تسود مخاوف في إسرائيل من احتمال سحب صندوق الثروة السيادية في النرويج استثماراته في إسرائيل، وسبق أن اتخذ الصندوق -الأكبر عالميا من حيث حجم الأصول- قرارات خلال سنوات الماضية بسحب استثماراته من شركات مرتبطة بالمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.
وتجري الهيئة المعنية بمراقبة أخلاقيات العمل التابعة للصندوق تحقيقا بالفعل فيما إذا كانت الشركات الإسرائيلية، التي يملك الصندوق أسهما فيها، لا تمتثل للمبادئ التوجيهية للاستثمار المسموح بها بسبب الحرب.
ومع ذلك، يقول معارضون إن توصيات الصندوق يمكن أن تستغرق شهورا، إن لم يكن سنوات، حتى تتحقق.
وارتبطت النرويج في أذهان متابعي الشأن الاقتصادي والسياسي بصندوق الثروة، باعتباره الأكبر من نوعه في العالم، الذي تأسس منذ ما يقارب 60 عاما، أما الكلمة الثانية فهي اسم العاصمة أوسلو الذي ارتبطت بالقضية الفلسطينية من خلال توقيع الاتفاق الشهير بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وكان تحولا في مسار القضية الفلسطينية، كان يؤمل أن يمهد لتسوية نهائية وصولا إلى حل دولتين.
ونظمت نقابات وسياسيون ومنظمات أخرى احتجاجات تطالب بوقف العلاقات التجارية والاقتصادية مع إسرائيل، أو على الأقل وقف التعاون مع الشركات التي تدعم القدرات العسكرية الإسرائيلية التي تستخدمها في ارتكاب مجازر جماعية في قطاع غزة، وهم يرون أن الصندوق ليس في حاجة ملحة لتلك لاستثمارات، إذ يتجاوز حجمه 1.7 تريليون دولار، وتوزع استثمارات بين 72 دولة، ولا يستثمر في إسرائيل سوى 1.5 مليار دولار.
المعايير الأخلاقية
ويطالب المحتجون بتطبيق المعايير الأخلاقية التي وضعها البرلمان النرويجي وتراقب الحكومة التزامه بها، وهي التي أجبرت الصندوق على مدى سنوات على سحب استثمارات من 9 شركات إسرائيلية بسبب أنشطها في المستوطنات بالأراضي الفلسطينية المحتلة.
ونقلت رويترز قبل شهر عن لين الخطيب رئيسة لجنة فلسطين في النرويج، وهي منظمة غير حكومية، قولها “الاقتصاد الإسرائيلي يعتمد على الاستثمارات الدولية والدعم من الولايات المتحدة.. لذلك يجب علينا الابتعاد عن الاقتصاد الإسرائيلي لوقف الإبادة الجماعية المستمرة”.
وكانت لين الخطيب تتحدث أمام البرلمان النرويجي في اليوم الذي عقدت فيه اللجنة المالية للبرلمان جلسة استماع حول أنشطة الصندوق خلال العام الماضي، ووقف خلف لين الخطيب نحو 20 من النشطاء المؤيدين للفلسطينيين، حمل بعضهم لافتة كُتب عليها “اسحبوا الاستثمارات الآن!!”.
وفي البرلمان، سألت النائبة اليسارية كاري إليزابيث كاسكي وزير المالية ومسؤولي الصندوق عن سبب عدم تشديد المبادئ التوجيهية الأخلاقية بالنظر إلى الحرب في غزة.
وتريد كاسكي من البرلمان أن يفرض عقوبات على إسرائيل، وأن يصدر تعليمات للصندوق ببيع أسهمه في الشركات الإسرائيلية بالكامل.
وقالت رئيسة البنك المركزي النرويجي إيدا ولدن باش إن المبادئ التوجيهية الأخلاقية الحالية تمت مراجعتها بدقة، وحظيت بإجماع سياسي واسع النطاق.
موقف صعب
ورغم أن الصندوق يحاول منذ ما يقارب 30 عاما أن ينأى بنفسه عن القضايا الجيوسياسية الكبرى، وأن يلتزم نوعا من الحياد، فإنه اضطر عام 2022 أن يسحب استثماراته من روسيا على خلفية حربها مع أوكرانيا، وهو السبب نفسه الذي دفع المحتجين إلى المطالبة بسحب الاستثمارات من تل أبيب حتى قبل الحرب على غزة.
ثم جاءت الحرب لتضع مزيدا من الضغوط على الصندوق ومن خلفه الحكومة النرويجية، في ظل تخوفات من رد فعل أميركي إذا قام بهذه الخطوة.
وتجد الحكومة النرويجية نفسها أمام موقف صعب، فلا توجد طريقة لإرضاء الجميع، كما قال أحد مسؤوليها، لكن آمال المطالبين بسحب النرويج الاستثمارات من إسرائيل انتعشت بشدة، خصوصا بعد اعتراف أوسلو بالدولة الفلسطينية.