باريس- تجمع آلاف المتظاهرين المناصرين للقضية الفلسطينية في ساحة سانت أوغستان بالدائرة الثامنة في باريس؛ للتنديد بالمجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال بمخيم النازحين في رفح.
وكان من المتوقع أن تصل المسيرة الاحتجاجية -المصرح بها من قبل الشرطة- إلى السفارة الإسرائيلية، إلا أن عناصر الأمن وسيارات مكافحة الشغب أغلقت كل الطرق المحيطة بالساحة لمنع المتظاهرين من العبور، مستخدمة الغاز المسيل للدموع لتفرقتهم حتى وقت متأخر من مساء الاثنين.
وقد دعت مرشحة حزب “فرنسا الأبية” في الانتخابات الأوروبية والمحامية من أصول فلسطينية ريما حسن لتنظيم هذا الاحتجاج، مدعومة بعدد كبير من الجمعيات المناصرة لفلسطين ونواب فرنسيين آخرين.
ضربات غير قانونية
وانضم عدد من النواب عن حزب “فرنسا الأبية” للحشود الهائلة، بمن فيهم النائب ديفيد غيرو، الذي أكد تحذيره لحكومته عدة مرات من الإبادة الجماعية التي تحدث في غزة، قائلا “لقد استمرت إسرائيل في تنفيذ ضرباتها ووصلت إلى حد استهداف خيام النازحين في رفح، ثم رأينا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي خرج ليصف ما وقع بالحادث المأساوي، لكننا نعلم أن الأمر ليس كذلك”.
وأضاف -في حديث للجزيرة نت- أن “هذه الضربات غير قانونية لأن محكمة العدل الدولية أمرت بوقف إطلاق النار جنوبي القطاع. وأعتقد أن شعوب العالم اليوم متضامنة مع الشعب الفلسطيني، مما سيمكن من الضغط على الحكومات أكثر فأكثر لإجبارها على اتخاذ التدابير اللازمة لوضع حد للإبادة الجماعية ووضع جميع المسؤولين عنها وراء القضبان”.
من جانبه، أوضح زميله في الحزب كارلوس مارتينز بيلونغو، أن سبب اختيار التوجه إلى السفارة الإسرائيلية بعد أكثر من 7 أشهر على هذا الصراع “يأتي نتيجة المذبحة الشنيعة التي شاهدها الجميع في رفح، وهؤلاء أرادوا فعل شيء رمزي وقوي في الوقت ذاته للقول إننا سئمنا من غياب العدالة للشعب الفلسطيني”.
وتابع قائلا في حديث للجزيرة نت “لقد التقى وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه بوزراء إسرائيليين هذا الأسبوع في باريس، حيث ألقى خطابات واهية لا تستند على الحقائق، مشيرا إلى أن فرنسا تدين وتطلب وقف إطلاق النار لكن من الواضح أن حكومتنا تستمر في الاستهتار والتواطؤ فقط”.
يذكر أن السفارة الإسرائيلية تقع بالقرب من قصر الإليزيه وسفارتي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وقد انتشرت قوات الأمن بشكل مكثف في هذا المكان منذ إعلان تنظيم المظاهرة.
رفح كلمة السر
وعلى بعد أقل من كيلومتر واحد من مبنى السفارة الإسرائيلية، هتف المتظاهرون بشعارات “كلنا أطفال غزة” و”غزة حرة” و”ماكرون متواطئ” و”كل الأعين على رفح”، رافعين الأعلام الفلسطينية ولافتات كتب عليها “نتنياهو وبايدن مجرمو حرب” و”جحيم إسرائيل”.
وقالت المتظاهرة الفرنسية ماريانا، إن صور الليلة السوداء التي شهدتها رفح كانت السبب الرئيسي الذي جعلها تشارك في المسيرة الاحتجاجية، مشيرة إلى وجود عدد كبير من الأجيال الشابة وطلاب الجامعات الذين اختاروا الجانب الصحيح من التاريخ من خلال دعمهم لفلسطين.
من جانبه، أكد فرانسوا ريب، نائب رئيس جمعية التضامن الفرنسية مع فلسطين -التي شاركت في تنظيم المظاهرة- أن الحل الوحيد المتاح أمام الشعب الفرنسي هو التظاهر، لأنهم -حسب كلامه للجزيرة نت- رأوا “بالصوت والصورة كيف أحرق الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين أحياء في مخيم اللاجئين، وهو المكان الوحيد الذي كانوا يزعمون أنه آمن”.
كما التقت الجزيرة نت زهير لهنا، طبيب النساء والتوليد الذي عاد من رفح قبل أيام من القصف، حيث أعرب عن أسفه وصدمته لمشاهد حرق المخيم، قائلا إن “المكان الذي استهدف في رفح أعرفه جيدا لأنني كنت أعمل في المستشفى الإماراتي الواقع غربي المدينة”.
وأضاف “لم أستطع النوم منذ ليلة أمس بسبب منظر الأجساد المتفحمة والفلسطينيين الذين فقدوا كل ما يملكون”، مؤكدا صعوبة الوصول إلى مستشفى النجار الحكومي والمستشفى الأوروبي لأن الطريق المؤدية إليهما مقطوعة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي.
ومن خلال تجربته الطبية، يتوقع لهنا أن الجرحى الذين تعرضوا للحرق لن يستطيعوا النجاة نظرا لصعوبة علاج هذا النوع من الإصابات.