خفض البنك المركزي الأوروبي -اليوم الخميس- أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ 5 سنوات، لكنه لم يعط أي تلميحات بشأن خطوته التالية، نظرا لتزايد حالة الغموض التي تكتنف مسار التضخم بعد تباطؤ حاد العام الماضي.
وخفض المركزي الأوروبي الفائدة القياسية على الودائع 25 نقطة أساس إلى 3.75%، لينضم بذلك إلى البنوك المركزية في كل من كندا والسويد وسويسرا التي بدأت التخلي عن سياسة أسعار الفائدة المرتفعة التي اضطرت لتبنيها للسيطرة على التضخم بعد جائحة كورونا.
وينظر إلى قرار اليوم على أنه بداية لدورة من التيسير النقدي، ولكن ضغوط الأسعار تلقي بظلالها على التوقعات، وقد تجبر البنك المركزي في منطقة اليورو على الانتظار لأشهر قبل تخفيض الفائدة مرة أخرى.
وقال البنك المركزي الأوروبي -في بيان- إن “مجلس الإدارة يواصل اتباع نهج يعتمد على البيانات واتخاذ القرار كل اجتماع على حده لتحديد المستوى المناسب ومدة القيود”.
وبينما أبقى المركزي الأوروبي خياراته مفتوحة لشهر يوليو/تموز المقبل، دعت مجموعة من صناع السياسة المؤثرين، ومنهم عضوة مجلس الإدارة إيزابيل شنابل ورئيس البنك المركزي الهولندي كلاس نوت، إلى تثبيت أسعار الفائدة مؤقتا الشهر المقبل، مما يشير إلى أن الفرصة التالية للتيسير النقدي ستكون سبتمبر/أيلول المقبل.
الضغوط السعرية
وفي حديثها بعد القرار، قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد -في مؤتمر صحفي- إن التضخم قد تراجع بما يكفي ليبدأ البنك المركزي في خفض أسعار الفائدة. ولكن مع توقع أن يظل التضخم في منطقة اليورو أعلى من هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2% العام المقبل، ورفضت لاغارد تحديد مدى سرعة أو عمق أي تخفيضات في أسعار الفائدة في المستقبل.
وقالت: “لقد ضعفت الضغوط السعرية، وتراجعت توقعات التضخم على الآفاق كافة”، وأضافت: “سنبقي أسعار الفائدة مقيدة بما فيه الكفاية ما دام ذلك ضروريا لتحقيق هذا الهدف.. نحن لسنا ملتزمين بمسار سعر معين”.
ويقول المحللون إن خفض سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة اليوم لن يؤدي على الأرجح إلى سلسلة سريعة من التخفيضات الإضافية، إذ ينتظر البنك المركزي الأوروبي للتأكد من أن التضخم قد أصبح تحت السيطرة. ورغم أن معدل التضخم السنوي لشهر مايو/أيار 2.6% أقل بكثير من ذروته البالغة 10.6% في أكتوبر/تشرين الأول 2022، فإن الانخفاض تباطأ الأشهر الأخيرة. وارتفع معدل التضخم بشكل طفيف من 2.4% في أبريل/نيسان الماضي.
ولا يزال التضخم في قطاعات الخدمات، وهي فئة واسعة تشمل كل شيء بدءًا من الرعاية الطبية وقصات الشعر إلى الفنادق والمطاعم وتذاكر الحفلات، مرتفعا بشكل خاص عند 4.1%.
ويتوقع الخبراء خفضين آخرين لأسعار الفائدة الأوروبية هذا العام، على الأرجح في سبتمبر/أيلول وديسمبر/كانون الأول، في حين تتوقع الأسواق خفضا أو خفضين إضافيين، في تغيير كبير من توقعات بداية العام عندما كان من المتوقع إجراء أكثر من 5 تخفيضات.