طرحت صحيفة “يديعوت أحرونوت” على موقعها الإلكتروني عدة أسئلة تتعلق بعزم المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات اعتقال بحق عدد من قادة إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بتهمة ارتكاب “جرائم حرب”.
وتساءلت الصحيفة في مقال تحليلي لمراسلها السياسي إيتمار آيخنر عما سيحدث بعد ذلك، وعما إذا كانت هناك سابقة من هذا القبيل، وعن سبب بقاء كبار قادة الجيش الإسرائيلي خارج دائرة الاتهام.
وكان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان أعلن الاثنين أنه طلب إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، لارتكابهما “جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”.
وشمل الطلب أيضا 3 من قادة حماس هم: محمد الضيف وهو القائد العام لكتائب القسام الجناح العسكري للحركة، ورئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، ورئيسها في غزة يحيى السنوار، بتهمة ارتكابهم “جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”.
تراجع المكانة
ووفقا للمقال، فإن طلب كريم خان يظهر تراجع مكانة إسرائيل على الساحة الدولية إلى أدنى مستوى على مر تاريخها، “فلطالما اعتقد القادة الإسرائيليون أنه لا يمكن المساس بهم، لكن الأمر لم يعد كذلك”.
ولأن الطلب لم يشمل وزير خارجية دولة الاحتلال يسرائيل كاتس على سبيل المثال واقتصر على غالانت دون غيره من الوزراء، فإن آيخنر يجيب على ذلك بالقول إن الأخير هو أحد أعضاء مجلس وزراء الحرب المصغر، ومن ثم فهو المسؤول.
وحول احتمال موافقة الدائرة التمهيدية للجنائية الدولية على طلب مدعيها العام، يقول مراسل الصحيفة إن من الصعب الاعتقاد بأن الدائرة لن تصدر أمرا باعتقال غالانت، لكنه يتعين عليها ربط نتنياهو بوزير دفاعه “فكلاهما متهم بالجرم نفسه، وهناك احتمال أن يورط أحدهما الآخر”.
وهل يعني ذلك أن نتنياهو وغالانت لن يستطيعا السفر إلى الخارج بمجرد صدور مذكرتي اعتقال بحقهما؟
يرد آيخنر على هذا السؤال بالإيجاب، متوقعا أن ما من دولة أوروبية على استعداد لدعوتهما حتى لا تقع في مأزق ضرورة تسليمهما للجنائية الدولية.
وعن إمكانية إلغاء مذكرات الاعتقال، تعتقد الصحيفة الإسرائيلية أن من الصعب إلغاءها رغم أنه من غير المرجح أن تتعاون إسرائيل مع المحكمة.
فات الأوان
ويستبعد مراسل الصحيفة أن تتعرض المحكمة الجنائية لضغوط سياسية دولية، زاعما أن الأوان قد فات على ذلك، إذ تجاوز الوضع مرحلة الضغط السياسي ولم يعد من الممكن التأثير على المدعي العام.
وتتساءل الصحيفة أيضا: كيف يمكن أن يساوي المدعي العام بين السنوار ونتنياهو وغالانت؟
ويتكفل آيخنر بالإجابة عن ذلك بالقول إن كريم خان لا يساوي بين أطراف القضية، بل يحقق معهم ويبدي ملاحظته حول جرائم ارتكبوها.
لكن الكاتب يخشى من أن تكون هناك تداعيات قانونية إضافية تؤثر على إسرائيل، مضيفا أن المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية قد تُحرِّض على رفع دعاوى قضائية ضد إسرائيل في المحاكم الأجنبية.
وعما إذا كانت هناك سوابق لمذكرات اعتقال صدرت بحق قادة أجانب، أفادت الصحيفة بأن الادعاء العام للجنائية الدولية كان قد أصدر في عام 2014، أوامر باعتقال الرئيس الكيني في ذلك الوقت أوهورو كينياتا، بتهمة بالتخطيط لتطهير عرقي وتنفيذه بعد الانتخابات الرئاسية لعام 2007.
أما عن سبب عدم طلب المدعي العام إصدار مذكرات باعتقال من يديرون الحرب في غزة، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أو قائد القيادة الجنوبية، فإن الصحيفة ترى أن كلا القائدين العسكريين منفذان وليسا صانعي قرار، والمحكمة معنية بمن أعطى الأوامر، وليس من نفذها.
وحول السبب الذي دفع المدعي العام للتقدم بطلب علني وليس سريا بإصدار مذكرات الاعتقال، قال آيخنر إن الطلب السري سيفقده السيطرة على العملية، وسيسمح للقضاة بإصدار أوامر اعتقال ضد نتنياهو أولا وليس ضد السنوار، مما سيتسبب في أزمة حادة بين المحكمة الجنائية الدولية والأميركيين.