حوافز عدة قدمتها السعودية لتصبح بلدا مؤهلا وقاعدة جاذبة ومحفزة للاستثمارات، حرصت من خلالها على توفير التسهيلات والخدمات للمستثمرين وتشجيع الاستثمارات التي تعزز قدرة المملكة التنافسية.
وقد أسهمت تلك الحوافز في تعزيز نظرة إيجابية عالمية لبيئة الاستثمار في السعودية، فضلا عن امتلاك البلاد احتياطات مالية ونقدية ضخمة وثروة نفطية هائلة، وفق خبراء.
ويأتي التحول السعودي نحو إيجاد بيئة جاذبة للاستثمار في إطار خطة السعودية 2030، التي ترمي إلى عدم الاعتماد الكلي على النفط، وتنويع مصادر الدخل، والدخول في العديد من الصناعات وتوطينها داخل المملكة.
وحدد خبراء اقتصاديون 10 حوافز أساسية عززت من قدرة السعودية على جذب الاستثمارات الأجنبية، التي تعد أداة فاعلة في التحول الاقتصادي الذي تنشده المملكة وتطوير مختلف القطاعات الواعدة.
وتضمنت قائمة تلك الحوافز التالي:
- إنشاء مدن ومناطق اقتصادية تحكمها قوانين وتشريعات خاصة.
- تقديم إعفاءات جمركية كبيرة للمستثمرين.
- تسهيلات في البنية التحتية والتملك وإصدار التراخيص.
- تيسير استقدام العمالة.
- تمكين الطاقة وتوفيرها بما يخدم مناخ التصنيع.
- تمويل التأمين للصادرات والائتمان.
- تقديم الإعفاءات الضريبية.
- تحفيز النظام البيئي للمستثمرين.
- تقديم حوافز مالية وتنظيمية.
- مشاركة الدولة في المشاريع.
الاستثمار التقليدي
يوضح الخبير الاقتصادي سليمان العساف أن التوجه العام للاستثمار السعودي في العقد الماضي كان تقليديا ومقتصرا على الغاز والنفط والبتروكيميائيات، إلا أنها الآن تخطت هذا الأمر مع تنويع اقتصادها، حيث أصبحت تستهدف جذب الاستثمارات في قطاع السياحة واللوجيستيات والبنية التحتية والصناعة والخدمات.
ويقول العساف، في حديث للجزيرة نت، إن المملكة باتت بيئة جاذبة للاستثمارات بفضل مواردها المالية الضخمة وثرواتها النفطية الهائلة، فضلا عن الحوافز والتسهيلات الكبيرة التي تقدمها لجذب استثمارات بقيمة نحو 4 تريليونات دولار خلال السنوات العشر المقبلة.
ويضيف أن المملكة قرأت جيدا توجه الاقتصاد العالمي، وماذا يحتاج إليه المستثمر، واتخذت خطوات جادة لتكون بيئة جاذبة للاستثمار عن طريق استحداث مناطق اقتصادية بقوانين وتشريعات خاصة، فضلا عن تقديم إعفاءات جمركية وتخفيضات ضريبية، وتوفير الطاقة بأسعار مناسبة، بالإضافة إلى تسهيلات في إصدار التراخيص والبنية التحتية والتمويلات عبر مشاركة الدولة في المشاريع.
ويعتبر أن قطاع العقار والإسكان من القطاعات الواعدة والمهمة في المملكة، حيث ما زال يعاني من النقص، إلا أن السعودية درست العديد من التجارب في المنطقة، وتعاقدت مع شركات أجنبية لاعتماد وتطبيق تجربة خاصة وتوفير مساكن للسعوديين لتصبح نسبة تملكهم 70% بحلول 2030.
وفي إطار تطوير قطاع الإسكان، وقعت الشركة الوطنية للإسكان، على هامش معرض “سيتي سكيب العالمي”، اتفاقية مع مجموعة “طلعت مصطفى” المطور العمراني الأبرز في مصر، لتطوير مشروع مدينة سكنية ذكية متكاملة الخدمات وذات جودة حياة مستدامة شرق العاصمة الرياض بتكلفة 40 مليار ريال سعودي (10.66 مليارات دولار).
