شبح 1968 يطارد بايدن.. كابوس مؤتمر شيكاغو 2024

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

واشنطن- لا يخفي الكثير من المسؤولين الديمقراطيين قلقهم المتزايد من مصير ونجاح المؤتمر العام للحزب الديمقراطي، والذي يبدأ 19 أغسطس/آب المقبل، ويمتد 4 أيام، في مدينة شيكاغو بولاية إيلينوي، حيث سيُعلن فيه رسميا اختيار جو بايدن للترشح لـ4 سنوات جديدة في البيت الأبيض.

ومع تعهد الجماعات المؤيدة للفلسطينيين بتنظيم مظاهرات حاشدة خارج مقر المؤتمر الرئيسي في “يونايتد سنتر” (United Center) سواء بتصريح أو دون تصريح، يتوقع الكثير من المراقبين إثارة وصداما وربما أعمال عنف قد تغطي على أعمال المؤتمر، وتذكر الجميع بالصورة المأساوية لمؤتمر الحزب الديمقراطي الذي انعقد بشيكاغو في أغسطس/آب عام 1968، والذي كانت نتائجه كارثية.

ويأمل مستشارو بايدن أن يتم التوصل إلى اتفاق هدنة توقف القتال بين إسرائيل وحركة حماس، بما يسمح بتقليل التوترات وتمنح إدارة جو بايدن بصيصا من الأمل، بهدوء الحركة الاحتجاجية ضد سياسات إدارته الداعمة للعدوان الإسرائيلي، والتي وصلت لقمتها في حراك طلاب الجامعات الأميركية خلال الأسابيع الأخيرة.

وتعد شيكاغو الكبرى ثالث أكبر منطقة تجمع سكاني في أميركا، بتعداد يصل إلى ما يقرب من 9 ملايين نسمة، تضم كل ألوان الطيف العرقي والسياسي الأميركي، ويتهم الديمقراطيون عمدة مدينة شيكاغو الديمقراطي براندون جونسون بالتعاطف مع المتظاهرين، حيث سبق أن رفض طلب جامعة شيكاغو إرسال قوات الشرطة لفض اعتصامات الطلاب.

اشتباك بين الشرطة والمتظاهرين بالقرب من مكان انعقاد المؤتمر الوطني الديمقراطي في أغسطس/آب 1968 (غيتي)

تشابه سيئ

كان عام 1968 نقطة تحول في تاريخ الولايات المتحدة، بما شهده من اضطرابات اجتماعية وسياسية، حيث بدأ العام باختطاف كوريا الشمالية سفينة استخبارات تابعة للبحرية الأميركية “يو إس إس بويبلو”، واحتجزت طاقهما المكون من 82 بحارا، لأكثر من 11 شهرا.

وخلال العام، تم اغتيال اثنين من مؤيدي السلام، القس مارتن لوثر كينغ، والمرشح الديمقراطي روبرت كينيدي، وما تبع ذلك من أعمال عنف واسعة في عدة مدن أميركية قُتل فيها عشرات الأشخاص، كما شهد العام تصعيدا كبيرا في حرب فيتنام، وتم إقرار الحقوق المدنية لعام 1968، وأعلن الرئيس ليندون جونسون عدم ترشحه لفترة حكم جديدة.

وفي شيكاغو وداخل قاعات مؤتمر الحزب الديمقراطي، اختار قادة الحزب نائب الرئيس هوبرت همفري، على الرغم من أنه لم يشارك في أي انتخابات تمهيدية، ولم يتم اختيار مرشح القوى التقدمية المناوئة لحرب فيتنام النائب يوجين مكارثي.

وخارج قاعة المؤتمر شهدت شوارع شيكاغو موجة هائلة من الاحتجاجات، شارك فيها ما لا يقل عن 10 آلاف متظاهر، وقابلتها الشرطة بالقوة المفرطة، وتم اعتقال 668 مشاركا، كما أصيب مئات الأشخاص.

وبعد أقل من 3 أشهر، سهّلت فوضى المؤتمر وضخامة الاحتجاجات من تحقيق المرشح الجمهوري ريتشارد نيكسون فوزا سهلا في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني على غريمه الديمقراطي.

وقال السيناتور الديمقراطي بيتر ويلش من ولاية فيرمونت، والذي حضر مؤتمر 1968 كمتظاهر ضد حرب فيتنام، إنه قلق من أن الاحتجاجات هذا العام قد تلقي بظلالها على الإجراءات الرسمية، كما فعلوا قبل أكثر من 50 عاما، وأضاف “إذا لم يتغير الوضع بشكل كبير في غزة، أعتقد أن الأمر سيكون سيئا”.

ويذكر ويلش أنه كان من بين أولئك الذين كانوا ضد حرب فيتنام، حيث يعتبر اليوم أن المظاهرات قد أضرت أكثر مما ساعدت، ولكن من ناحية أخرى، يرى أنه من الصعب إيقاف الأشخاص الذين لديهم آراء عاطفية حول الحرب، وهو ما يقلقه.

مخاوف أمنية

بعثت الاشتباكات العنيفة بين المتظاهرين المناهضين للحرب والشرطة في حرم الجامعات برسائل قلق إلى قادة الحزب الديمقراطي، وزادت مخاوفهم من أن تداعيات دعم بايدن للعدوان على غزة قد تبتلع مؤتمر الترشيح الرئاسي لحزبه، حيث يخشى قادة ديمقراطيون من سيطرة أنباء الاحتجاجات وربما الصدامات مع الشرطة على أعمال المؤتمر الذي يحظى بمشاهدة تلفزيونية واسعة.

وضاعف ما شهدته جامعة شيكاغو الأسبوع الماضي -من عدم مشاركة قوات شرطة شيكاغو جنبا إلى جنب مع رجال شرطة الحرم الجامعي في فض اعتصامات الطلاب المحتجين- من مخاوف الديمقراطيين تجاه التزام شرطة شيكاغو بتوفير الأمن والنظام خارج مقر المؤتمر.

ويؤكد حاكم ولاية إيلينوي جيه بريتزكر أن شيكاغو ستكون مستعدة للاحتجاجات، لكن هذا ليس مريحا للديمقراطيين، الذين يتذكرون تعهد عمدة شيكاغو ريتشارد دالي عام 1968 بالحفاظ على الأمن والنظام، من خلال نشر 12 ألف شرطي و5 آلاف من رجال الحرس الوطني و7 آلاف و500 من قوات الجيش الأميركي.

وأكد المتحدث باسم المؤتمر الديمقراطي مات هيل أن حرية جعل الصوت مسموعا أمر أساسي للديمقراطية الأميركية، لكن سلامة المندوبين والضيوف والزوار تعد أولوية قصوى بالنسبة للمؤتمر، ويقول “نحن ندعم التنسيق المستمر بين المسؤولين الفدراليين والمحليين للحفاظ على أمن المدينة مع احترام حقوق الاحتجاج السلمي”.

من جانبه، يقول اتحاد الحريات المدنية في ولاية إيلينوي، إن مدينة شيكاغو غامضة للغاية بشأن خطتها الأمنية للمؤتمر الوطني الديمقراطي، لدرجة أنها قد تكون غير مستعدة لحشود المتظاهرين الذين سينزلون إلى المدينة، وفقا لبيان صدر عنه قبل أيام.

ورفع الاتحاد عددا من الدعاوى القضائية نيابة عن مجموعات وتنظيمات تخطط لتظاهرات احتجاجية سبق ورفضت السلطات المحلية منحهم تراخيص عقدها في مواقع مواجهة لمقر المؤتمر، في منطقة “الميل الرائع” (Magnificent Mile).

وحتى الآن، رفضت المدينة تقريبا كل طلبات تنظيم مظاهرات أو وقفات احتجاجية أو مسيرات، في المنطقة المواجهة لمقر المؤتمر، وعرضت عليهم المدينة أماكن بديلة يرى النشطاء أنها بعيدة جدا عن جمهورهم المستهدف من المندوبين والصحفيين والسياسيين الذين سيتدفقون على مقر المؤتمر في يونايتد سنتر.

من جهته، يقول عمدة مدينة شيكاغو براندون جونسون “نحن مدينة مختلفة، أنا عمدة مختلف، ورجال الشرطة لدينا يختلفون عما كان عليه الحال آنذاك، هذه ليست هي نفسها شيكاغو التي اندلعت فيها حالة من الفوضى خلال مؤتمر عام 1968”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *