تعد مقاطعة بالم بيتش -وهي أكبر مقاطعات ولاية فلوريدا الأميركية- أحد أكبر المستثمرين في السندات الإسرائيلية، إذ يستثمر جوزيف أبروزو المشرف على الاستثمارات فيها 700 مليون دولار من أموال الضرائب في أدوات الدين الإسرائيلية الداعمة لاستمرار الحرب على غزة، وفق ما ذكرت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.
ويبلغ إجمالي المحفظة الاستثمارية للمقاطعة 4.6 مليارات دولار، والسندات الإسرائيلية المشار إليها هي إصدارات الديون الخارجية الخاصة التي استحوذت عليها حكومات الولايات والحكومات المحلية الأميركية منذ عملية طوفان الأقصى واندلاع الحرب على غزة.
ونقلت الصحيفة عن أبروزو قوله “أنا سعيد بوجود هذه السندات في محفظتنا الاستثمارية”، مشيرا إلى “العوائد الكبيرة والأمان والفائدة التي تعود على دافعي الضرائب في مقاطعة بالم بيتش” من الديون التي أصبحت جزءا مهما لكنه مثير للجدل كذلك من جهود إسرائيل لتمويل حرب أطول أمدا.
وتقول شركة سندات إسرائيل الضامن الأميركي لسندات الدين الصادرة عن إسرائيل إنها باعت أكثر من 3 مليارات دولار من الديون في جميع أنحاء العالم -أي 3 أضعاف المتوسط السنوي- منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وحسب الصحيفة البريطانية، فقد كانت الحكومات المحلية في الولايات المتحدة -بما في ذلك ولايات فلوريدا وإنديانا وأوهايو- من المشترين المتحمسين في الآونة الأخيرة.
نقطة محورية
تباع هذه السندات مباشرة إلى المستثمرين الأميركيين المؤيدين لإسرائيل، وصارت على نحو متزايد جزءا بارزا من التمويل الخارجي للبلاد، وربع إصدار الديون الخارجية لإسرائيل، وتساعد في دعم عجز الميزانية الذي تضخم خلال الحرب إلى 7% من الناتج المحلي الإجمالي في العام حتى أبريل/نيسان بسبب الإنفاق العسكري.
لكن السندات أصبحت كذلك نقطة محورية لكل من مؤيدي إسرائيل ونشطاء سحب الاستثمارات منها، وسط تصاعد التوترات بشأن دعم الولايات المتحدة حليفا تعرض سلوكه في الحرب لانتقادات شديدة.
وباعت إسرائيل أيضا سندات دولية تقليدية بقيمة 8 مليارات دولار في مارس/آذار الماضي، وفق وزارة المالية، وتلقت طلبات بقيمة 38 مليار دولار وشارك فيها “نحو 400 مستثمر مختلف من 36 دولة”.
وفي الوقت نفسه، بلغت قروض إسرائيل بالعملة المحلية 12.25 مليار شيكل (3.3 مليارات دولار) من مبيعات السندات المقررة في مايو/أيار الحالي، لكن السندات الإسرائيلية توسعت كحصة من إجمالي إصدارات الديون.
وذكر أبروزو -الذي يقول إنه تلقى “من دون مبالغة تصفيقا وقوفا” في تجمعات شراء السندات- أنه كان أول مستثمر أميركي يقدم طلبا لشراء السندات الإسرائيلية بعد عملية طوفان الأقصى.
وحطم أبروزو منذ ذلك الحين الرقم القياسي لمعظم هذه السندات التي تم شراؤها في يوم واحد بنحو 135 مليون دولار، كما تم مؤخرا رفع الحد الأقصى الذي فرضه مجلس الإدارة على استثماراته إلى 15% من المحفظة.
وفي مايو/أيار الجاري أضافت ولاية أوهايو الأميركية 30 مليون دولار من السندات الإسرائيلية إلى حيازتها البالغة أكثر من 260 مليون دولار، حسب الصحيفة.
وتم تسويق السندات -التي يصعب بيعها والمصممة للاحتفاظ بها حتى تاريخ الاستحقاق- لسنوات عديدة في الأغلب للشتات اليهودي العالمي من خلال سندات إسرائيل، وهي كيان مدعوم من الدولة يُعرف أيضا باسم شركة التنمية الإسرائيلية.
وباعت الشركة سندات بأكثر من 50 مليار دولار من الديون منذ أن أطلقها ديفيد بن غوريون رئيس الوزراء المؤسس لإسرائيل في الخمسينيات من القرن الماضي.
من يشتري سندات إسرائيل؟
ويتم شراء سندات إسرائيل في الولايات المتحدة من جانب المتضامنين سياسيا معها، والطلب على عوائد أعلى من سندات الخزانة الأميركية مع مخاطر يرونها منخفضة.
وأصبحت استثمارات بالم بيتش وميامي ديد وبروارد ومقاطعات فلوريدا الأخرى ممكنة بإقرار قانون الولاية لعام 2008 الذي أضاف السندات الإسرائيلية إلى سندات الخزانة الأميركية والديون المدعومة من الوكالات الفدرالية وصناديق سوق المال وغيرها من الأصول منخفضة المخاطر، ولا يسمح بأي سندات حكومية أجنبية أخرى.
ونقلت الصحيفة عن غوستين مارلو مدير مركز التمويل البلدي في كلية هاريس للسياسة العامة بجامعة شيكاغو قوله إنه في حين أن وزنها في محفظة بالم بيتش “فريد من نوعه” فقد استفادت السندات الإسرائيلية أيضا من التحول المطرد بين الولايات والمقاطعات الأميركية لتحسين عوائد استثماراتها.
ويعارض النشطاء المؤيدون لسحب الاستثمارات (من إسرائيل) -بما في ذلك منظمة الصوت اليهودي من أجل السلام التي أطلقت احتجاجات في الشوارع ضد السندات الإسرائيلية- أي تعرض لأدوات الدين هذه على أساس أن الأموال التي تم جمعها يمكن استخدامها لتمويل الحرب في غزة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولة حملة في منظمة الصوت اليهودي من أجل السلام داني نوبل قولها “من المرعب أن دولنا ومقاطعاتنا ومؤسساتنا المجتمعية الأخرى تستثمر بشكل مباشر من دون قيود أو شروط لضمان احترام حقوق الإنسان، فالسندات الإسرائيلية توفر بشكل مباشر دعما ماليا غير مقيد وغير خاضع للمساءلة”.
“المجموعة الصغيرة الصاخبة”
في المقابل، قالت شركة سندات إسرائيل إن “هذه المجموعة الصغيرة ولكن الصاخبة من المتظاهرين لا يمكنها صرف الانتباه عن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها” المتمثلة في “الدعم غير المسبوق” للديون الإسرائيلية منذ بداية الحرب، مضيفة “نتطلع إلى البناء على هذا النجاح في الأشهر المقبلة والاستمرار في توضيح أن جهود المقاطعة محكوم عليها بالفشل”.
وأعلن الناشطون المحليون مؤخرا أنهم سيرفعون دعوى قضائية بشأن حيازات بالم بيتش من السندات بعد الاحتجاج خارج مكاتب المقاطعة.
وقال غوستين مارلو “أعتقد أننا سنشهد ضغوطا أكبر بكثير على سحب الاستثمارات، لقد تلقيت الكثير من الأسئلة في الأسابيع الأخيرة بشأن كيفية عمل مجمعات الاستثمار الحكومية المحلية، لأن ثمة كثيرا من الأشخاص الذين يعدّون حملات ضغط”.
ومع ذلك، لا يزال أبروزو -وهو عضو سابق في مجلس الشيوخ عن ولاية فلوريدا- داعما قويا لسندات إسرائيل، ونقلت عنه الصحيفة قوله إن الاحتجاجات على السندات “لن يكون لها أي تأثير علي أو على مكتبنا، مضيفا أنه ليست لديه أي مخاوف بشأن استرداد السندات.
وقال “السبيل الوحيد لإيذائنا هو زوال أمة إسرائيل، وهذا لن يحدث”، حسبما نقلت عنه الصحيفة.