قالت شركة جونسون آند جونسون اليوم الأربعاء إنها تخطط لدفع 6.5 مليارات دولار على مدار 25 عاما لتسوية آلاف الدعاوى القضائية في الولايات المتحدة التي تزعم أن منتجاتها القائمة على “التلك” تسبب سرطان المبيض، في انتظار موافقة المدعين، وفق تقرير نشرته سي إن بي سي.
وتسببت هذه الحالات على مدى عقود من الزمن في مشاكل مالية ومشاكل في العلاقات العامة لشركة جونسون آند جونسون، التي تؤكد أن بودرة التلك للأطفال ومنتجات التلك الأخرى، التي توقفت عن إنتاجها الآن، آمنة للمستهلكين.
وحوالي 99% من الدعاوى القضائية المتعلقة بالتلك المرفوعة ضد جونسون آند جونسون والشركات التابعة لها تنبع من سرطان المبيض.
وسجلت الشركة رسوما بنحو 2.7 مليار دولار في الربع الأول لرفع احتياطيها لمطالبات التلك إلى حوالي 11 مليار دولار.
وستسمح الصفقة، التي تنتظر موافقة المطالبين، لشركة جونسون آند جونسون بحل الدعاوى القضائية من خلال ملف إفلاس ثالث لشركة فرعية، اسمها “إل تي إل منجمينت” (LTL Management).
ورفضت المحاكم محاولتين سابقتين لشركة جونسون آند جونسون لحل الدعاوى القضائية من خلال إفلاس تلك الشركة التابعة، والتي تم إنشاؤها لاستيعاب التزامات الشركة المتعلقة بالتلك.
وأضاف المسؤولون التنفيذيون أن شركة جونسون آند جونسون تتمتع “بدعم كبير من الغالبية العظمى من المطالبين” بناء على المحادثات مع محاميهم أو ممثليهم.
وقال إريك هاس، نائب رئيس الدعاوى القضائية في جميع أنحاء العالم في جونسون آند جونسون: “نحن نؤمن إيمانا راسخا بأن هذه الخطة تصب في مصلحة المطالبين ويجب أن تحصل على تأكيد إيجابي وفوري من محكمة الإفلاس”.
وأكد أن التسوية تمثل انتعاشا أفضل بكثير للمطالبين، وهو ما قد يكون محتملا في المحاكمة.
وكانت الدعاوى القضائية أسفرت عن بعض الأحكام الكبيرة للمطالبين. يتضمن ذلك جائزة بقيمة ملياري دولار تقريبا لصالح 22 امرأة ألقت باللوم في سرطان المبيض على مادة الأسبستوس الموجودة في منتجات التلك التي تنتجها جونسون آند جونسون.
وقالت جونسون آند جونسون إن الدعاوى القضائية المتبقية المعلقة تتعلق بسرطان نادر يسمى ورم الظهارة المتوسطة وسيتم تناوله خارج خطة التسوية الجديدة. وقالت شركة الأدوية العملاقة إنها قامت بالفعل بحل 95% من الدعاوى القضائية المتعلقة بورم الظهارة المتوسطة المرفوعة حتى الآن.
ما بودرة التلك؟
بودرة التلك (Talcum Powder) هي مسحوق مصنوع من التلك، وهو معدن يتكون أساسا من المغنيسيوم والسيليكون والأكسجين، ويمتص هذا المسحوق الرطوبة جيدا ويساعد على تقليل الاحتكاك، وهذا ما يجعله مفيدا في الحفاظ على الجلد جافا ومنع الطفح الجلدي.
ويستخدم التلك على نطاق واسع في مستحضرات التجميل، مثل بودرة الأطفال ومساحيق الجسم والوجه للبالغين، وكذلك في عدد من المنتجات الاستهلاكية الأخرى، وذلك وفقا لموقع الجمعية الأميركية للسرطان.
هل تسبب بودرة التلك السرطان؟
تقول الجمعية الأميركية للسرطان إن بعض التلك يحتوي في شكله الطبيعي على مادة “الأسبستوس” (asbestos)، وهي مادة معروفة بأنها تسبب سرطانات في الرئتين وحولهما عند استنشاقها.
وفي عام 1976، أصدرت جمعية مستحضرات التجميل وأدوات الزينة والعطور (CTFA) -وهي جمعية تجارية تمثل صناعة مستحضرات التجميل ومنتجات العناية الشخصية- إرشادات طوعية تنص على أن جميع التلك المستخدم في مستحضرات التجميل بالولايات المتحدة يجب أن يكون خاليا من الكميات التي يمكن اكتشافها من الأسبستوس وفقا لمعاييرها.
ومن المهم التمييز بين التلك الذي يحتوي على الأسبستوس والتلك الخالي منه. التلك المحتوي على الأسبستوس بشكل عام قد يتسبب في الإصابة بالسرطان إذا تم استنشاقه، أما التلك الخالي من الأسبستوس فتسببه بالسرطان أقل وضوحا.
ماذا تقول الدراسات عن التلك والسرطان؟
أظهرت الدراسات التي عرضت حيوانات المختبر (الجرذان والفئران والهامستر) على التلك الخالي من الأسبستوس بطرق مختلفة؛ نتائجَ مختلطة، حيث أظهر بعضها تكون الورم أما بعضها الآخر فلم يعثر على أي شيء.
ماذا تقول الدراسات عن التلك وسرطان المبيض؟
تم اقتراح أن مسحوق التلك قد يسبب سرطانا في المبايض إذا كانت جزيئات المسحوق (الموضوعة على المنطقة التناسلية أو على الفوط الصحية) تنتقل عبر المهبل والرحم وقناتي فالوب إلى المبيض.
ونظرت عدة دراسات أجريت على النساء في الصلة المحتملة بين بودرة التلك وسرطان المبيض، وكانت النتائج مختلطة، حيث أفادت بعض الدراسات عن زيادة طفيفة في المخاطر، وبعضها لم يسجل زيادة.
ووجد العديد من “دراسات الحالات والشواهد” (case-control studies) زيادة طفيفة في المخاطر، لكن يمكن أن تكون هذه الأنواع من الدراسات متحيزة لأنها غالبا ما تعتمد على ذاكرة الشخص الذي استخدم التلك قبل عدة سنوات.
ولم تجد “الدراسات الأترابية المستقبلية” (Prospective cohort studies) -وهي نوع آخر من الدراسات لن يكون لها نفس النوع من التحيز المحتمل- زيادة كبيرة في خطر الإصابة بسرطان المبيض بشكل عام.
ومع ذلك، اقترح البعض زيادة المخاطر المحتملة في مجموعات معينة من النساء، أو في أنواع معينة من سرطان المبيض.
ومن مشكلات هذه الدراسات أن سرطان المبيض ليس شائعا، ولهذا السبب، حتى أكبر الدراسات التي تم إجراؤها حتى الآن ربما لم تكن كبيرة بما يكفي لاكتشاف زيادة طفيفة جدا في المخاطر، إن وجدت، وفقا للجمعية الأميركية للسرطان.
ماذا تقول الدراسات عن التلك وسرطان الرئة؟
لم يتم الإبلاغ عن زيادة خطر الإصابة بسرطان الرئة باستخدام مسحوق التلك التجميلي.
ماذا تقول الدراسات عن التلك والسرطانات الأخرى؟
لم يتم ربط استخدام التلك بقوة مع أنواع السرطان الأخرى، على الرغم من عدم دراسة جميع الروابط الممكنة مع أنواع السرطان الأخرى على نطاق واسع.
اقترحت إحدى الدراسات أن استخدام مسحوق التلك في “المنطقة التناسلية” (genital talcum powder) قد يزيد بشكل طفيف من خطر الإصابة بسرطان بطانة الرحم لدى النساء اللائي تجاوزن سن اليأس، لكن دراسات أخرى لم تجد مثل هذا الارتباط، وهناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لاستكشاف هذا الموضوع.
ونظرت بعض الأبحاث المحدودة أيضا في الصلة المحتملة بين استنشاق التلك في العمل وأنواع أخرى من السرطان، مثل سرطان المعدة. لكن لا يوجد دليل قوي على مثل هذه الروابط في الوقت الحالي.
ماذا تقول الوكالة الدولية لأبحاث السرطان عن التلك والسرطان؟
“الوكالة الدولية لأبحاث السرطان” (IARC) -وهي جزء من “منظمة الصحة العالمية” (WHO)- تصنف التلك الذي يحتوي على الأسبستوس على أنه “مادة مسرطنة للإنسان”.
وبناء على أدلة محدودة من الدراسات البشرية على وجود صلة بسرطان المبيض، تصنف هذه الوكالة الدولية استخدام البودرة المعتمدة على التلك على الأعضاء التناسلية، على أنها “ربما تكون مسرطنة للإنسان”.
هل يوجد الأسبستوس في بودرة التلك؟
وجد تحقيق أجرته رويترز عام 2018 أن شركة جونسون آند جونسون كانت تعلم على مدى عقود، أن مادة الأسبستوس موجودة في منتجات التلك.
وأظهرت سجلات الشركة الداخلية وأدلة أخرى أنه منذ عام 1971 على الأقل وحتى أوائل عام 2000، كانت نتائج اختبار بودرة التلك الخام والمساحيق النهائية من جونسون آند جونسون تدل أحيانا على وجود كميات صغيرة من الأسبستوس.