اقتصاد مزدهر
بدوره، يرى الخبير الاقتصادي عايض آل سويدان أن التوجه لجذب الاستثمارات يستند إلى رؤية السعودية 2030، وأحد المحاور الثلاثة التي تندرج تحت الاقتصاد المزدهر، والذي تضعه المملكة ضمن أولوياتها في تنويع مصادر الدخل عبر استقطاب الاستثمارات الأجنبية في أكثر من 18 قطاعا حيويا في البلاد، أبرزها الصناعة والطاقة المتجددة والسياحة والترفيه والنقل والخدمات وإعادة التصدير.
ويقول آل سويدان، في حديث للجزيرة نت، إن وزارة الاستثمار السعودية حققت معدلات كبيرة في جذب الاستثمارات الأجنبية بعدما نقلت نحو 70 شركة عالمية مقراتها الرئيسية إلى الرياض، بجانب استقطاب استثمارات مباشرة بقيمة 2.2 مليار دولار في الربع الأول من عام 2023 بزيادة تصل نحو 11% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وكشفت وزارة الاستثمار السعودية، في وقت سابق، أن أكثر من 70 شركة أصدرت تراخيص نقل مقراتها الإقليمية إلى المملكة حتى الربع الثالث من عام 2022.
ويرجع آل سويدان النجاح في جذب الاستثمارات الأجنبية إلى التسهيلات التي قدمتها المملكة، والحوافز المختلفة التي تتمثل في برنامج التنمية والإصلاح الاقتصادي، وخدمات التمويل والمعاملات التجارية، وتمكين الطاقة والمرافق، وتمويل التأمين للصادرات والائتمان والإعفاء الضريبي، وتحفيز النظام البيئي للشركات الصغيرة والمتوسطة، فضلا عن توفير مدن صناعية مناسبة لبناء المشاريع، والإعفاءات الجمركية عن الآلات والمعدات.
ويشير إلى أن المملكة تعيش مرحلة تحول جاذبة للاستثمارات الأجنبية خاصة في قطاع العقار والإسكان، وهو ما ظهر جليا في معرض “سيتي سكيب العالمي” بالرياض، الذي جذب مطوري العقار في العالم كافة، فضلا عن الصفقات الاستثمارية التي تمت فيه.
تقييم الخدمات
من جانبه، يشدد الخبير الاقتصادي حسام الدخيل على أن المملكة تعد بلدا جاذبا للاستثمارات لما تتمتع به من مزايا منها الثروة النفطية، فضلا عن تدشينها عددا من المشاريع الضخمة في المنشآت والبنية التحتية وغيرها من القطاعات الحيوية، وتحقيقها مراكز متقدمة في عدد من المؤشرات مثل سهولة الأعمال والتنافسية، وتقديمها حوافز ودعما للاستثمارات الأجنبية.
ويقول الدخيل، في حديث للجزيرة نت، إن من التسهيلات المحفزة للاستثمار تقييم المملكة أنظمتها وخدماتها المقدمة للمستثمر الأجنبي بشكل دوري بهدف تسهيل دخولهم للسوق السعودي، خاصة فيما يتعلق بتوفير المعلومات الاقتصادية، وتقديم الاستشارات القانونية، والتنسيق مع الجهات التمويلية.
ويضيف أن المملكة عبر جهاتها المختصة تعمل على تعديل وتطوير القواعد المنظمة للاستثمار الأجنبي، وتخفيف متطلبات المستثمرين الأجانب من ناحية الالتزام والإفصاحات المطلوبة، علاوة على تقديم التسهيلات الضريبية، وتوفير خدمات البحث عن المواقع والأراضي المناسبة للمستثمرين، وربط المستثمر مع الوكالات العقارية.
ويعتبر الدخيل أن القطاع العقاري من القطاعات الواعدة للمستثمرين الأجانب، في وقت تشهد فيه المملكة حركة عمرانية واسعة، مشيرا إلى أن هذا القطاع محرك رئيسي للتنمية وجذب الاستثمارات، ومساهم كبير في الناتج المحلي الإجمالي.