واشنطن- تقترب المحاكمة التاريخية للرئيس السابق دونالد ترامب من نهايتها، بعد نحو 5 أسابيع، وقد عرض المحامون مرافعاتهم النهائية، الثلاثاء، في قضية تضم 34 تهمة بحقه تتعلق بسجلات تجارية مزورة، وتستر على جرائم فدرالية خلال تمويل حملته الانتخابية لعام 2016.
وبدأت اليوم الأربعاء هيئة المحلفين المكونة من 12 شخصا مداولاتها التي قد تستغرق ساعات أو أياما أو أسابيع، قبل أن يتخذوا قرارا يجب أن يكون بالإجماع، إما لإدانة ترامب، أو لتبرئته من كل الجرائم، أو بعضها.
وإذا وجد المحلفون ترامب مذنبا، فقد يواجه عقوبة السجن، وإذا لم يتمكنوا من الاتفاق، فهناك سيناريو آخر محتمل يُعرف بـ”هيئة المحلفين المعلقة”، بالإضافة إلى ذلك، هناك سيناريو آخر لكنه غير مرجح في هذه المرحلة، وهو أن تنتهي القضية دون مساهمة هيئة المحلفين على الإطلاق.
وإذا ثبتت إدانة ترامب في تهمة واحدة فقط، فسيصبح أول رئيس أميركي سابق يُدان جنائيا، وأول مرشح حزب رئيسي يترشح للبيت الأبيض كمدان، لكن أي قرار أو حكم للمحكمة لن يؤثر على حقه بالترشح للرئاسة.
وتحدث المدعي الأميركي السابق هاري ليتمان، إلى الإذاعة الوطنية وعرض السيناريوهات الثلاثة الأكثر ترجيحا، والتي يتوقع على نطاق واسع أن تصل إحداها إلى هيئة المحلفين، لكنه توقع أن يصدر الحكم بعد ظهر يوم الجمعة.
1- الإدانة الكاملة
يزعم المدعون أن ترامب زوّر سجلات تجارية تم إنشاؤها فيما يتعلق بمخطط لإخفاء المصدر الحقيقي لمحاميه السابق مايكل كوهين، الذي دفع 130 ألف دولار لإسكات نجمة الأفلام الإباحية ستورمي دانيلز عشية انتخابات عام 2016، ومنعها من الإعلان عن ادعائها بأنها مارست الجنس مع ترامب قبل عقد من الزمان.
ولكي يجد المحلفون ترامب مذنبا في جميع التهم الـ34، يجب أن يثبتوا بما لا يدع مجالا للشك ليس فقط أنه زوّر أو تسبب في تزوير هذه السجلات التجارية “بقصد الاحتيال”، ولكن أيضا أنه فعل ذلك بنية ارتكاب أو إخفاء جريمة أخرى، وهو العنصر الذي يرفع التهم من درجة الجنح إلى الجنايات.
وإذا وجدت هيئة المحلفين أن ترامب مذنب في جميع التهم فقد يتم الحكم عليه بالسجن، لكن ليتمان يقول إنه “لا توجد فرصة لسجن ترامب قبل انتخابات نوفمبر”، وبرر ليتمان ذلك بأن جلسات النطق بالحكم عادة ما يتم تحديد موعدها بعد بضعة أشهر من صدور الحكم المبدئي بإدانة أو تبرئة المتهم.
ويقول ليتمان إنه حتى لو اختار القاضي خوان ميرشان الحكم على ترامب بالسجن لمدة شهرين، فلن يحدث ذلك على الفور، وإذا ثبتت إدانته، فمن المرجح جدا أن يستأنف ترامب القرار، وسيتم وقف أي عقوبة بالسجن، بينما يشق الاستئناف طريقه عبر المحاكم، الأمر الذي قد يستغرق سنوات.
من ناحية أخرى، هناك العديد من الأسباب التي تجعل القاضي ميرشان يختار عقوبة أقل لترامب حال إدانته، بما في ذلك عمر ترامب المرتفع إذ يبلغ 77 عاما، وعدم إدانته السابقة، وحقيقة أن التهم تنطوي على جريمة غير مرتبطة بالعنف.
وهناك أيضا مسألة التطبيق العملي، حيث يحق لترامب -مثل جميع الرؤساء السابقين- الحصول على حماية مدى الحياة، مما يعني أنه سيحتاج إلى حمايته في السجن، وسيكون من الصعب للغاية -على الأرجح- إدارة نظام سجن فيه رئيس سابق كسجين، حيث سيشكل وجوده خطرا أمنيا كبيرا عليه، ومكلفا للحفاظ على سلامته في الوقت نفسه.
