كيف ينظر الأميركيون إلى التغييرات المرتقبة في السلطة بإيران؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

واشنطن- تراقب إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن عن كثب تعامل إيران مع الرحيل المفاجئ لرئيسها إبراهيم رئيسي، في وقت تتوقع فيه واشنطن أن يستمر الوضع الإقليمي الهش، وسط مخاوف من تجدد تصعيد التوترات بين طهران وتل أبيب.

وبصفة عامة، لا يتوقع خبراء العلاقات الإيرانية الأميركية ممن تحدثت إليهم الجزيرة نت في واشنطن؛ حدوث أي تغيير في طريقة إدارة طهران لسياساتها الخارجية قبل أن يصوت الشعب الإيراني ويختار رئيسا جديدا، في أعقاب حادث تحطم طائرة مروحية نهاية الأسبوع، أسفر عن مصرع رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان ومرافقيهم.

عند وصوله للحكم، وعد الرئيس الإيراني الراحل بأن حكومته ستتفاوض مع الولايات المتحدة بشأن العودة إلى الاتفاق النووي، المعروف رسميا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، إلا إنه ومع تشدد الطرفين، توقفت المفاوضات.

وسرعت طهران برنامجها النووي عقب ذلك، وتجاوزت الآن القيود المفروضة مسبقا، وقامت بتخصيب اليورانيوم قرب المستويات اللازمة لبناء أسلحة نووية، وفقا للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وفي الوقت نفسه، استمرت طهران في دعم عدد من الفصائل المسلحة والمليشيات، التي يقاتل بعضها إسرائيل، وفي بعض الحالات القوات الأميركية، في سوريا والعراق ولبنان، بالإضافة لاستهداف الحوثيين للسفن في مضيق باب المندب من اليمن.

المدير العام للمنظمة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي (يسار) ورئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي بعد اجتماعهما في أصفهان (الأناضول)

مستوى التوتر

وتصاعد التوتر الشهر الماضي بعد قصف إسرائيل مبنى القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق، أسفر عن مقتل جنرالين إيرانيين. لكن رد إيران المباشر وغير المسبوق بإطلاق 300 صاروخ وطائرة مسيرة على إسرائيل، جعل الخصمين أقرب إلى حرب أوسع لا يبدو أن أيا منهما يريدها، كما دفع واشنطن للانخراط مباشرة في إسقاط الصواريخ والمسيرات الإيرانية.

وقالت باربرا سلافين، خبيرة الشؤون الدولية بمعهد ستيمسون في واشنطن، إنها لا ترى احتمال حدوث تغيير كبير. وفي حديث للجزيرة نت، أشارت سلافين إلى أن “إيران والولايات المتحدة كانا يتواصلان بالفعل بشكل مباشر وغير مباشر، لتجنب تصعيد إقليمي أو وقوع أزمة حول البرنامج النووي الإيراني”.

وتضيف “أعتقد أنه في أعقاب وفاة رئيسي، سيكون كلا الجانبين أكثر حذرا وعزوفا عن المخاطرة. تحتاج إيران الآن إلى إجراء انتخابات رئاسية جديدة وإيجاد بديل لرئيسي كرئيس وخليفة محتمل للمرشد الأعلى، في حين أن الولايات المتحدة في وضع انتخابي كامل. لذا فإن الجانبين سوف يتخبطان إلى حد كبير كما فعلا في الأشهر الأخيرة”.

An ambulance is parked outside the Iranian embassy after a suspected Israeli strike on Monday on Iran's consulate, adjacent to the main Iranian embassy building, which Iran said had killed seven military personnel including two key figures in the Quds Force, in the Syrian capital Damascus, Syria April 2, 2024. REUTERS/Firas Makdesi
قصف إسرائيل لمبنى القنصلية الإيرانية في دمشق أدى لتصاعد التوتر في المنطقة (رويترز)

تعزية تغضب الجمهوريين

ولم يمنع التوتر بين الطرفين من تواصل الحكومة الإيرانية مع الولايات المتحدة للحصول على المساعدة، في أعقاب تحطم المروحية التي كانت تحمل الرئيس إبراهيم رئيسي، لكن واشنطن “لم تتمكن من تقديم تلك المساعدة”، كما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر.

