خبير أمني أميركي: خرافة كون أفغانستان ملاذا آمن للإرهاب

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 4 دقيقة للقراءة

حذر ضابط في الاستخبارات الأميركية من أن ثمة معتقدات خاطئة في السياسة الخارجية يمكن أن تستمر ردحا طويلا من الزمن، من بينها أفكار سائدة على نطاق واسع تؤثر في توجيه السياسات المهمة.

وينطبق هذا بشكل خاص على بعض الأدلة التي تنطوي على أشياء لم تحدث، رغم أنها قد تدحض بعض المعتقدات بقدر ما تدحض أمورا حدثت بالفعل، وفق مقال بمجلة “ناشونال إنترست” الأميركية.

ويعتقد كاتب المقال بول بيلار -وهو ضابط جهاز المخابرات الوطنية للشرق الأدنى وجنوب آسيا قبل تقاعده عام 2005- أن تلك المعتقدات الخاطئة هي التي سادت في الدوائر الأميركية حول الدور الذي قيل إن أفغانستان لعبته في ظاهرة الإرهاب الدولي.

وقد ظل ذلك الاعتقاد محفورا في أذهان الأميركيين بأن وضعية أفغانستان ومستقبلها السياسي هما العامل الأساس في تحديد ما إذا كان المزيد من الأميركيين سيقعون ضحايا للإرهاب.

وبرأي بيلا أن هذا الاعتقاد يرجع السبب فيه إلى هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2011 على مدينتي نيويورك وواشنطن دي سي، التي اعتبرها المقال أحد الأحداث ذات السمات البارزة التي غيرت التوجهات.

كما كان ذلك سببا في استمرار الدعم الذي حظيت به ما باتت تُعرف بأطول حرب تخوضها الولايات المتحدة، وكلفتها أكثر من تريليوني دولار، وأزهقت أرواح ما يزيد على 6 آلاف أميركي من عسكريين ومدنيين، وفق مقال ناشونال إنترست.

توسيع الأهداف

إن معظم ما أنجزته الولايات المتحدة على مدى عقدين من الزمن حققته في الأسابيع الأولى من القبض على المجموعة التي ارتكبت هجمات 11 سبتمبر/أيلول، وإسقاط نظام طالبان -الذي استضافها- من سدة الحكم في أفغانستان.

على أن ما تلا ذلك -كما يقول ضابط المخابرات المتقاعد- كان محاولة لتوسيع أهداف المهمة لتشمل بناء الدولة، وقد تجلى عجز تلك الجهود في السرعة التي انهارت بها الحكومة الأفغانية في أغسطس/آب عام 2022.

وبمرور الزمن، أُثيرت قضايا أخرى كمسوغات لمواصلة النضال من أجل منع حركة طالبان من العودة إلى السلطة، من بينها أفكارها التي تعود إلى “العصور الوسطى حول دور المرأة”.

لكن الإرهاب -بدون أي مشكلة أخرى- كان هو القضية التي بسببها استمر الدعم لحرب أثبتت إخفاقها في نهاية المطاف، طبقا لمقال المجلة الأميركية، وكان المنطق هو “أننا بحاجة لمحاربة الأشرار حتى لا نضطر لقتالهم في وطننا”.

واستنادا إلى ذلك النمط من التفكير، فإن معظم الانتقادات التي طالت إدارة الرئيس جو بايدن عندما أوقفت الحرب في أفغانستان عام 2021، تركزت حول الإرهاب.

انتقادات مفتعلة

وأعاد بيلار إلى الأذهان ما سبق أن قاله ناثان سيلز منسق مكافحة الإرهاب على الولايات المتحدة في عهد الرئيس دونالد ترامب. فقد صرح بأن خطر الإرهاب على بلاده سيكون “أسوأ بشكل مثير وكبير” لأنه “من المؤكد تقريبا أن تنظيم القاعدة سيعيد إنشاء ملاذ آمن له في أفغانستان ويستخدمه في تدبير أعمال إرهابية ضد الولايات المتحدة وأطراف أخرى”. كما انتقد أعضاء في الحزب الجمهوري انسحاب الجيش الأميركي بأنه سيحيل أفغانستان إلى “مرتع للإرهابيين”.

ويعلق ضابط المخابرات الوطنية السابق على تلك الانتقادات الحزبية بأنها مفتعلة كما هو الوضع في مثل هذه المواقف عادة، حيث يتغاضى المنتقدون بسهولة عن أن بايدن كان ينفذ اتفاقية الانسحاب التي فوّضت بها إدارة سلفه ترامب. غير أن الانتقادات لاقت صدى لدى العديد من الأميركيين، بعيدا عن انتماءاتهم الحزبية.

ويخلص بيلار إلى أن المعتقدات الخاطئة بشأن أفغانستان والإرهاب سوف تستمر، ذلك أن من يخطئ تحليل الوضع كما كان عليه في أغسطس/آب 2021 ليسوا مرغمين على الاعتراف بخطئهم، وأن أفكارهم الخاطئة ستستمر في تصدر معظم النقاشات حول السياسة تجاه أفغانستان حاليا، وإزاء كيفية النظر إلى الانسحاب الأميركي الذي حدث قبل عامين.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *