أصبح من المقولات الشعبية في السياسة الأميركية الجديدة أن الرئيس السابق دونالد ترامب شخصية ذات حصانة هائلة في مواجهة الفضائح التقليدية، فيما يعتبر ضربة قاصمة لأغلب السياسيين أن لا يترك أي خدش على ترامب الذي تصدى بسهولة لمقاليع وسهام الحملة الرئاسية لعام 2016 ولم يدفع أي ثمن ملحوظ مقابل شريط “الوصول إلى هوليود”، ولا مقابل عنصريته ولا حتى عدم انسجامه الفكري العام.
وباعتباره الناطق باسم شعب ساخط “منسي”، ترى هذه المقولة الشعبية أن ترامب يستمد قوته من الجهود المبذولة لمحاسبته، وكأن محاولة وقف مسيرة ترامب تعني جعله أكثر شعبية وقوة مما كان عليه من قبل.
وقد تساءلت صحيفة نيويورك تايمز عشية التصويت على عزل ترامب في مجلس النواب عام 2019 “لماذا تجعل محاولات الديمقراطيين كبح جماح ترامب من خلال عزله، رئاسته أقوى”، وكتبت صحيفة غارديان بعد تبرئة ترامب من قبل مجلس الشيوخ بعد محاولة عزله عام 2021 “لقد ازدهر ترامب دائما على مبدأ مفاده أن ما لا يقتله يجعله أقوى”.
تزوير السجلات
ولفتت الصحيفة إلى أن ترامب، في الوقت الحالي، يحاكم بتهمة تزوير سجلات الأعمال كجزء من محاولته إخفاء علاقته مع نجمة الأفلام الإباحية ستورمي دانييلز، وفي الدعوى المرفوعة ضده اتهمه ممثلو الادعاء في ولاية نيويورك بقيادة جهود لإخفاء القصص التي كان من الممكن أن تقوض ترشيحه للبيت الأبيض في عام 2016.
وإذا أدين ترامب بأي من التهم الـ34 الموجهة له، فقد يواجه أول رئيس سابق في التاريخ الأميركي يحاكم جنائيا، عقوبة السجن لمدة تصل إلى 4 سنوات، بل يمكن أن يذهب إلى السجن الآن إذا استمر في انتهاك أمر حظر النشر الذي فرضه القاضي خوان إم ميرشان.
ومن الغريب أن المقولة الشعبية حول مناعة ترامب المفترضة من الفضائح أصبحت في مجرى الدم في الخطاب السياسي، في الوقت الذي تجري فيه المحاكمة وينتظر ترامب المنهك والمحبط بشكل واضح مصيره.
ومع ذلك لم يتمكن ترامب من استدعاء النشاط الشعبي الذي يشير إلى القوة السياسية، رغم بذله قصارى الجهد في سبيل ذلك، كما لا توجد حشود محمومة تطالب بالعدالة له عند باب المحكمة، ولا توجد حشود مستعدة لإحداث الفوضى باسمه، ولا يبدو أن الجمهور الأوسع لديه مشكلة مع المحاكمة أو احتمال سجن الرئيس السابق.
سلوك غير مناسب
وترى أغلبية من الأميركيين، تمثل 54% في أحدث استطلاع للرأي، أن محاكمة الأموال السرية والتحقيقات الأخرى المتعلقة بترامب لمعرفة مدى انتهاكه القانون “عادلة”، ويقول 42% -حسب استطلاع آخر- إن سلوك ترامب في محاكمته في مانهاتن كان “غير مناسب في الغالب”، ويقول 71% حسب استطلاع ثالث إنه إذا ظهر أن ترامب انتهك القانون، فتجب محاكمته والحكم عليه بالسجن إذا أدين.
وإذا كانت هناك أي مقولة بأن هذه المحاكمة مفيدة لترامب، وتضعه على أرض أقوى مع جمهور الناخبين، فمن الضروري أن تظهر في استطلاعات الرأي الوطنية، ولكنها ليست هناك -كما تقول نيويورك تايمز- وما نراه بدلا من ذلك، هو مواجهة ثابتة بين ترامب والرئيس الحالي جو بايدن.
وذكرت الصحيفة أن ترامب لا يكتسب القوة من كل محاولة لوضع حدود لسلوكه، فالمساءلة لا تدفعه إلى العمل السياسي، وليس هناك سبب آخر غير أساطيره الخاصة للاعتقاد أن المحاكمة والإدانة سوف تسيران بشكل مختلف.