تُستخدم مواقد الغاز والبروبان في نحو 50 مليون منزل أميركي، وملايين المنازل الأخرى في جميع أنحاء العالم، ويؤدي احتراق الغاز والبروبان في هذه المواقد إلى إطلاق ملوثات الهواء الخطرة، بما في ذلك ثاني أكسيد النيتروجين، والبنزين، وأول أكسيد الكربون، والفورمالديهايد، والجسيمات متناهية الصغر.
ولكن انبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين والبنزين تُعتبر مصدر قلق خاص، حيث إن استخدام مواقد الغاز يمكن أن يرفع تركيزات هذه الملوثات في الأماكن المغلقة فوق المعايير الصحية. وتَستعمل هذه المواقد إما الغاز الطبيعي الذي يتكون من أكثر من 90٪ من الميثان، أو غاز البروبان.
وتوصلت دراسة حديثة عن تلوث الهواء في المنازل الأميركية إلى أن الأسر التي تستخدم مواقد الغاز أو البروبان، تتنفس بانتظام مستويات غير صحية من ثاني أكسيد النيتروجين. وحتى في غرف النوم البعيدة عن المطابخ، تتجاوز التركيزات أيضا الحدود الصحية بعد ساعات من إطفاء الشعلات والأفران. ولذا فإن التلوث الناجم عن مواقد الغاز والبروبان لا يمثل مشكلة للطهاة أو الأشخاص في المطبخ فقط، بل يمثل ضررا للعائلة بأكملها.
فى هذه الدراسة رُبط التعرض الطويل الأمد لثاني أكسيد النيتروجين على مدار أكثر من عام بزيادة وتفاقم الربو لدى الأطفال، ووقوع وفيات بسبب مرض الانسداد الرئوي المزمن، وسرطان الرئة، والولادة المبكرة، ومرض السكري.
وشارك في هذه الدراسة علماء من قسم علوم نظام الأرض بجامعة ستانفورد، وجمعية الربو التعاونية في وسط كاليفورنيا، وكلية تي إتش تشان للصحة العامة بجامعة هارفرد، ومعهد الطاقة الصحية بي إس أي.
وعلى الرغم من أن معظم التعرض لثاني أكسيد النيتروجين ناتج عن حرق السيارات والشاحنات للوقود الأحفوري، فإن الباحثين يقدرون أن الملوثات الناتجة عن مواقد الغاز والبروبان بشكل عام قد تكون مسؤولة عما يصل إلى 200 ألف حالة ربو حالية لدى الأطفال في الولايات المتحدة وحدها، وأن ربع هذه الحالات يمكن أن يُعزى إلى ثاني أكسيد النيتروجين وحده. ويزداد خطر هذه الملوثات بزيادة مقدار الغاز الذي يُحرق في الموقد، كما أن استعمال مروحة شفط فعالة يقلل بعض الشيء أثر هذه الملوثات.
والخطر ليس مرتبطا بحالات الربو فقط، فالتعرض طويل الأمد لثاني أكسيد النيتروجين في المنازل الأميركية التي تستخدم مواقد الغاز؛ ينتج عنه نسب عالية من الملوثات تتسبب بوفيات قد تصل إلى 19 ألف حالة سنويا، أي ما يقارب 40% من عدد الوفيات المرتبطة سنوياً بالتدخين السلبي. ويعتمد هذا التقدير على قياسات وحسابات الباحثين الجديدة بشأن كمية ثاني أكسيد النيتروجين التي يتنفسها الناس في المنزل بسبب مواقد الغاز، والبيانات المتاحة عن الوفيات الناجمة عن التعرض الطويل الأمد لغاز ثاني أكسيد النيتروجين في الهواء الطلق، وهي بيانات تدونها وكالة حماية البيئة الأميركية.
وسائل قياس
استخدم الباحثون أجهزة استشعار لقياس تركيزات ثاني أكسيد النيتروجين في أكثر من 100 منزل مختلفة الأحجام والتخطيطات وطرق التهوية، وقاسوا التركيزات قبل استخدام الموقد وأثناءه وبعده، ودمجوا هذه القياسات وغيرها من البيانات في نموذج حاسوبي مدعوم من برنامج المعاهد الوطنية للمعايير والتكنولوجيا لمحاكاة تدفق الهواء ونقل الملوثات وتعرُّض شاغلي الغرف في المباني لها. وسمح لهم ذلك بتقدير متوسط التعرض للملوثات.
حتى في المنازل الكبيرة أيضا، ارتفعت تركيزات ثاني أكسيد النيتروجين إلى مستويات غير صحية أثناء وبعد الطهي، رغم أن مروحة شفاط المطبخ كانت قيد التشغيل. لكن الأشخاص الذين يعيشون في منازل تقل مساحتها عن 800 قدم مربع (أي بحجم شقة صغيرة مكونة من غرفتي نوم) يتعرضون لضِعف كمية ثاني أكسيد النيتروجين على مدار عام.
وبالنظر إلى أن حجم المنزل يُحدث فرقا كبيرا، فهناك أيضا فرق في التعرض لهذه الغازات بين المجموعات العرقية والإثنية والسكان منخفضي الدخل. فقد وجد الباحثون أن التعرض طويل الأمد لثاني أكسيد النيتروجين أعلى بنسبة 60% بين الأسر الهندية الأميركية وسكان ألاسكا الأصليين، وأعلى بنسبة 20% بين الأسر السوداء والإسبانية أو اللاتينية، مع ملاحظة أن التعرض للمصادر الخارجية لتلوث ثاني أكسيد النيتروجين مثل عوادم السيارات أعلى أيضا بين الأشخاص في المجتمعات الفقيرة، والتي غالبا ما تكون من الأقليات.
البديل
حتى مع استعمال مروحة شفاط المطبخ، ورغم أنها تقلل الملوثات، فإن نسب الملوثات تظل مرتفعة إلى مستويات غير قياسية. ولكنّ روبرت جاكسون الباحث بالدراسة يقول: إن المواقد الكهربائية لا ينبعث منها ثاني أكسيد النيتروجين أو البنزين، ولكنْ إذا تعذر استخدام المواقد الكهربائية واعتُمد على مواقد الغاز أو البروبان، فلا بد من تقليل التعرض للملوثات باستخدام التهوية الجيدة.
ويشير تحليل جديد لأحد أكبر برامج كهربة المنازل في العالم، إلى أن التحول من مواقد الغاز إلى المواقد الكهربائية يمكن أن يقلل من الانبعاثات المناخية ومعدلات العلاج في المستشفيات بشكل أسرع مما كان يعتقد سابقا إذا كانت شبكة الكهرباء خضراء.
وفي الإكوادور تحولت أكثر من 750 ألف أسرة من استخدام مواقد الطهي بالغاز إلى مواقد الطهي بالحث الكهربائي، حيث حصلت عُشْر الأسر الإكوادورية بين عامي 2015 و2021 على هذا النوع من المواقد في برنامج لتعزيز استخدام مواقد الحث الكهربي على مستوى البلاد. وربطت دراسة زيادة استخدام مواقد الحث الكهربائي في الإكوادور بانخفاض أمراض عديدة وخاصة الأمراض المتعلقة بالجهاز التنفسي.
ما هي مواقد الحث الكهربائي؟
مواقد الحث الكهربائي هي نوع من المواقد الكهربائية التي تستخدم الكهرومغناطيسية لتسخين الطعام. وتوفر مواقد الحث الحرارة من خلال الملفات الموجودة أسفل سطح الموقد، وتستخدم نحو 90٪ من الكهرباء التي يستهلكها موقد الحث في طهي الطعام، حيث لا توجد تقريبا طاقة متسربة، مما يعطي حرارة فورية ودرجة حرارة يمكن التحكم فيها.
ونظرا لوفرة مواقد الغاز والبروبان في جميع دول العالم ومخاطر التعرض لثاني أكسيد النيتروجين الناتج عن احتراق الغاز والبروبان بواسطة المواقد، فإنه من الأهمية البحث عن بدائل أخرى لمواقد الغاز، أو استخدام التهوية الكافية داخل المطابخ والمنازل.