علّقت صحيفة “لوباريزيان” الفرنسية على إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سحب قوات بلاده من النيجر، معدّة ذلك اعترافا رسميا بالعجز، وأن الانقلابيين دفعوا باريس لاتخاذ هذه الخطوة لتخسر بذلك موطئ قدم لها آخر في الساحل.
وأبرزت الصحيفة ترحيب النظام العسكري في النيجر بهذا الإعلان، الذي رأى أنه “خطوة جديدة نحو سيادة بلاده”، وعن حديثه عن “لحظة تاريخية تشهد على تصميم وإرادة الشعب النيجري”.
وأوردت قول ماكرون، “لقد أنهينا تعاوننا العسكري مع النيجر”، وتأكيده أن عملية برخان كانت “ناجحة”، ووعده بعودة الجنود المنتشرين في النيجر بحلول نهاية العام إلى فرنسا، ولفتت إلى أن النيجر اتهمت فرنسا بالتحضير لتدخل مسلح ضدها، وهو ما نفته باريس.
ويقول منسق المرصد لوسط أفريقيا وجنوبها في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، تييري فيركولون، إنه “لم يكن هناك أي شيء آخر يمكن القيام به، لقد كان الحل الوحيد منذ البداية”، معلنا أن “حرب فرنسا ضد الجهادية قد انتهت رسميا”، وأن “فرنسا لم يعُد لها أي مستقبل في منطقة الساحل”، بعد أن كان لديها نحو 1500 جندي في هذه المنطقة، دفعت بها إلى النيجر في أعقاب الانسحابات الاضطرارية من مالي وبوركينا فاسو، في أغسطس/آب 2022 وأوائل 2023.
ويعدّ هذا الإعلان بالنسبة لفيركلون “اعترافا فرنسيا بالعجز”، مشيرا إلى أن “الانقلابيين دفعوا فرنسا إلى الخارج، ومن ثم ليس أمام رئيس الجمهورية خيار آخر سوى سحب قواته، وإلا فإن بقاءها يسمى احتلالا عسكريا”، ليبقى الوجود الفرنسي في أفريقيا مركزا في دول، مثل: السنغال (400 جندي)، وساحل العاج (900 جندي).
وضع بشع
وقالت صحيفة “ليبراسيون”، إن ماكرون استسلم أخيرا بعد شهرين من المواجهة مع المجلس العسكري الحاكم في النيجر، رافضا خلالهما الاعتراف بالمجلس الوطني لحماية الوطن، ومتجاهلا دعواته لرحيل السفير سيلفان إيت، ليقول أخيرا في مقابلة تلفزيونية، “لسنا هنا لنكون رهائن لدى الانقلابيين”، مضيفا أن الانسحاب سيتم بالتشاور مع المجلس العسكري، “لأننا نريد أن يتم ذلك سلميا”.
وكان المجلس العسكري قد ألغى اعتماد السفير الفرنسي، بعد رفضه الخروج من البلاد وحرمه من امتيازاته الدبلوماسية وهدد بطرده، وبطرد الجنود الفرنسيين المنتشرين في النيجر، في إطار الحرب على الجهاديين، في حين تمسكت باريس بمواقفها، إلا أن الوضع أصبح لا يمكن الدفاع عنه منذ 28 أغسطس/آب الماضي، عندما فرضت سلطات النيجر الجديدة حصارا أمام السفارة، ولم يعودوا يسمحون لأي شركة نيجرية بالدخول.
وقال مصدر دبلوماسي للصحيفة، “عندما يتعلق الأمر بالغذاء والماء، فإنهم بشكل عام يمنعون عمليات التسليم، ويسمحون في بعض الأحيان بمرور الإمدادات”، واحتج إيمانويل ماكرون في ذلك الوقت قائلا، “لدينا سفير وأعضاء دبلوماسيون محتجزون رهائن”.
وخلصت الصحيفة إلى أن قرار ماكرون وضع حدّا لموقف بشع، ونقلت قوله، “لسنا مسؤولين عن الحياة السياسية لهذه البلدان، وعلينا أن نستخلص الدروس الآن”، وذكّر بأن فرنسا تدخلت في السنوات الأخيرة “بناء على طلب النيجر وبوركينا فاسو ومالي على أراضيها لمحاربة الإرهاب”، وأبدى قلقه البالغ بالنسبة لهذه الدول التي أنهت على أثر انقلابات عسكرية تعاونها العسكري مع القوة الاستعمارية السابقة.
وختمت ليبراسيون، بأن رد الفعل في نيامي على إعلانات ماكرون كان ذا طبيعة مختلفة تماما، عندما قال أحد منظمي المظاهرات هناك، “نشعر بالفخر كوننا مواطنين نيجريين؛ لأننا أسهمنا في تغيير الأمور في بلادنا، وأننا نستطيع احترام إرادة الشعب”.