كشفت صور جديدة لقمر “أوروبا” التابع لكوكب المشتري التقطها مسبار الفضاء “جونو”، تفاصيل جديدة عن نشاطات جيولوجية طرأت على قطبي القمر، ويتضح أنّ الغطاء الجليدي في تلك المناطق قد أزيح عن موضعه الأصلي.
وحصل علماء وكالة الفضاء الأميركية “ناسا” على مجموعة من الصور عالية الدقة في نهاية عام 2022، بعد أن حلّق مسبار جونو عند أقرب مسافة تفصله عن قمر أوروبا تعادل نحو 355 كيلومترا من مستوى السطح، وتعد الصور الملتقطة مؤخرا هي الأعلى دقة على الإطلاق للجرم السماوي، ونُشِرت مؤخرا ضمن دراسة بحثية في مجلة “ذا بلانتري ساينس جورنال”.
وتمثل الصور الملتقطة مناطق قريبة من خط استواء القمر. وبعد معاينتها ودراستها وجد الخبراء أنّه بجانب الكتل والتلال الجليدية، ثمّة حفر شديدة الانحدار موزّعة بشكل غير منتظم بعرض يصل إلى 50 كيلومترا على سطح القمر.
ويعتقد العلماء أنّ محيطا كبيرا يوجد أسفل القشرة الجليدية لقمر أوروبا، مما يعني أنّ القشرة الجليدية ليست ثابتة وإنما في حالة طفو مستمر، ويتغيّر شكلها وموقعها مع مرور الوقت نظرا لحركة القمر حول محوره، وهو ما يُعرف بنظرية “الانزياح القطبي”.
وأوضح الباحث المشارك في الدراسة “كاندي هانسن” في بيان صحفي رسمي من وكالة ناسا، أنّ الانزياح القطبي يحدث إذا انفصلت القشرة الجليدية عن الأساس الصخري في الأسفل، وينتج عن ذلك مستويات ضغط عالية على القشرة فيطرأ عليها كسور وانشقاقات يمكن التنبؤ بأنماطها.
وتعد هي المرّة الأولى التي يعثر فيها العلماء على نمط لتلك التصدعات في النصف الجنوبي من القمر، ويظهر بأنّ تأثير الانزياح القطبي على سطح قمر أوروبا أكبر بكثير مما كان يُعتقد.
وأشار هانسن إلى أنّهم بعد الدراسة الأخيرة، غيّروا من نظرتهم لسبب حدوث فوهات قمر أوروبا التي كانوا يعتقدون أنّها تحدث بفعل الاصطدامات النيزكية، في حين أنها تحدث بسبب تقاطع تلال ومرتفعات القشرة الجليدية لدى حركتها المستمرة، وإحدى تلك الفوهات هي فوهة “غويرن” البالغ قطرها نحو 21 كيلومترا.
وتكشف إحدى الصور تفاصيل دقيقة ومعقدة أخرى تتعلّق بالنشاط الجيولوجي، واستعان العلماء بانعكاس ضوء المشتري على الجانب المظلم من القمر لإبراز تلك التفاصيل التي لا تظهر بسبب ضوء الشمس الساطع في فترة النهار.
وتظهر في الصورة بقعة داكنة تشكلت بفعل المواد الغازية التي تقبع أسفل القشرة وتنفث الهواء الساخن والماء عالي الملوحة إلى الخارج.
ويُجري علماء ناسا تحقيقات مكثّفة بشأن أهلية قمر أوروبا لاحتضان أي نوع من أنواع الحياة على سطحه، وذلك بإرسال مسبار الفضاء “كليبر” المقرر إرساله نهاية هذا العام 2024، على أن يصل إلى كوكب المشتري في عام 2030. كما أنّ مسبار “جوس” هو الآخر معني بدراسة أقمار الكوكب العملاق الذي أطلق في منتصف العام الماضي 2023.