باحتضان من “بيت مال القدس” 5 شباب مقدسيين يطلقون مشاريع رقمية من الدار البيضاء

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

الدار البيضاء: عندما كان إبراهيم حرب يخطط في بيته لمشروع رقمي ألهمته إياه ظروف جائحة كورونا (كوفيد-19)، لم يكن يدور في خلد الشاب المقدسي أن فكرته ستقوده ذات يوم من مدينة المسجد الأقصى إلى المغرب الأقصى ليعيش تجربة استثنائية، وصفتها زميلته المقدسية رشا ترتير بنبرة ملؤها الشغف “نحن نستحق الحياة، وهذه فرصتنا لننطلق”.

حل إبراهيم ورشا ضمن فريق من 5 شباب مقدسيين يقودون مقاولات ناشئة بمدينة الدار البيضاء، للمشاركة في حدث إعلان وكالة بيت مال القدس الشريف عن إستراتيجيتها لـ3 سنوات قادمة في مجال الرقمنة والابتكار تحت شعار “التنمية الرقمية في خدمة التنمية الاقتصادية في القدس”، والتي تضم ضمن مشاريعها منصة حاضنة للمقاولات الناشئة الموجهة لشباب القدس في المجال نفسه.

المشروع الذي يحتضنه مكتب الوكالة بالعاصمة الاقتصادية “بيت المال بلاص” (BAMQ plus)، عبارة عن برنامج يمتد 5 أشهر، ويستهدف الجيل الجديد من رواد الأعمال المقدسيين بتعاون مع جامعة القدس والمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير التابعة لجامعة الحسن الثاني، ويشمل 160 ساعة من التدريب المكثف عن بعد، وجلسات مع المستثمرين ومنح مالية لتطوير المشاريع.

تجديد وابتكار

وقال المدير المكلف بتسيير وكالة بيت مال القدس الشريف محمد سالم الشرقاوي إن الهدف من هذه المبادرة هو منح الفرصة لشباب القدس من أجل تعزيز قدراتهم على مواصلة طريقهم في مجالات التجديد والابتكار، من خلال استثمار إمكانات الرقمنة والطفرة التكنولوجية وما تتيحه التقنية الحديثة اليوم.

ولفت في حديث مع الجزيرة نت إلى “أن ذلك يتم وفق مواكبة عملية تستمر لأشهر من التدريب تُتوج بمنحة تمكنهم من الاستمرار في المرافعة عن مشاريعهم سواء في السوق المحلية أو العالمية”.

وأشار الشرقاوي إلى أنه يتم الاستعانة بخبراء فلسطينيين ومغاربة من أجل الإشراف على حاملي المشاريع والمقاولات الناشئة في القدس، ومدّهم بالمواد المجهزة من خلال مؤسسة متخصصة تستمر في التواصل معهم أينما كانوا لمواكبة مشاريعهم حتى تنضج وتتمكن من ولوج أسواق التمويل والتسويق، مشيرا إلى أن هذه المواكبة بدأت من لقاءات تحضيرية امتدت ليومين في الدار البيضاء، وتستمر في مراكش من خلال المشاركة في معرض “جيتكس أفريقيا”.

من جهته، أوضح ممثل وفد رجال أعمال مقدسيين إياد الأعرج دورهم في مواكبة المبادرة من خلال تعزيز المصادر وتفعيل العلاقات بين المغرب والقدس، خاصة في ما يتعلق بالاستثمار بين الطرفين.

وبين في الحديث مع الجزيرة نت أن الهدف الأساسي هو تشجيع حلول رقمية شبابية جديدة ومبتكرة تمكن من الاستثمار في المجال وخلق وظائف تتركز على التكنولوجيا في ظل تحديات الذكاء الاصطناعي.

وخلال الإعلان عن الإستراتيجية تم توقيع اتفاقيات تمويل حضانة المقاولات الناشئة الخمس من القدس، إلى جانب ملحق اتفاق مع المدرسة الوطنية للإدارة والتسيير بالدار البيضاء بشأن دعم انخراط طلبة المدرسة في البرنامج ذاته.

الصورة 5/ رشا ترتير: الشباب الفلسطيني يبدع إذا أتيحت له الفرصة/ مصدر الصورة: الجزيرة نت

فرصة للانطلاقة

“اليوم نستطيع أن ننطلق ونهتف سِير بالمغربي”. تقول الإعلامية المقدسية رشا ترتير الشريك المؤسس في شركة” بي إيه إل نيوز ال” (PAL NEWS AI)، وهي منصة رقمية سحابية تهتم بصناعة محتوى إعلامي يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، والعمل على إنتاجات تدعم الحفاظ على الإرث الوطني والثقافي لمدينة القدس.

وتضيف ترتير “هذا الدعم بالنسبة إلينا مهم جدا، حيث تم تبني شركاتنا الناشئة بشكل رسمي. نستطيع اليوم أن ننطلق ونشتغل على أرض الواقع بقوة وهمة لنقل روايتنا”، مشيرة في حديث مع الجزيرة نت إلى أن كل الشباب الفلسطيني يكون قادرا على الإبداع عندما تتاح له الفرصة المناسبة، “فكل واحد منا لديه فكرة يؤمن بها ولديه مشروعه وحلمه. ونحن شعب يستحق الحياة”.

بدوره، أبدى إبراهيم حرب سعادته باختياره للاستفادة من هذه الفرصة، وهو مدير تنفيذي لشركة تعنى بتطوير العملية التعليمية من خلال تطبيق رقمي يوظف تقنية الواقع المعزز اختير له اسم “كنار”، وقال في حديث مع الجزيرة نت إن “المشاركة في مثل هذه المحطات هي بمثابة هدف لكل شركة ناشئة تطمح إلى التوسع، وجلب استثمارات تتيح لها الاستمرارية في تقديم خدماتها”.

وعدّ إبراهيم لحظة توقيع اتفاقية احتضان شركته من قبل وكالة بيت مال القدس الشريف نجاحا بحد ذاته يمكنه “من بناء علاقات خارج فلسطين، والعمل مع سوق محتمل جديد في المغرب وشمال أفريقيا”.

الصورة 7/ إبراهيم حرب: جايتكس أفريقيا محطة بداية في مسار مقاولاتنا الناشئة/ مصدر الصورة: الجزيرة نت

منافسة وشروط

الشباب الخمسة الذين قدموا إلى المغرب تم اختيارهم من أصل 20 مقدسيا تقدموا بمشاريعهم لجامعة القدس، التي أشرفت على عملية الانتقاء في المدينة المحتلة بعد إعلان وكالة بيت مال القدس الشريف عن المنصة الحاضنة للمقاولات الناشئة، وفق شروط دقيقة أبرزها أن تكون المشاريع رقمية، وتتضمن خططها معايير تؤهلها للنجاح والاستمرار في المستقبل.

في هذا الصدد، قال رشيد جيوسي بروفيسور تكنولوجيا المعلومات بجامعة القدس إن الشباب الذين تم اختيارهم “يحملون أفكارا ريادية حظيت بفرصة الاستفادة من هذه الحاضنة، والتشبيك مع شباب مغاربة مبادرين من المغرب وخلق مشاريع مشتركة”، معبرا -في حديث للجزيرة نت- عن أمله في أن يكون عدد المشاركين أوسع في السنوات القادمة.

بعد انطلاق تجربة مواكبة مشاريعهم في العاصمة الاقتصادية للمملكة (مدينة الدار البيضاء)، التي يُنتظر أن تحتضن هذه المقاولات 5 أشهر قادمة من أجل دعمها وتطويرها عبر منصة بيت المال بلاس، يتوجه الشباب المقدسيون إلى مدينة مراكش للمشاركة في معرض “جايتكس أفريقيا” في نسخته الثانية، التي “تعد محطة استثمارية للتواصل مع رجال أعمال من المغرب ودول مختلفة”، حسب الدكتور رشيد جيوسي.

ويضيف البروفيسور المقدسي “مجرد استضافتنا في المغرب ومساعدة شبابنا للوصول إلى هنا فرصة مميزة، من دونها يُعدّ من الصعب انفتاح مقاولاتهم الناشئة على العالم”، مشددا على أن المشاركة في هذا المعرض الدولي من شأنها تمكين شباب القدس من المنافسة بمشاريعهم، وجذب أنظار رجال أعمال يساهمون في تطويرها، وإيجاد فرص عمل، بالإضافة إلى المساهمة في دعم الاقتصاد الوطني الفلسطيني من خلال الاستثمارات المتاحة.

الصورة 4/ د رشيد جيوسي بروفيسور تكنولوجيا المعلومات في جامعة القدس/ مصدر الصورة: الجزيرة نت

معرض جايتكس أفريقيا

ويشارك الشباب المقدسيون الخمسة بعرض مشاريعهم في معرض جايتكس أفريقيا الذي انطلق مساء أمس الأربعاء، ويُعد أكبر حدث للتكنولوجيا والشركات الناشئة في القارة السمراء. ويتنافس الشباب المقدسيون في تحدي سوبرنوفا لريادة الأعمال، إلى جانب 5 طلبة آخرين مغاربة من المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير ضمن الشراكة بين الأخيرة وجامعة القدس وبيت مال القدس الشريف.

جبران مساد، طالب ماجستير إعلام رقمي واتصال في جامعة القدس، جاء إلى المغرب هو الآخر رفقة زملائه المقدسيين بشركته الناشئة التي اختار لها اسم “أليف”، يسعى إلى تطوير عيادة بيطرية ذكية باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، ويُعَد مهرجان جايتكس بالنسبة إليه “بوابة يحظى من خلالها بفرصة عالمية لتمثيل وطنه فلسطين بمشروعه الريادي”.

وبدوره، يرى إبراهيم حرب أن محطة “جايتكس” ليست نقطة نهاية بالنسبة إليهم، بل نقطة بداية في مسار تطوير مقاولاتهم، ويعتبرها في الحديث مع الجزيرة نت أيضا فرصة لإيصال رسالة الشعب الفلسطيني للعالم مفادها “أننا شعب طموح ويحب الحياة”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *