنستغرام.
الحساب الذي يحمل اسم “وورلد ريكورد إيغ” أي (البيضة صاحبة الرقم القياسي)، يتابعه أكثر من خمسة ملايين مستخدم، ويوضح في المنشور الذي يحمل صورة البيضة إنه يستهدف تحقيق رقما قياسيا جديدا بأكثر صورة تحظى بـ”إعجابات” عبر إنستغرام.
ويلفت إلى أن الرقم الحالي يحمله منشور لصورة لنجم كرة القدم ليونيل ميسي، والتي حازت على 70 مليون إعجاب، وحتى الآن حظيت الصورة بنحو 2.3 مليون إعجاب في ثلاثة أيام.
ورغم أن الحرب مستمرة منذ أشهر إلا أن هذه المنشورات الأخيرة اكتسبت زخما كبيرا عبر شبكات التواصل الاجتماعي منذ الغارة الجوية التي نفذها الجيش الإسرائيلي في مدينة رفح، حيث تتجه الأنظار الجميع وتتخوف من كارثة إنسانية إذا ما نفذ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو تهديداته بهجوم موسع في رفح.
وأفاد مصدر محلي لوكالة فرانس برس بأن طائرات إسرائيلية أغارت على شرق مدينة رفح ووسطها، التي بدأ الجيش الإسرائيلي شن عمليات برية فيها، مطلع مايو الماضي.
وأدى الهجوم على رفح، الذي دفع مليون فلسطيني بحسب الأمم المتحدة إلى الفرار من المدينة، إلى إغلاق المعبر مع مصر الذي يعد أساسيا لدخول المساعدات الدولية إلى القطاع المحاصر.
وقام مؤثرون ومشاهير عبر إنستغرام بمشاركة صور ومنشورات ساهمت في نشر حملة “كل العيون على رفح”، مثل نجوم هنود مثل علياء بهات وبريانكا شوبرا جوناس وكارينا كابو خان، وعارضة الأزياء الأميركية، بيلا حديد، والكوميدي حسن منهاج، والمغنية البريطانية دو ليبا، وغيرهم.
وكان الجيش الإسرائيلي أعلن، الخميس، أنه نفذ ضربة جوية “مميتة” على مدرسة تابعة للأونروا في وسط غزة قال إنها تؤوي “مجمعا لحماس” وأوضح في بيان أن “طائرات مقاتلة.. نفذت ضربة دقيقة استهدفت مجمعا تابعا لحماس داخل مدرسة للأونروا في منطقة النصيرات”.
وأعلن مستشفى في قطاع غزة الخميس ارتفاع عدد قتلى الغارة الجوية الإسرائيلية على مدرسة تابعة للأونروا في وسط غزة إلى 37 قتيلا، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي مسؤوليته عن الضربة قائلا إنها تؤوي “مجمعا لحماس”.
وأعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري الخميس أن حوالي ثلاثين مسلحا من حركتي حماس والجهاد الإسلامي كانوا مختبئين في ثلاث فصول دراسية في المدرسة التي استهدفتها الضربة.
وقال المتحدث باسم الخارجية الاميركية ماثيو ميلر إن الولايات المتحدة تدعو اسرائيل الى التحلي بـ”شفافية كاملة”، وخصوصا عبر “إعلان أسماء الاشخاص” الذين قتلوا في الضربة.
وأكد المفوض العام لوكالة الأونروا فيليب لازاريني أن إسرائيل قصفت “من دون سابق إنذار” المدرسة لافتا الى إنها تؤوي ستة آلاف نازح.
وصرح المتحدث باسم الامين العام للامم المتحدة ستيفان دوجاريك بأن أنتونيو غوتيريش يعتبر ما حصل “مثالا مرعبا جديدا عن الثمن الذي يدفعه المدنيون.. الذين يحاولون فقط الصمود”.
بمشاركة الملايين.. انتشار كاسح لصورة “كل العيون على رفح”
حازت صورة جرى توليدها بواسطة الذكاء الاصطناعي، وتوثق جانبا من الأوضاع الإنسانية الصعبة في قطاع غزة على إعجاب عشرات الملايين حول العالم خلال ساعات قليلة، وفقا لما ذكر تقرير لشبكة “إن بي سي نيوز” الأميركية.
وقبل الضربة الإسرائيلية، استقبل مستشفى شهداء الأقصى ما لا يقل عن 70 قتيلا وأكثر من 300 جريح منذ الثلاثاء، معظمهم من النساء والأطفال، وذلك عقب غارات إسرائيلية على وسط غزة، بحسب منظمة أطباء بلا حدود.
اندلعت الحرب إثر شن حماس هجوما داخل إسرائيل في السابع من أكتوبر أسفر عن مقتل 1194 شخصا، معظمهم من المدنيين، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
واحتجز المهاجمون 251 رهينة، ما زال 120 منهم في غزة، من بينهم 41 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.
وترد إسرائيل بحملة عنيفة من القصف والغارات والهجمات البرية أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 36654 شخصا في غزة، معظمهم من المدنيين، وفقا لوزارة الصحة في القطاع الذي تحكمه حماس.