واشنطن- طالب عضوان جمهوريان بمجلس النواب تعديل المادة (38) من القانون الأميركي، وقانون الإغاثة المدنية للجنود، لينص على أهلية المواطنين الأميركيين الذين يخدمون في جيش الاحتلال الإسرائيلي، للحصول على بعض أشكال الحماية والمزايا التي يتمتع بها جنود الجيش الأميركي.
وقدم النائبان جاي ريشنتالر، عن ولاية بنسلفانيا، وماكس ميلر، عن أوهايو، مشروع قرار رقم “إتش آر 8445” طالبين فيه أن يحصل الأميركيون الذين يحاربون في صفوف جيش الاحتلال على مزايا عينية ومالية وصحية، وبتوسيع مزايا “قانون حقوق التوظيف وإعادة التوظيف” في الجهات الحكومية.
ومن بين هذه المزايا، ضمانات مالية في عقود الإيجار، وودائع الضمان، وعدم الطرد من شقق أو بيوت الإيجار، وعقود التقسيط، وأسعار الفائدة على بطاقات الائتمان، والرهون العقارية، والإجراءات القضائية المدنية، ومدفوعات ضريبة الدخل، إضافة لبعض حقوق قدامى المحاربين.
أمر مستهجن
وفي حديث للجزيرة نت، عدّ مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأوسط السفير ديفيد ماك، هذه الخطوة “شيئا شائنا”. وعبّر عن خشيته من أنها قد تحظى بدعم في مجلس النواب الذي يقوده الجمهوريون، في استجابة جزئية للضغط الذي تمارسه منظمة “أيباك” وغيرها من جماعات الضغط الموالية لإسرائيل.
وفي بيان للنائبين -اطلعت عليه الجزيرة نت- قال ريشنتالر “سيضمن هذا التشريع أننا نفعل كل ما هو ممكن لدعم هؤلاء الأبطال الذين يقفون مع إسرائيل ويقاتلون من أجل الحرية ويكافحون الإرهاب في الشرق الأوسط”، على حد وصفه.
في حين قال ميلر “مع استمرار أقرب حليف لنا في الشرق الأوسط في الدفاع عن نفسه ضد الإرهاب، قرر العديد من الأميركيين الشجعان مد يد المساعدة. أنا فخور بأن هذا التشريع يوفر حماية مهمة لأولئك الأميركيين الذين اختاروا المخاطرة بحياتهم في الحرب ضد الإرهاب”، وفق تعبيره.
مشاركة أميركية
وينخرط من 20 إلى 34 ألف أميركي في الجيش الإسرائيلي، وتحدّث بيان النائبين عن وجود “أكثر من 20 ألف مواطن أميركي يدافعون حاليا عن إسرائيل ضد إرهابيي حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ويخاطرون بحياتهم من أجل حماية حليفنا”، حسب نص البيان.
وقبل أسابيع، أشار تقرير لصحيفة واشنطن بوست إلى وجود حوالي 23 ألفا و380 مواطنا أميركيا في جيش الاحتلال، وكثير منهم مهاجرون إلى إسرائيل، وذلك استنادا لبيانات رسمية إسرائيلية.
وتحدثت الصحيفة حينذاك عن مقتل نحو 21 أميركيا في وحدات الجيش الإسرائيلي داخل غزة، وقتل جندي أميركي آخر على الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان، وقتل آخر في القدس أثناء خدمته في شرطة الحدود الإسرائيلية، وذلك وفقا للسفارة الأميركية في تل أبيب.
وتشير هذه التقديرات إلى أن الأميركيين يمثلون قرابة 10% من قتلى الحرب الإسرائيليين منذ بدء الغزو البري في قطاع غزة، وذلك رغم أن المواطنين الأميركيين يشكلون أقل من 2% من سكان إسرائيل.
وتم أسر واحتجاز 11 أميركيا آخرين يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وتقول وزارة الخارجية الأميركية إن “5 مواطنين أميركيين ما يزالون محتجزين لدى حماس داخل غزة”.
وكانت إسرائيل قد طالبت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي نحو 360 ألف جندي احتياطي داخلها وخارجها بالرجوع إلى وحداتهم العسكرية، وكان من بين المدعوين آلاف اليهود الأميركيين من مزدوجي الجنسية، وذلك في إطار استعدادها حينها لتوسيع عدوانها على غزة، ولأي مواجهة كبيرة مع حزب الله اللبناني.
وأرجع السفير ماك المبادرة الجمهورية إلى حسابات سياسية، وقال إن دافعها هو الرغبة في تقويض ادعاء إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بأنها تبذل قصارى جهدها لدعم “دفاع إسرائيل عن نفسها”.
تشكيك
وهناك 4 محددات تحكم قانونية مشاركة وانخراط أميركيين في جيوش أجنبية، وهي:
- بصفة عامة يمكن أن يخدم مواطن أميركي في جيش أجنبي، طالما أن هذا الجيش لا يشارك في أعمال عدائية ضد الولايات المتحدة.
- يحظر قانون الحياد لعام 1794 على مواطني الولايات المتحدة الانخراط في عمل عسكري ضد البلدان التي تجمعها معها علاقات سلام. ويمكن أن يؤدي انتهاك هذا إلى عقوبات شديدة، بما في ذلك الغرامات والسجن.
- لا يوجد حظر عام على الخدمة في جيش بلد حليف للولايات المتحدة.
- لا يواجه المواطنون الأميركيون الذين ينضمون إلى جيش أجنبي غير معادٍ للولايات المتحدة بشكل عام تداعيات قانونية بموجب قانون التجنيد الأجنبي. ونادرا ما تم تطبيق هذا القانون في العصر الحديث.
وقال السفير ماك “من السهل رؤية كيف يمكن للأميركيين المتطوعين في جيش الاحتلال المشاركة في أعمال إسرائيلية غير مقبولة مثل غزو مدينة رفح، والهجمات التي تؤدي إلى مقتل مدنيين من غزة في مرافق مثل المستشفيات والمدارس ومراكز الإغاثة الإنسانية”.
بدوره، عبّر ديفيد دي روش، المسؤول العسكري السابق والأستاذ المساعد حاليا في مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الإستراتيجية بجامعة الدفاع الوطني التابعة للبنتاغون، عن رفضه لمبادرة عضوي مجلس النواب الأميركي. وشكك في إمكانية تمرير مثل هذا التشريع، وتوقع ألا يتم تمريرة للنقاش أو التصويت عليه.
وقال دي روش “لدينا صعوبات بما فيه الكفاية لجذب مجندين جدد للجيش الأميركي، ولا ينبغي لنا أن نقلل من فوائد جنودنا لصالح دولة أخرى. لقد قاتل إلى جانبنا الكنديون والبريطانيون في الحرب العالمية الثانية وفي حرب أفغانستان، لماذا لا نمنحهم المزايا نفسها؟”.
وأضاف، في تصريحه للجزيرة نت، أن المحاربين القدامى الأميركيين يعانون من أجل أن يحصلوا على ما وُعدوا به من مزايا وفوائد. وأكد قائلا “لا نحتاج لتقليل مزاياهم من أجل توفير مزايا للمقاتلين في جيوش أجنبية”.