صور – ألقت الحرب الدائرة في جنوب لبنان بظلالها على قطاع الصيد في المدينة، وهو ما أدى إلى شلّه وتكبيد الصيادين خسائر فادحة تزداد يوميا مع استمرار العدوان، ليجدوا أنفسهم في شباك الاعتداءات الإسرائيلية من جهة والأزمة المعيشية اللبنانية من جهة أخرى.
ويواجه ما بين 350 إلى 400 صياد في مدينة صور، موزعين على نحو 180 زورق صيد، مخاطر يومية متزايدة من قبل زوارق إسرائيل الحربية، حيث لم تعد المسافة البحرية الممتدة بين الزهراني والناقورة، والتي تبلغ حوالي 31 ميلا (57.4 كيلومترا)، آمنة لهم، وأصبح مصدر رزق هؤلاء الصيادين محفوفا بالمخاطر.
ويقول نقيب صيادي صور، سامي رزق لـ”الجزيرة نت”: “منذ بداية العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان، تراجع عمل الصيادين كثيرا لأننا نعمل في جنوب مدينة صور باتجاه الناقورة حيث السمك الوفير، وعندما يكون الوضع متأزما ومتوترا، لا يستطيع الصيادون الذهاب باتجاه الحدود الجنوبية البحرية للعمل”.
تأثير العدوان
ويضيف رزق: “نعاني أيضا من تأثير العدوان على الأسماك، حيث انخفض الطلب عليها من المطاعم والمنشآت السياحية الأخرى بسبب قلة الزوار. الموسم السياحي ليس بخير حاليا، ونحن في حالة حرب، وكل القطاعات تتأثر ببعضها البعض”.
ولم يخف رزق أن “المشكلة الثالثة تتعلق بالتكنولوجيا، إذ يعتمد معظم عمل الصيادين على أنظمة تحديد المواقع “جي بي إس” (GPS). نضع شباكنا، لكن عندما لا يعمل النظام بشكل صحيح بسبب التشويش الإسرائيلي، يتكبد الصيادون خسائر ولا يصلون إلى أهدافهم”.
وداخل ميناء صور، ينشغل الصيادون بإصلاح الشباك وصيانة المراكب التي ترسو في حالة انتظار لرحلة صيد جديدة. لم يعد قطاع الصيد كما كان في السابق، إذ يتراجع عاما بعد عام، لكن الحرب الإسرائيلية الحالية أثقلت كاهل الصيادين وحدّت من قدرتهم على كسب قوت يومهم.
تدهور القطاع
يشكو الصياد عامر الزوز، الذي قضى 30 عاما في مهنة الصيد، من تراجع كبير لقطاع الصيد بشكل عام، وزادت الحرب من تدهور هذا القطاع. ويقول لـ”الجزيرة نت”: “أبدأ العمل من الساعة 8 صباحا حتى 2 ظهرا في إصلاح الشباك فقط، لم أعد أقوم بالصيد بمركبي يوميا، وكل ما نجنيه يتراوح بين 600 إلى 700 ألف ليرة لبناني (من 7 إلى 8 دولارات) في اليوم، وهي لا تكفي شيئا”.
ويضيف الزوز: “كنا سابقا نستخدم نظام تحديد المواقع “جي بي إس” لتحديد مكان وضع الشباك بدقة، فنضع 10 شباك ونركز عليها لصيد السمك. لكن اليوم، مع تعطله، وإذا قمنا بالصيد، نضطر لوضع 70 قطعة بدلا من 15، وهو ما يشكل خسارة كبيرة لنا”.
وحال الصياد علي طه ليس أفضل من زملائه، ويقول باستياء لـ”الجزيرة نت”: “نحن بحارة من صور، ورثنا المهنة عن أجدادنا. أنزل إلى الميناء يوميا لأسعى وراء لقمة عيشي، وأكسب بين 500 ألف ومليون ليرة لبنانية، ما يعادل نحو كيلوغرام من اللحم”.
ويشير: “أنا حاليا، أخاطر وأذهب جنوبا إلى منطقتي البياضة والناقورة، حيث يكون القصف الإسرائيلي فوق رؤوسنا أحيانا، في حين تسمع أصوات الغارات بوضوح.. إذا استمرت الحالة على هذا النحو، فإنه من المحزن أن نخرج في رحلات الصيد، لأنها تشكل خسارة وخطرا في نفس الوقت”.
وينشغل الصياد محمد أبو العينين في إصلاح محرك مركبه الذي لم يعد يعمل بكفاءة كما كان في السابق، ويصف رحلته في الصيد لـ”الجزيرة نت” ويقول: “نبدأ رحلتنا نحو الثالثة فجرا، نتجه حاليا شمالا، نحو القاسمية وعدلون وصولا إلى الصرفند والزهراني لم نعد نتجه جنوبا بسبب المخاطر”.
ويضيف: “نعمل بقدر استطاعتنا، لكن ليس بنفس راحة البال كما كان الحال في السابق بالنسبة لصيد الأسماك. ونسعى جاهدين لتأمين قوت يومنا وتغطية نفقات أسرنا الضرورية مثل تكاليف التعليم والمعيشة في ظل الأزمة اللبنانية الخانقة”.
على الجهة الأخرى من ميناء صور، ينشغل أصحاب قوارب السياحة بصيانة وتجديد قواربهم المخصصة للرحلات البحرية قبالة مدينة صور أو باتجاه الجنوب نحو الناقورة، على أمل انتهاء الحرب قريبا واستئناف رحلاتهم التي ينتظرونها خلال الموسم السياحي.
ويقول صاحب مركب سياحي، اسمه جورج داود لـ”الجزيرة نت”: “تأثرت الملاحة بنسبة 80% تقريبا. في مثل هذه الأيام، كنا نقوم بجولات سياحية بالقوارب لطلاب المدارس والسياح، لكن كل هذا توقف اليوم. لقد تأثرنا بشكل كبير بسبب الحرب على الحدود”.