2- البراءة الكاملة
هناك عدد من الطرق التي يمكن أن تتوصل بها هيئة المحلفين إلى قرار براءة ترامب من جميع التهم، حيث يمكن أن يجدوا أن ترامب لم يقم بعمل سجلات تجارية مزيفة أو يتسبب في قيام الآخرين بصنعها، أو أنه صنعها ولكن ليس بقصد الاحتيال، أو أنه صنعها بقصد الاحتيال ولكن ليس بصدد ارتكاب جريمة أساسية أو التستر عليها.
وسيدفع ذلك لأن يكون حكم البراءة نهائيا، بموجب حظر الدستور “المحاكمة المزدوجة”، حيث لا يمكن للمدعين العامين استئناف أحكام البراءة، وهو ما سيكون انتصارا سياسيا كبيرا لترامب، لكن المدعي السابق ليتمان يعتقد أن فرص التبرئة الكاملة “لا تزيد عن صفر”.
3- الإدانة الجزئية
على الرغم من أن جميع التهم الجنائية قد تم إدراجها بنفس المجموعة العامة من الادعاءات، فإن كل تهمة تتم معاملتها باستقلالية؛ فمن الناحية النظرية يمكن لهيئة المحلفين أن تجد -على سبيل المثال- أن ترامب قام بتزوير السجلات التجارية عن طريق توقيع شيكات من حساب شركاته، أو حسابه الشخصي.
ولا يتحمل ترامب في هذه الحالة مسؤولية الفواتير التي دفعها محاميه السابق مايكل كوهين الذي ادعى أنه فعلها بأوامر من ترامب، وهنا يمكن لهيئة المحلفين إدانة ترامب ببعض التهم وتبرئته من أخرى، وسيتعين على المحلفين الـ12 الاتفاق بالإجماع على الحكم لكل تهمة على حدة.
4- هيئة المحلفين المعلقة
وإذا لم تتمكن هيئة المحلفين من التوصل إلى حكم بالإجماع، وإذا بدت كما لو أنها وصلت إلى طريق مسدود أثناء المداولات، فمن المحتمل أن تبلغ القاضي بمأزقها، ومن المحتمل أن يعطيها القاضي ميرشان بعد ذلك مجموعة من التعليمات التي تطلب منهم العودة والتداول أكثر لمحاولة الوصول إلى نتيجة موحدة.
وإذا قالوا لاحقا إنهم ما يزالون غير قادرين على التوصل إلى حكم بالإجماع، فإن ميرشان سيعلن تعليق المحاكمة، وبعد ذلك يمكن لمحامي مقاطعة مانهاتن بمدينة نيويورك اختيار إعادة المحاكمة من جديد مع هيئة محلفين جديدة.
لكن المدعي ليتمان يشك في ذلك، حيث يتعارض سيناريو إعادة محاكمة جديدة فورية مع جدول انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني، ويرجح أنه إذا تم التوصل لإعادة المحكمة، فسيكون ذلك بعد الانتخابات، وإذا فاز ترامب، فستتوقف كل الإجراءات القضائية ضده.
وتقليديا، إذا استمرت المداولات لأيام طويلة، فإن ذلك يعكس ترجيح هذا السيناريو، الذي يمثل بالنسبة لترامب انتصارا، حيث يدعي باستمرار -دون دليل- أن هذه القضية هي “مطاردة ساحرات”، ولها دوافع سياسية، وهي محاولة من الديمقراطيين للتدخل وعرقلة حملته الانتخابية.
وفي حديثه خارج قاعة المحكمة الأسبوع الماضي، قال ترامب “هذا كله يتعلق ببايدن، لا يمكنه القيام بحملة، لذلك يحاول إصابة خصمه، إنهم يحاولون إيذاء الخصم لأنهم لا يستطيعون الفوز بشكل عادل وكامل”.
5- تجاهل هيئة المحلفين
يعد هذا السيناريو الخامس والأقل ترجيحا، ويعني بأن يتمكن القاضي ميرشان من إخراج هيئة المحلفين من المعادلة تماما وانتزاع القرار من أيديهم، من خلال إصدار “حكم موجّه” بالبراءة، ويعني في جوهره قرارا من القاضي بأنه لا يمكن لهيئة محلفين معقولة أن تجد أن الادعاء قد أثبت قضيته.
ورغم قلة ترجيحه، لا يزال هذا السيناريو خيارا يمكن أن يتخذه ميرشان، حتى بعد انتهاء المحاكمة، كما أن محامي الدفاع الرئيسي عن ترامب تود بلانش، طلب من القاضي رفض القضية الأسبوع الماضي لعدم كفاية الأدلة، لكن طلبه لا يزال معلقا.