وذكر ميلر “طلبت منا الحكومة الإيرانية المساعدة. لقد أوضحنا لهم أننا سنقدم المساعدة، كما سنفعل استجابة لأي طلب من حكومة أجنبية في هذا النوع من الحالات”، مستدركا بأن الولايات المتحدة لم تستطع في النهاية مساعدة إيران لأسباب لوجستية.

وتعرضت وزارة الخارجية الأميركية لانتقادات لإصدارها بيان “تعزية” بعد وفاة رئيسي، وذلك رغم إقرار ميلر بأن رئيسي “يداه ملطختان بالدماء”.

وهاجم كبار الجمهوريين في مجلس النواب بشدة إدارة بايدن على خلفية التعزية. وقال النائب توم إيمر لشبكة فوكس “من السخف أن تروج إدارة بايدن لدعمها لحقوق الإنسان بينما تقدم في الوقت نفسه تعازيها الرسمية لجزار طهران. من الواضح أن الحزب الديمقراطي اليوم أصبح الحزب المؤيد للإرهاب”.

كما وصفت رئيسة مؤتمر الحزب الجمهوري في مجلس النواب إليز ستيفانيك، رسالة وزارة الخارجية بأنها “غير مقبولة وغير ضرورية وشائنة”. وكتبت ستيفانيك في بيان نشرته صباح الثلاثاء، “إن إعراب وزارة خارجية بايدن عن تعازيها لوفاة عدو وحشي لأميركا عذب وقتل شعبه وقاد مهمة تمويل الوكلاء الإرهابيين في جميع أنحاء العالم الذين قتلوا جنودا أميركيين، هو سقوط جديد لجو بايدن”.

انعكاسات على العلاقات

وفي حديث للجزيرة نت، قال تريتا بارسي، نائب رئيس معهد كوينسي بواشنطن “على المدى القريب، لن يكون لوفاة رئيسي تأثير كبير على العلاقات الأميركية الإيرانية لأن رئيسي لم يكن شخصية حاسمة في تلك المعادلة”.

مع ذلك، يستدرك بارسي “إذا أدى مقتله إلى أزمة منهكة داخل إيران، فقد يكون لها تأثير على نفوذها على المليشيات في سوريا والعراق التي ضغطت عليها طهران لوقف مهاجمة القوات والقواعد الأميركية في الشرق الأوسط”. وقد يؤدي ذلك، بحسب المتحدث، إلى سيناريو تستأنف فيه تلك الهجمات نتيجة عدم قدرة طهران على استخدام نفوذها للسيطرة عليها.

من جانبه، أكد تشارلز دان، المسؤول السابق في البيت الأبيض في عهد الرئيس جورج بوش، في حديث للجزيرة نت، ما ذهب إليه نائب رئيس معهد كوينسي قائلا “من غير المرجح أن تؤثر وفاة رئيسي على القضايا الأساسية بين البلدين”.

وتتعرض القيادة الإيرانية لضغوط بسبب التحديات التي تواجه النظام داخليا على صعيد السياسة والاقتصاد، وكذلك المواجهة مع إسرائيل، ويبدو أنه ليس هناك مزاج لإجراء تغييرات جوهرية، بحسب دان.

ويقول المسؤول الأميركي السابق “سيتعين علينا أن نرى من يسمح له بالترشح للرئاسة، لكنني أتوقع ظهور مرشح متشدد آخر متحالف مع المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي”.

بدوره، اعتبر خبير الشؤون الإيرانية جودت بهجت، المحاضر بمركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا بجامعة الدفاع الوطني التابعة للبنتاغون، أن وفاة رئيسي وعدد من كبار المسؤولين هي ضربة كبيرة للحكومة الإيرانية.

ومع ذلك، يقول البروفيسور بهجت للجزيرة نت “من المهم عدم المبالغة في ذلك. ففي تاريخها الذي يزيد على 4 عقود، شهدت الجمهورية الإسلامية بعض الضربات الكبرى، بما في ذلك عملية إرهابية كبرى قامت بها منظمة مجاهدي خلق عام 1979 عندما قتل الرئيس ورئيس الوزراء ومسؤولون كبار آخرون حيث نجت الجمهورية الإسلامية”.

وبناء على ذلك، استبعد بهجت أي تغيير كبير في السياسات الداخلية أو الخارجية الإيرانية، مضيفا “سيبقى العمل كالمعتاد إلى حد ما. لقد تم تهميش ما يسمى بالمعتدلين، ويسيطر ما يسمى بالمتشددين سيطرة كاملة على جميع أفرع الحكومة”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *