نشرت وكالة “رويترز” تقريرا طويلا عن عودة تنظيم “براود بويز-الفتيان الفخورون” اليميني المتطرف إلى النشاط في الولايات المتحدة، قائلة إن حركة التجنيد وسطه تتزايد، وإن بعض أعضائه أفادوها بأنهم مستعدون للخدمة مرة أخرى كقوة حماية غير رسمية للرئيس السابق دونالد ترامب.
وأورد التقرير، الذي كتبه آرام روستون أنه وبعد 4 سنوات من المحاولة الفاشلة لقلب هزيمة ترامب الانتخابية عام 2020، كانت المنظمة “المتطرفة العنيفة” التي قادت اقتحام مبنى الكونغرس (كابيتول هيل) في السادس من يناير/كانون الثاني 2021، تعيد البناء وتستعيد قوتها، في حين يقوم ترامب بحملات للعودة إلى البيت الأبيض.
وأوضح الكاتب أنه أعد التقرير استنادا إلى مقابلات مع عدد من أعضاء التنظيم ومسؤولي إنفاذ القانون وخبراء يتتبعون نشاط “براود بويز” على الإنترنت.
وأشار إلى أن 4 من قادة التنظيم حُكم على كل منهم بالسجن 15 عاما بتهمة قيادة الهجوم على مبنى الكونغرس (الكابيتول)، كما اُتهم ما لا يقل عن 70 عضوا آخر بالمشاركة في أعمال العنف، وهناك مئات آخرون تحت التحقيق. وقال إن تلك المحاكمات والتحقيقات لم توقف نشاط التنظيم.
لحماية ترامب
ونقل عن بعض الأعضاء قولهم إنهم يستعدون للظهور مرة أخرى كقوة “جسدية” لحماية ترامب، وإنهم منجذبون إلى أفكاره القومية المتشددة ومقتنعون بأن قادتهم المسجونين سيتم العفو عنهم إذا فاز. ولفت التقرير الانتباه إلى أن ترامب نفسه وعد بالعفو عن مداني الشغب إذا تم انتخابه.
وقالت جولي فارنام، وهي مساعدة سابقة لمدير المخابرات في شرطة الكابيتول وتدير الآن وكالة تحقيق خاصة، إن إمكانية العفو هي حافز قوي للفتيان الفخورين للعودة إلى الظهور كجنود في الشوارع لترامب في الانتخابات المقبلة.
وأورد التقرير أنه، وبعد حكم الإدانة التاريخية ضد ترامب يوم الخميس الماضي، تعهد فرع “براود بويز” بولاية أوهايو بـ”الحرب” ونشر مقطع فيديو لبعض أعماله العنيفة، انتهى برسالة تعلن” القتال يحل كل شيء”، إضافة إلى إعلان من أحد فروع التنظيم بمدينة ميامي “الآن، أكثر من أي وقت مضى، نحن نقوم بالتجنيد!”، كما نقل عن أحد الأعضاء قوله لـرويترز إن “أميركا تمر بفترة هدوء قبل العاصفة”.
خطر تجدد العنف
ومع ذلك، قال التقرير إن قناة “تليغرام” الرئيسية للتنظيم بثت رسالة تحث أعضاءها على التزام الهدوء وعدم الانجرار إلى “الفخ والتعرض للاعتقال”.
ومع ذلك، ذكر الكاتب أن التنظيم أصبح في الأسابيع الأخيرة أكثر بروزا في الأحداث المؤيدة لترامب، مما يسلط الضوء على خطر تجدد العنف في الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة في نوفمبر/تشرين الثاني.
وأورد التقرير تفاصيل عن احتفالات للتنظيم بالذكرى السنوية الثالثة لتمرد يناير/كانون الثاني الماضي مع استعراض للقوة في بعض المناطق، واحتشادهم لحملة ترامب الانتخابية.
وقال إن عودة ظهور “الفتيان الفخورين” في التجمعات والأحداث السياسية لترامب تتزامن مع استطلاعات الرأي التي تظهر أن غالبية الأميركيين يخشون العنف السياسي الذي سيشتعل في الانتخابات الرئاسية القادمة، مضيفا أن ذلك يتم وسط خطب ترامب الحارقة، والتي تحث أنصاره على استهداف خصومه -بمن فيهم القضاة والمدعون العامون والمنافسون السياسيون- في موجة من التهديدات غير المسبوقة في السياسة الأميركية الحديثة.
إذا خسر ترامب
وذكر أن ترامب لم يستبعد احتمال وقوع عنف سياسي إذا خسر ترامب في نوفمبر/تشرين الثاني القادم، مشيرا إلى أن الرئيس الأميركي السابق قال لمجلة “تايم” في أبريل/نيسان الماضي “إذا لم نفز، كما تعلمون، فهذا يعتمد”، وإذا تم سجنه أو وضعه قيد الإقامة الجبرية، قال “لست متأكدا من أن الجمهور سيدافع عن ذلك”، وقال في مقابلة مع قناة “فوكس نيوز” بثت يوم الأحد الماضي، “عند نقطة معينة يحدث الانهيار”.
وقال التقرير إن “الفتيان الفخورين” يجمعون صفوفهم، وأجروا تغييرات مصممة لجعلهم أقل عرضة لتدقيق سلطات إنفاذ القانون، منها التخلص من القيادات العليا، موضحا أنهم يعملون الآن في فروع تتمتع بالحكم الذاتي في أكثر من 40 ولاية مع القليل من التنسيق المركزي.
وبينما تغير هيكل التنظيم، يظل مؤسسه الكندي، غافين ماكينز، شخصية ملهمة له. ففي الماضي، تحدث ماكينز وخليفته هنري إنريكو تاريو ومجموعة من القادة يطلق عليهم اسم “الحكماء” علنا نيابة عن التنظيم، ووضعوا جدول الأعمال، وقادوا مواجهاته مع الجماعات اليسارية في جميع أنحاء البلاد. وتسنموا قيادة هيكل رسمي، وكان بإمكانهم حل فروع التنظيم أو طرد الأعضاء. والآن، أصبحت الفروع مستقلة إلى حد كبير عن بعضها بعضا، وتحظر الاتصالات مع وسائل الإعلام، ومن تحدثوا إلى “رويترز” لإعداد هذا التقرير، اشترطوا عدم الكشف عن هويتهم.
فاجأت الخبراء
وقال الكاتب إن المرونة التي أصبح التنظيم يتمتع بها حاليا فاجأت بعض خبراء “التطرف”. وقالت هايدي بيريش، المؤسس المشارك للمشروع العالمي غير الربحي لمكافحة الكراهية والتطرف “الشيء المدهش هو أن كثيرا من أعضاء براود بويز يمكن أن يكونوا في السجن، ومع ذلك لديك هذه الفروع النشطة. تقليديا عندما يذهب رئيس مجموعة من النازيين الجدد أو العنصريين البيض إلى السجن أو يموت، تنهار المنظمة، لكن يبدو أن هذا لا يحدث مع الفتيان الفخورين”.
ورفض مكتب التحقيقات الاتحادي ووزارة الأمن الداخلي التعليق على أنشطة التنظيم وما إذا كانت السلطات تراقبه.
يشبه المنظمات النازية
يقول بعض المؤرخين إن براود بويز يشبه المليشيات الأوروبية الفاشية في 1920 و1930 مثل “براون شيرتس -القمصان البنية”، وهي مجموعة نازية شبه عسكرية ساعدت في جلب أدولف هتلر إلى السلطة في ألمانيا، ورغم زعم أعضاء التنظيم أنهم لا يشبهون القمصان البنية ولا يشبهون الفاشيين، لكن عنف الشوارع والقومية المتطرفة هي سمات كلتا المجموعتين.
وبعد أن غادر ترامب البيت الأبيض، تحول التنظيم إلى حرب الثقافة الأميركية، حيث اشتبكوا مع مؤيدي حقوق الإجهاض والمروجين للقاح. ومنذ هجوم الكابيتول عام 2021، قالت “رويترز” إنها رصدت 29 حادثة عنف تورط فيها “براود بويز”، وتركزت جميعها تقريبا حول القضايا الاجتماعية ضد مظاهرات النشطاء اليساريين الذين يدعمون حقوق مجتمع الميم.
وفي هذا العام، عاد “براود بويز” إلى السياسة. ففي الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2024، كان هناك عدد أقل بكثير من الأحداث العامة للتنظيم مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
تباين الأرقام
وعن حجم “براود بويز”، لا توجد إحصاءات موثوقة أو تقديرات يُعتد بها، لكن ماكينز يدعي أن هناك حوالي 5 آلاف، بانخفاض عن 8 آلاف خلال رئاسة ترامب، لكنه ارتفع من أدنى مستوياته التي بلغها بعد اعتقالات أعمال الشغب في (الكابيتول). وقال مصدر من سلطات إنفاذ القانون الذي يعمل على مراقبة التنظيم إن التقديرات الرسمية لقوته تتباين كثيرا، من 300 إلى 3 آلاف عضو.
وقال أحد فتيان التنظيم إن بعض الأعضاء السابقين تخلوا عنه لجماعات أخرى أكثر عنصرية وعنفا مثل “قبيلة الدم -بلد ترايب” النازية الجديدة وجماعة “النادي النشط” السرية.
وهناك 154 فرعا لتنظيم “براود بويز” في 48 ولاية أميركية، ويشهد نموا في الخارج ولديه 18 فرعا دوليا في تسع دول، “لقد نما ولا أرى أي دليل على أنه يتباطأ”. وقد صنفت كندا ونيوزيلندا “براود بويز” جماعة “إرهابية”.
أشياء سيئة ستحدث
وقالت فارنام، المساعدة السابقة لمدير شرطة الكابيتول، اليوم يريد العديد من الفتيان الفخورين عودة ترامب إلى السلطة، ليس فقط بسبب احتمال العفو. بالنسبة لبعضهم، تعكس جاذبيته تحولا ثقافيا أعمق في أميركا- من عدم الارتياح من تغيير التركيبة السكانية العرقية إلى الغضب من الهجرة، وتصور اليمين بأن الليبراليين يدمرون البلاد. وكثيرا ما يستغل ترامب تلك المظالم في الحملة الانتخابية بلغة مروعة يرددها بعض الـ”براود بويز”.
ويقول ميشيل غريفس الصبي الفخور والمغني الرئيسي السابق لإحدى الفرق الغنائية “إذا خسر ترامب، فإن البلاد ستذهب بعيدا، ستحدث أشياء سيئة”. ويتوقع العديد من الفتيان الفخورين الذين يظهرون في حفلاته، حدوث انتفاضات جماهيرية في الانتخابات المقبلة.