أثنى محللون سياسيون وقانونيون على قرار محكمة العدل الدولية الذي طالبت فيه إسرائيل بأن توقف فورا هجومها على مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، وطالب بعضهم الدول العربية بأن تتحرك مع بلدان أخرى داعمة للقضية الفلسطينية للضغط على إسرائيل.
وفي قرار أصدرته اليوم الجمعة بناء على طلب جنوب أفريقيا ضمن دعوى شاملة تتهم تل أبيب بارتكاب جرائم إبادة جماعية في القطاع، قالت محكمة العدل الدولية على لسان رئيسها القاضي اللبناني نواف سلام إنه “وفقا لمعاهدة منع الإبادة الجماعية فإن أي عمل إضافي في رفح قد يؤدي إلى دمار جزئي أو كلي”.
ويرى المحامي والخبير في القانون الدولي الدكتور سعد جبار أن القرار الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في غاية الأهمية، ويعطي الفرصة للدول الداعمة للسلم وللقضية الفلسطينية بأن تطالب بشكل فوري مجلس الأمن الدولي بأن يتخذ قرارا بغض النظر عن التصويت الأميركي.
كما أن الدول التي كانت مترددة في مواقفها يمكنها الآن أن تتخذ قرارات فردية ضد إسرائيل، مستندة في ذلك إلى كون هذه الأخيرة باتت كيانا مارقا لا يحترم القانون الدولي، ومطاردا أمام المحكمة الجنائية الدولية، ومطالبا بالالتزام قانونيا أمام محكمة العدل الدولة.
ووفق الخبير القانوني، فبإمكان أي دولة -بعد قرارات محكمتي العدل الدولية والجنائية الدولية– أن تقاطع إسرائيل أو تعاقبها أو توقف معاملتها التجارية معها أو مساعدتها عسكريا، قائلا إن الاتحاد الأوروبي على سبيل المثال سيجد صعوبة بعد الآن في تقديم المساعدات لإسرائيل.
وأمام الدول العربية -يواصل المتحدث نفسه- فرصة ثمينة لتوظيف حكم محكمة العدل الدولية، بالتعاون مع دول أفريقية وآسيوية ومن أميركا اللاتينية، للحديث بصوت واحد ومخاطبة رئيس الولايات المتحدة الأميركية بأنه يجب إيقاف الحرب في قطاع غزة وإقامة الدولة الفلسطينية.
القرار يضع إسرائيل في الزاوية
وبالنسبة للأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي، فإن المجموعة الدولية مطالبة الآن بفرض عقوبات على إسرائيل ومعاقبتها عسكريا وأكاديميا، وأن تكون الدول العربية والإسلامية في مقدمة الصفوف في فرض إجراءات عقابية على تل أبيب التي لم تعد فوق القانون الدولي، بحسب البرغوثي.
ورغم تشديده على أهمية قرار محكمة العدل الدولية لأنه ملزم حسب القانون الدولي وسيضع إسرائيل في الزاوية، فإن البرغوثي تمنى لو طالب القرار بوقف شامل للحرب في قطاع غزة.
وحسب الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور مهند مصطفى، فإن القرار يضع إسرائيل في حرج ويضر بسمعتها، زيادة على أنه يجعها تورّط حلفاءها وخاصة الولايات المتحدة التي قال إنها ستقع في انهيار أخلاقي لو استخدمت حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ضد قرار محكمة العدل الدولية.
وقال إن إسرائيل أثبتت أن لديها تبعية مطلقة للولايات المتحدة، وهذا يضعفها من الداخل ويضعف قوة ردعها ومكانتها الإستراتيجية.
وعن أهمية قرار محكمة العدل الدولية، أوضح المحامي والخبير في القانون الدولي أن القرار تاريخي وفريد من نوعه وملزم لأن التصويت عليه جاء بالإجماع ناقص واحد، ولأن المحكمة عادة لا تعدل في قراراتها بشأن القرارات المتعلقة بالتدابير الوقائية إلّا في حالات استثنائية، وهذه واحدة منها.
بالإضافة إلى ذلك، جاء القرار -يضيف المحامي جبار- بعد أن طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان بإصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت على خلفية الجرائم التي ارتكبت في قطاع غزة. وقال جبار إن ذلك سيقوّي من موقف المدعي العام الذي كان متخوفا ومهددا.