العراق.. موقع إعدام صدام حسين سيصبح منتجعا سياحيا

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

بغداد- انقسم العراقيون في تقييم قرار الحكومة تحويل موقع ما يُعرف بـ”شعبة الاستخبارات الخامسة” في عهد النظام السابق، وبـ”معسكر العدالة” اليوم، الذي شهد أيضا عملية تنفيذ إعدام الرئيس الأسبق صدام حسين عام 2006، إلى منتجع سياحي وثقافي ومتحف.

وفي حين رأى البعض أنها خطوة مهمة تطوي “حقبة من الظلم والاستبداد” مرّ بها العراق، يعتقد آخرون بضرورة الحفاظ على جانب من مساحة هذه الشعبة الكبيرة “لتبقى شاهدا على عمليات التعذيب والإعدامات التي عرفتها في الماضي”.

وجاء في بيان لمكتب رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني -الأربعاء- أنه استنادا لتوجيهات رئيس الوزراء الصادرة في فبراير/شباط 2023، أقر المجلس المضيّ في إجراءات إخلاء وفتح منطقة “الشعبة الخامسة” في مدينة الكاظمية.

خطة متكاملة

وكشف بيان للناطق الرسمي باسم الحكومة باسم العوادي، عن خطة إعمارية متكاملة للمدينة، تشمل تخصيص أراضي هذه المنطقة لإقامة مرافق خدمية، ومراكز ثقافية ودينية، ومدن استراحة متعددة للزائرين الذين يفدون إليها من أبنائها ومن مختلف مناطق العالم.

كما تتضمن الخطة إقامة منشآت تعليمية وطبية ورياضية وأسواق تجارية تحاكي إرث المدينة، فيما سيتم ربط المنطقة الجديدة بمنطقة الكريعات بواسطة جسر معلق حديث، وربطها بالمنطقة المحيطة بضريح الإمامين الكاظمين، عبر سكة قطار.

وبحسب العوادي، سيتم تحويل المبنى الخاص بمقر “الشعبة الخامسة” إلى متحف كبير سيحتفظ بكل الوثائق والأدلة التاريخية وأدوات التعذيب والشواهد الأخرى.

وتقع “الشعبة الخامسة” في مدخل مدينة الكاظمية وقبالة مدينة الأعظمية عبر نهر دجلة شمالي العاصمة بغداد، وشهدت حالات تعذيب وإعدام معارضي الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين خلال فترة حكمه الممتدة من 1979 إلى 2003.

وتم إعدام صدام حسين نفسه في الموقع ذاته في 30 ديسمبر/كانون الأول عام 2006، على خلفية إدانته في “مجزرة الدجيل” والتي راح ضحيتها 148 شخصا عام 1982.

الكبيسي استبعد وجود بُعد سياسي في قرار تحويل الشعبة الخامسة إلى منتجع (الجزيرة)

خصوصية المكان

ومن بين الذين تعرضوا للتعذيب في هذا الموقع الكاتب والصحفي العراقي فلاح المشعل، بين 22 أيلول/سبتمبر1987 وحتى 23 فبراير/شباط 1988، مع آخرين متهمين بقضية التآمر على النظام السياسي آنذاك.

وقال المشعل إنه يساند تحويل الموقع إلى منتجع ترفيهي مع الحفاظ على خصوصية في جانب منه لتكون تذكارا له ولأهالي الضحايا. واقترح أن تكون هناك جدارية تدوّن فيها أسماء السجناء الذين قُتلوا في هذه الشعبة بعد تعذيبهم، واقترح دعوة الفنانين إلى مسابقة نصب تذكارية تُكتب فيها “قصة الموت في هذا المكان”.

وعن سبب الإعلان عن هذا القرار في هذا التوقيت، يعتقد المحلل السياسي والمستشار في “المركز العربي للدراسات الإستراتيجية” يحيى الكبيسي، أنها خطوة نابعة من رغبة حكومية في تطوير المنطقة المحيطة بمرقد الإمام الكاظم موسى بن جعفر خاصة بعد إنشاء جسر الكريعات المؤدي إلى الكاظمية.

ونفى وجود بُعد سياسي في اتخاذ هذا القرار. وأشار في حديثه للجزيرة نت إلى احتمالية وجود توصية أمنية بهذا الشأن، لأن موقع السجن والمعسكر ليس مناسبا على الإطلاق من الناحية الأمنية.

بوابة بغداد الشمالية، مدخل مدينة الكاظمية حيث تقع الشعبة الخامسة، الجزيرة نت
بوابة بغداد الشمالية ومدخل مدينة الكاظمية حيث تقع الشعبة الخامسة (الجزيرة)

خيانة للذاكرة

في المقابل، يرى المفكر والباحث في الشأن السياسي العراقي غالب الشابندر، أن القرار “خيانة للذاكرة العراقية في حال تحويله إلى منتجع أو مرفق ترفيهي، خاصة وقد قضى المئات من العراقيين نحبهم في هذا الموقع”.

ويقول الشابندر، وهو قيادي سابق في حزب الدعوة الإسلامية، للجزيرة نت، إن “الشعبة الخامسة” يجب أن تتحول إلى “ذاكرة مشتعلة بالشعور بالظلم والدكتاتورية بعهدة أهل الاختصاص وأصحاب الضمائر الطاهرة، لأن هذا الاختيار يقتل شعبا بكامله”، حسب تقديره.

من ناحيته، يصف رئيس “الاتحاد العربي للإعلام السياحي” صباح علال زاير، القرار الحكومي بالموفّق، لا سيما وأن العاصمة بغداد تفتقر للأماكن الترفيهية وبالأخص المطلة على نهر دجلة. وأوضح أن جميع دول العالم تستغل مثل هذه الأماكن لإنشاء منتجعات وحدائق ومتنزهات تكون متنفسا للناس الذين تجذبهم تلك الإطلالة.

ويضيف زاير للجزيرة نت، أن السائح القادم إلى العراق -وبغداد خصوصا- بحاجة إلى أن يرى معلما سياحيا يكون محط استراحة واسترخاء له، يضم فندقا كبيرا وأماكن ترفيهية ومقاهي ومطاعم فاخرة وغيرها.

من جانبه، يرى المحلل الاقتصادي ضرغام محمد علي، أن الحكومة تهدف من خلال قرارها إلى خلق منطقة سياحية في مفصل اقتصادي مهم، لأن الكاظمية تشهد سنويا زيارة مئات الآلاف، لذا هي بحاجة إلى منتجعات ومحطات استراحة، “خاصة وأن ما يتوفر بها لا يلبي الطموح”.

وفي حديثه للجزيرة نت، يعتبر محمد علي أن استثمار تلك المنطقة هو الأمثل كونه يزيد من الرقع الخضراء ويخلق متنفسا لأهاليها، كما يمنع الاستيلاء عليها من قبل متنفذين وتحويلها إلى مجمعات سكنية أو تجارية بطريقة غير مدروسة. وأشار إلى أن الشركات التي ستنفذ المشروع هي التي ستحدد الفترة الزمنية لإنجاز المنتجع وملحقاته.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *