في خضم الحرب الدائرة في غزة، اتخذ الرئيس الأميركي، جو بايدن، عدة قرارات مختلفة بشأن إرسال الأسلحة إلى إسرائيل. فبعد قرار تعليق إرسال شحنات قنابل ثقيلة إلى الجيش الإسرائيلي، وافق على صفقات أسلحة جديدة أخرى. كما هدد بمنع إرسال المزيد من الأسلحة الهجومية، إذا ما قام الجيش بالهجوم على مدينة رفح.
ومع تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإسرائيل بسبب سلوك رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، في الحرب على غزة، أصبح من الصعب التكهن بتوجه السياسة الخارجية للإدارة الأميركية فيما يتعلق بملف تسليم الأسلحة لإسرائيل، وفقا لصحيفة “بوليتيكو”.
ويحاول بايدن تحقيق توازن صعب بين الدعم القوي لأقرب حليف لأميركا في الشرق الأوسط توازيا مع إدانة القصف الإسرائيلي للمدنيين في غزة.
وتصاعد هذا التوتر، الأسبوع الماضي، عندما علقت الولايات المتحدة شحنة من القنابل الثقيلة إلى إسرائيل، قبل أن يهدد بعدها الرئيس بايدن بحجب المزيد من المساعدات الهجومية إذا شنت إسرائيل عملية كبرى في المدينة الجنوبية، حيث يحتمي أكثر من مليون شخص.
وعلى الرغم من ذلك، لا يزال تدفق الأسلحة الأميركية الأخرى متواصلا بلا عوائق أو توقف.
ويشمل ذلك شحنة محتملة بقيمة مليار دولار تحتوي على ذخيرة للدبابات ومركبات تكتيكية وقذائف هاون والتي أبلغت عنها الإدارة الكونغرس، الثلاثاء. كما أوضح بايدن أن الولايات المتحدة ستواصل توفير الأسلحة الدفاعية، بما في ذلك صواريخ اعتراضية لنظام الدفاع الجوي “القبة الحديدية”.
وتطرح التطورات الأخيرة تساؤلات بشأن الوضع الفعلي لعمليات إرسال الولايات المتحدة للسلاح إلى إسرائيل، فما الأسلحة التي تم تعليقها؟ وما التي تواصل التدفق والتي ما تزال قيد المراجعة والتداول بشأن مستقبلها؟
ما الذي تم تعليقه؟
قررت إدارة بايدن، في أواخر أبريل، تعليق شحنة من الذخائر أي غير الموجهة، التي توقع المسؤولون أن تستخدمها إسرائيل في رفح: 1800 منها كانت قنابل وزنها 2000 رطل، و 1700 منها كانت قنابل وزنها 500 رطل.
وكان المسؤولون الأميركيون قلقين بشكل خاص بشأن القنابل التي تزن 2000 رطل والتأثير الذي سيكون لهذا السلاح الضخم في بيئة حضرية مكتظة بالسكان.
وعند الإعلان عن التعليق، اعترف بايدن لأول مرة بمقتل مدنيين بهذه الأسلحة في غزة. وقال لشبكة سي إن إن، مشيرا إلى القنبلة التي تزن 2000 رطل: “قُتل مدنيون في غزة نتيجة لتلك القنابل وغيرها من الطرق التي يستهدفون بها مراكز السكان”.
وتابع: “لقد أوضحت لبيبي (نتانياهو) والمجلس الحربي: لن يحصلوا على دعمنا، إذا ذهبوا بالفعل إلى تلك المراكز السكانية”.
ووافق الكونغرس على تسليم هذه القنابل في عام 2021. وكانت قد حصلت على ترخيص من الإدارة، وتم تصنيعها، وكانت جاهزة للشحن عندما صدر الأمر بتعليق نقلها.
لكن هذه ليست القصة كاملة، وفقا لبوليتيكو، إذ أنه عادة ما يتم إرفاق تلك الذخائر بمجموعة توجيه، والتي تحولها إلى أسلحة “ذكية” يتم توجيهها بدقة إلى أهدافها.
وبالنسبة للقنابل التي تزن 2000 رطل، فتكون مرفقة بما يسمى “قنبلة الهجوم المباشر المشترك”، أما القنابل التي تزن 500 رطل، تكون معها ذخائر توجيه تسمى “قنبلة الهجوم المباشر الصغيرة”.
وشدد مسؤول أميركي رفيع، أن الشحنة التي تم تعليقها لا تحتوي على أي أطقم توجيه للقنابل، والتي تُعرف أيضا باسم “مجموعات الذيل”.
القنابل التي وترت العلاقة بين أميركا وإسرائيل.. مراحل تطورها وقدرتها التدميرية
عندما هدد الرئيس الأميركي جو بايدن بإيقاف بعض شحنات الأسلحة إلى إسرائيل في حال غزت مدينة رفح جنوب قطاع غزة، كانت الآثار المدمرة لأحد الأسلحة تثير قلقه بشكل خاص، وفقا لصحيفة “نيويورك تايمز”.
الأسلحة قيد المراجعة
بشكل منفصل، قال المسؤول الذي تحدث لبوليتيكو، شريطة عدم الكشف عن هويته، إن وزارة الخارجية تقوم بمراجعة العديد من المبيعات التجارية المباشرة الأخرى، خاصة تلك التي تتم بين الصناعة الأميركية وشريك أجنبي، والتي تتطلب رخصة تصدير معتمدة من الإدارة، بما في ذلك مجموعات ذيل JDAM.
وقال المسؤول إن أيا من هذه المبيعات لا تتضمن تحويلات “وشيكة”. وبعبارة أخرى، لن يتم استخدام أي منها في عملية رفح المباشرة.
ولا يزال قيد المراجعة أكثر من 6500 مجموعة من ذخائر JDAM. تم طرحها للترخيص في ديسمبر 2023، ولم توافق عليها الإدارة بعد، منذ ذلك الحين، وفقا لمساعد في الكونغرس ومسؤول أميركي..
وهناك مبيعات عسكرية أجنبية أخرى محتملة لإسرائيل والتي تمر عبر عملية موافقة من وزارة الخارجية. تتم هذه المبيعات بين حكومة الولايات المتحدة وحكومة أجنبية وعادة ما تنطوي على عملية أكثر تعقيدا وطويلة.
ومن المألوف أن تأخذ الإدارة الأميركية الوقت اللازم للتدقيق والتمحيص قبل إعطاء الضوء الأخضر لمثل هذه الأصناف من الأسلحة، والتي قد تتضمن محركات مخصصة للمقاتلات من طراز F-35، أو ذخائر للمدرعات، أو قذائف هاون، أو عربات تكتيكية متوسطة الحجم.
وبمجرد موافقة الإدارة والكونغرس على هذه الأسلحة، فمن المرجح أن تستغرق أشهر أو حتى سنوات قبل أن يتم إنتاجها وتسليمها.
وبحسب بوليتيكو، فإن العديد من المشرعين، وخاصة الجمهوريين، ليسوا سعداء بما يعتبرونه تصرفا أحاديا من الإدارة في حجب القنابل عن إسرائيل. إذ لم يتم إبلاغ الكونغرس في البداية بالشحنة المعلقة أو بالحالات الأخرى التي تراجعها الإدارة.
واشتكى أحد المساعدين قائلا: “تحاول الإدارة جاهدة إبقاء الكونغرس في الظلام بشأن الكثير من قراراتها. لقد كنا نطرح هذه القضايا باستمرار لكنهم لم يستجيبوا في تقديم صورة كاملة لما يجري ولماذا”.
واشنطن.. حزمة أسلحة جديدة لإسرائيل و”فيتو” مرتقب بشأن الحزمة المجمدة
كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال”، أن إدارة الرئيس، جو بايدن، أخطرت الكونغرس، الثلاثاء، أنها ستمضي قدمًا في صفقات أسلحة جديدة لإسرائيل تزيد قيمتها عن مليار دولار.
الأسلحة التي ما زالت تتدفق إلى إسرائيل؟
وظلت الولايات المتحدة المورد الرئيسي للأسلحة المتقدمة لإسرائيل على مدى عقود. وبموجب اتفاقية عام 2016، تقدم الولايات المتحدة لإسرائيل 3.8 مليار دولار كمساعدات عسكرية كل عام.
ويشمل ذلك 3.3 مليار دولار في التمويل العسكري الأجنبي – وهي العملية التي توفر من خلالها الولايات المتحدة لإسرائيل تمويلا لشراء أسلحة أميركية الصنع – و500 مليون دولار لبرامج الدفاع الصاروخي الأميركية الإسرائيلية المشتركة.
وسمح هذا الضمان لتمويل مدته عشر سنوات للحكومتين الإسرائيلية والأميركية بالتخطيط جيدا للأسلحة والمعدات مقدما، مما يعني أن هناك مناقشات دورية تجري بين الطرفين بشأن الموضوع.
ولا تكون أي من هذه المبيعات للشحن الفوري. إذ أن المناقشات قد تدور حول العقود والتسليمات الخاصة بالسنوات القادمة.
واعتبارا من أكتوبر، كان لدى الولايات المتحدة 599 “عملية نشطة” من مبيعات الأسلحة الأجنبية لإسرائيل، أي تلك التي تمت الموافقة عليها من قبل الإدارة وتم إبلاغ الكونغرس بها.
وبشكل عام، تقدر قيمة هذه العمليات لإسرائيل بـ 23.8 مليار دولار، وفقا لوزارة الخارجية.
ومنذ هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر، وافقت إدارة بايدن على ما يزيد عن 100 عملية بيع من هذا القبيل لإسرائيل، ولم يكن مطلوبا إخطار الكونغرس بمعظمها لأنها لم تصل إلى حد معين من الدولارات.
وتواصل الولايات المتحدة الموافقة على مبيعات محتملة جديدة للأسلحة لإسرائيل تتجاوز هذا الحد، مثل صفقة المليار دولار الذي أبلغت عنه الإدارة الكونغرس، الثلاثاء.
وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، بن كاردين، إن الإدارة أبلغت الكونغرس بالبيع بشكل غير رسمي وأنه يأمل أن تتم عملية الموافقة “في غضون أيام”. بعد ذلك، سيكون على الإدارة أن تقرر ما إذا كانت ستمضي قدما في عملية الإخطار الرسمية ومتى تفعل ذلك.
كما تدرس إدارة بايدن بيع ما يصل إلى 50 طائرة مقاتلة جديدة من طراز “F-15” لإسرائيل، مقابل 18 مليار دولار، بالإضافة إلى أسلحة أخرى، وفقا لما ذكرته بوليتيكو في فبراير.
وفي الوقت نفسه، قام البنتاغون أيضا بتسريع نقل الأسلحة من المخزون الاستراتيجي الذي احتفظت به الولايات المتحدة في إسرائيل منذ الثمانينيات، بالإضافة إلى عمليات تسليم الأسلحة التي اشترتها إسرائيل سابقا من الولايات المتحدة. وقد وصل بعض تلك الأسلحة إلى إسرائيل في الأيام الأولى من الحرب.
ومن المرجح أن يتبع ذلك تدفق المزيد من الأسلحة، بعد وافق الكونغرس في أبريل على مشروع قانون لتقديم دعم إضافي بقيمة 26.3 مليار دولار لإسرائيل، بما في ذلك مليارات الدولارات لأسلحة مثل نظام الدفاع الجوي “القبة الحديدية”.
