تونس – أعلنت منظمات حقوقية تونسية، من بينها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، عن تأسيس “الائتلاف ضد التعذيب” بهدف توحيد الجهود لكشف التجاوزات، والحد من الإفلات من العقاب، وتعديل القانون ليتماشى مع المعايير الدولية.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عُقد اليوم الأربعاء بمقر النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، تزامنا مع إحياء “اليوم العالمي لمناهضة التعذيب” الذي يوافق 8 مايو/أيار من كل عام، كما يتزامن مع الاحتفال بالذكرى الـ47 لتأسيس “الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان”.
وتشمل هذه المبادرة لبنة أولى من الجمعيات الحقوقية التونسية من مثل “الجمعية التونسية للعدالة والمساواة” و”جيل ضد التهميش” و”الجمعية التونسية أولادنا”، إضافة إلى جمعية أفريقية.
مبادرة مفتوحة
يقول المدير التنفيذي للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان محمد مزام، للجزيرة نت، إن هذه المبادرة ستبقى مفتوحة لكل قوى المجتمع المدني للانضمام إليها، بهدف توحيد جهودها والاستفادة من تجاربها من أجل الحد من ظاهرة التعذيب وسوء المعاملة والتي لا تزال قائمة.
ويشير مزام إلى أن إطلاق هذه المبادرة يأتي في ظل استمرار تسجيل انتهاكات تتعلق بسوء المعاملة والتعذيب، والتي رغم تراجعها بعد الثورة، فإنها لم تنتهِ بعد، بل تأخذ أشكالا متعددة أخرى تختلف بتغير السياقات والظروف السياسية، خاصة في ظل الإفلات من العقاب، وفق قوله.
ووفق الناشط الحقوقي، فإن ضحايا التعذيب وسوء المعاملة لا يزالون موجودين، و”في كل سنة نسجل ضحايا جددا، في وقت لم يحدث فيه إنصاف للضحايا السابقين، ولم تُكشف الحقيقة الكاملة بشأن تلك الانتهاكات”.
وسيعمل الائتلاف وفق منهجية تسعى لرصد الانتهاكات لحقوق الإنسان، والكشف عن التجاوزات التي قد تحدث، وأيضا تقديم المساعدة النفسية والطبية والقانونية لضحايا التعذيب وسوء المعاملة، وتقديم مقترحات تشريعية لاجتثاث ظاهرة التعذيب.
تنقيح القانون
ويقول مدير الرابطة مزام إن جريمة التعذيب المنصوص عليها وفق الفصل 101 مكرر، وما يليه من بنود قانونية في المجلة الجزائية -رغم ما أدخل عليها من تنقيحات سابقة-، لا تتماشى مع المعايير الدولية، ولا تتطابق مع أحكام الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب.
ويختزل الفصل 101 مكرر جريمة التعذيب في نزع اعترافات ومعلومات بشكل قسري، أو في ارتكاب اعتداءات من منطلق التمييز العنصري، لكن مزام يوضح أن التعريف الدولي لهذه الجريمة أوسع وأشمل نطاقا مما يستوجب تعديل القانون التونسي.
وخلال المؤتمر الصحفي، قدّم الائتلاف ضد التعذيب مقترح قانون أساسي يتعلق بتنقيح الفصل 101 مكرر في المجلة الجزائية، الذي جاء فيه تعريف جريمة التعذيب على أنها “كل فعل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسديا كان أو معنويا، يلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول منه أو من غيره على معلومات أو اعتراف بفعل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه هو أو غيره، أو تخويفه للحصول على معلومات”.
ويدخل في نطاق التعذيب في هذا الفصل الألم أو العذاب أو التخويف أو الإرغام الحاصل لأي سبب من الأسباب بدافع التمييز العنصري.
ويقترح الائتلاف ضد التعذيب تنقيحا لهذا الفصل بإضافة عبارات تجرم تورط أي موظف عمومي أو أي شخص يتصرف بصفته الرسمية في أعمال ينتج عنها ألم وتعذيب بسبب عقوبات قانونية.
وضع متأزم
ويأتي الإعلان عن مبادرة “الائتلاف ضد التعذيب” في وقت تعيش فيه تونس على وقع مطالب حقوقية واسعة للإفراج عن سياسيين اعتقلوا منذ فبراير/شباط 2023 بتهمة التآمر على أمن الدولة، خاصة مع انتهاء فترة الاحتفاظ القصوى بهم في السجن وهي 14 شهرا، وفق المبادرة.
ومن بين هؤلاء السجناء رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، والأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، والأمين العام السابق لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي، وقياديون فيما تعرف بـ”جبهة الخلاص” التي تتكون من أحزاب معارضة منها حركة النهضة.
وفي السياق، يقول المدير التنفيذي للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان محمد مزام إنه من غير المقبول مواصلة احتجاز هؤلاء السياسيين على خلفية نشاطهم السياسي، داعيا إلى احترام جميع الإجراءات القانونية وتوفير شروط المحاكمة العادلة لكل المساجين.
وفي الذكرى الـ47 لتأسيسها، عبّرت “الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان” عن تنديدها بما اعتبرته “تضييقا على الحريات العامة وحرية التعبير، وانحرافا بالسلطة لإرساء حكم فردي مطلق وهيمنة السلطة الحالية على القضاء”، مطالبة بإطلاق سراح المساجين السياسيين.