الجيش الإسرائيلي يكثف هجماته على مخيم جباليا ورفح

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 10 دقيقة للقراءة

تغطي القنوات التليفزيونية الإسرائيلية بشكل يومي الحرب في غزة، فيشاهد المواطن الإسرائيلي جميع مستجدات الأحداث باستثناء أمر واحد يبقي غالبا “غير موجود” في التغطيات الإعلامية، وهو الضحايا من سكان قطاع غزة، وفق تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال”.

ماذا يشاهد الإسرائيليون؟

كل مساء، يشاهد الإسرائيليون على نشرات الأخبار التليفزيونية على آخر المستجدات بشأن حرب غزة، بما يشمل محادثات وقف إطلاق النار واحتجاز الرهائن، والخسائر العسكرية الإسرائيلية، وتحليل ساحة المعركة، وتغطية هجمات 7 أكتوبر التي شنتها حركة حماس المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى، على إسرائيل.

وهناك شيء واحد غالبا ما يكون مفقودا في النشرات الإخبارية وهو “شعب غزة”، فداخل إسرائيل يمكن مشاهدة “حرب معينة” بينما يرى معظم بقية العالم حربا مختلفة، مع لقطات للدمار الذي سببته الغارات الجوية الإسرائيلية في القطاع المكتظ بالسكان، وأحياناً صور مروعة للفلسطينيين الذين قتلوا في القتال.

وتساعد هذه الشاشة المنقسمة في تفسير الهوة المتسعة بين إسرائيل وبين بقية العالم الذين تحول انتباههم من أهوال السابع من أكتوبر إلى الضرر الذي أحدثته الحملة الإسرائيلية لتدمير حماس. 

وقد تتسع هذه الفجوة في المنظور في الأسابيع المقبلة إذا وسعت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية جهودها لتدمير ما تبقى من كتائب حماس في مدينة رفح المزدحمة بجنوب غزة، وفق “وول ستريت جورنال”.

عملية عسكرية “محدودة أم شاملة”؟.. ما وراء إخلاء المزيد من المناطق برفح؟

هل ما زالت  العملية العسكرية “محدودة” أم أصبحت “شاملة”؟، تساؤلات تصاحب مطالب “الإخلاء الجديدة” التي وجهها الجيش الإسرائيلي لسكان أحياء عدة بمناطق مختلفة من مدينة رفح بجنوب قطاع غزة، فلماذا يتسع نطاق تلك العمليات؟ وما أسباب وتداعيات ذلك؟

وفي التلفزيون الإسرائيلي، لا توجد أي لقطات لقتلى الفلسطينيين، بل توجد فقط بعض مشاهد الدمار، وفقا لمديري وسائل الإعلام والصحفيين ومحللي وسائل الإعلام والإسرائيليين العاديين. 

ويقول العديد من اليهود الإسرائيليين، الذين عادة ما يتابعون الأخبار باللغة العبرية، إنهم نادرا ما يصادفون لقطات صريحة لغزة على هواتفهم الذكية، على الرغم من أنهم يدركون أن هناك دمارًا واسع النطاق وارتفاع عدد القتلى.

وأشار ما يقرب من ثلثي اليهود الإسرائيليين إلى أنهم شاهدوا القليل من صور الأضرار أو لم يشاهدوها على الإطلاق، وفقا لمسح أجراه معهد الديمقراطية الإسرائيلي في أبريل.

وقال شوكي توسيج، رئيس تحرير مجلة “Seventh Eye” وهي مطبوعة إسرائيلية تركز على وسائل الإعلام في البلاد: “إنك ترى كل شيء عن الحرب على التلفزيون الإسرائيلي باستثناء شعب غزة”. 

وأضاف: “في الوقت الحالي، لا تستطيع وسائل الإعلام الإسرائيلية التعامل مع واقع معقد… إنهم يعلمون أن مشاهديهم لا يريدون حقا رؤية صور لأعدائهم وهم يموتون.. لذلك لا يعرضونها”.

ورفض المتحدثون باسم القنوات التلفزيونية الرائدة في إسرائيل – كان 11 وكذلك القنوات 12 و13 و14 – التعليق أو لم يردوا على الطلب. 

وزودت القناة 12 صحيفة “وول ستريت جورنال” بعدة أمثلة لنشرات الأخبار الأخيرة التي تضمنت مشاهد للمباني المدمرة والأطلال في غزة ومدنيين يتحدثون عن محنتهم، بما في ذلك نقص الغذاء، ولم تكن هناك صور للمدنيين القتلى.

بين ليلة وضحاها.. كيف تغيرت مشاعر سكان رفح؟

“كنا نحتفل، نرقص، الشوارع امتلأت بهجة وفرحا وسرورا، كنا نهنئ بعضنا البعض بانتهاء هذا الكابوس، قبل أن ينقلب الوضع 180  درجة، بين ليلة وضحاها”، هكذا يصف عدد من سكان مدينة رفح بجنوب قطاع غزة حالهم قبيل الإعلان عن قبول حماس الهدنة، وقبل أن يبدأ الجيش الإسرائيلي “عملية عسكرية محدودة” شرق المدينة.

وقالت أيالا بانيفسكي، الأكاديمية الإسرائيلية التي تعيش في لندن، إن هناك انقساما كبيرا بين ما تراه على شاشة التلفزيون في لندن وما يراه الأصدقاء والعائلة في إسرائيل. 

وأضافت: “لم أر قط مثل هذا الاختلاف الكبير في المنظور من قبل”.

ومن جانبه، قال دانييل ليفي، أستاذ الاقتصاد في جامعة بار إيلان، إنه وزوجته يعتقدان أنهما لا يحصلان على القصة كاملة من وسائل الإعلام الإسرائيلية، ويشاهدان قنوات أخرى أحيانًا باللغة الإنجليزية لرؤية الجانب الآخر. 

الرهائن “القضية الأهم”

وقالت تمار هيرمان، زميلة أبحاث بارزة في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، إنه بينما لا يزال الرهائن محتجزين، قد لا يرغب العديد من الإسرائيليين في رؤية لقطات للضحايا المدنيين، أو يهتمون كثيرا.

عسكريا أم دبلوماسيا؟.. كيف ستنتهي “معضلة رفح”؟

“عملية عسكرية” رغم “المفاوضات السياسية”، حالة من الجدل صاحبت سيطرة الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، رغم “التفاوض غير المباشر” بين إسرائيل وحركة حماس من أجل “وقف إطلاق النار” في قطاع غزة بالتزامن مع الاجتياح البري للمدينة الواقعة على حدود مصر، فهل يكون الحل “عسكريا أم دبلوماسيا”؟

ووجد استطلاع للرأي أجري في شهر مارس أن 80 بالمئة من اليهود الإسرائيليين قالوا إن “البلاد يجب أن لا تأخذ في الاعتبار معاناة السكان المدنيين في غزة عند اتخاذ قرار بشأن مواصلة القتال”.

وترى هيرمان أن هذا من المرجح أن يتغير إذا تم إطلاق سراح الرهائن.

“هدنة مستدامة وهدوء دائم”.. هل ينجح مقترح “المراحل” بوقف الحرب في غزة؟

بعد 7 أشهر من الحرب في قطاع غزة، يسود “تفاؤل حذر” الأوساط الفلسطينية والإسرائيلية والمصرية، حول التوصل لاتفاق على مراحل لـ”إرساء هدوء دائم” في القطاع المدمر، فهل يمكن وقف إطلاق النار ؟، وهل يستطيع سكان الشمال العودة لمناطقهم مرة أخرى؟

وقد أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد الديمقراطية الإسرائيلي في أوائل شهر مايو، أن أكثر من نصف الإسرائيليين قالوا إن “إطلاق سراح الرهائن كان أكثر أهمية من اجتياح رفح للقضاء على حماس”.

ويشعر البعض أن وسائل الإعلام خائفة للغاية من معالجة الرأي العام من خلال إظهار بعض الضحايا الأبرياء أو الضغط على الحكومة الإسرائيلية بشأن مزاعم بأن إسرائيل أعاقت المساعدات الإنسانية.

تحول ناحية اليمين

على عكس الولايات المتحدة وأوروبا، حيث يحصل معظم الناس الآن على معلوماتهم في المقام الأول من وسائل التواصل الاجتماعي، لا يزال التلفزيون يلعب دورا كبيرا في إسرائيل، حيث يقول ثلاثة أرباع الإسرائيليين إنه مصدر رئيسي للمعلومات، كما قال تاوسيغ، محرر مجلة Seventh Eye.

وتعكس وسائل الإعلام الإسرائيلية تحول إسرائيل الأوسع نحو اليمين على مدى العقدين الماضيين في أعقاب موجة التفجيرات الانتحارية خلال الانتفاضة الفلسطينية الكبرى من عام 2000 إلى عام 2005 المعروفة باسم الانتفاضة الثانية، والتصور المتزايد بأن آفاق السلام مع الفلسطينيين أصبحت قاتمة.

حوالي 60 بالمئة من السكان اليهود الإسرائيليين يعرفون أنفسهم الآن على أنهم يمينيون، وانخفض الدعم لحل الدولتين بمرور الوقت إلى حوالي ربع اليهود الإسرائيليين.

عضوية فلسطين بالأمم المتحدة.. هل تمثل “تثبيتا لحل الدولتين”؟

جاء التصويت لصالح عضوية فلسطين بالأمم المتحدة، ليثير التساؤلات حول النتائج المرتبة على تلك الخطوة، ومدى ارتباط ذلك بـ”تثبيت حل الدولتين”، وهل يمكن أن يحصل الفلسطينيون على “عضوية كاملة” بالمنظمة الأممية؟

وتحولت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى اليمين، خاصة وسط الجهود المستمرة منذ فترة طويلة من قبل رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، لتصوير وسائل الإعلام على أنها يسارية وغير وطنية، وفقا لبانيفسكي، زميلة جامعة سيتي في لندن والمتخصص في الشعبوية والإعلام. 

لا يعرفون ماذا يحدث بغزة؟

نادرا ما يعرض التلفزيون الإسرائيلي العرب على شاشاته، ولا حتى الإسرائيليين منهم والذين يشكلون حوالي 20 بالمئة من السكان. 

وتشير “وول ستريت جورنال” إلى محمد مجدلي، صحفي عربي إسرائيلي، هو واحد من الصحفيين العرب القلائل الذين يقدمون تقاريرهم في القنوات الإخبارية الرئيسية باللغة العبرية. 

ويقول إنه واجه منذ 7 أكتوبر رد فعل شعبي عنيف على ظهوره الإعلامي على شاشة التلفزيون الإسرائيلي، بما في ذلك التهديدات بالقتل والدعوات لإقالته. 

وقال أحد أعضاء حزب الليكود إن “مجدلي ليس مخلصا ويجب إقالته بعد أن تحدث على الهواء عن نقص المساعدات الإنسانية في غزة”.

وبعد أن قال على الهواء إنه تحدث مع أحد أفراد أسرته في غزة لمناقشة أسعار المواد الغذائية، دعت مئات المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي إلى إقالته بسبب علاقاته مع العدو.

ومن جانبه، يقول المجادلة إنه يحاول فقط القيام بعمله، مضيفا “الأشياء الأساسية التي يتعين علينا القيام بها هي إيصال ما يحدث لشعبنا، والشعب الإسرائيلي لا يعرف حقا ما الذي يحدث في غزة”.

موجة النزوح مستمرة.. هل “مواصي غزة” قادرة على استيعاب المزيد؟

يستمر الجيش الإسرائيلي بمطالبة السكان والنازحين بإخلاء مناطق محددة من مدينة رفح بجنوب قطاع غزة والاتجاه نحو “المنطقة الإنسانية في المواصي”، وسط اتهامات فلسطينية بدفع السكان نحو “الموت” وتحذيرات من “كارثة إنسانية جديدة”.

واندلعت الحرب إثر هجوم حركة حماس غير المسبوق على مناطق ومواقع محاذية لقطاع غزة في السابع من أكتوبر، والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.

وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل “القضاء على الحركة”، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، أسفرت عن مقتل حوالي 35 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، وإصابة أكثر من 78 ألفا بجروح، وفق ما أعلنته وزارة الصحة في القطاع.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *