ماذا وراء زيارة وفد ماليزي رسمي للعاصمة الأفغانية كابل؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

كابل- بطلب من رئيس الوزراء الماليزي محمد أنور إبراهيم، وصل يوم 24 أبريل/نيسان الحالي إلى العاصمة الأفغانية كابل وفد ماليزي برئاسة مديرة وسط وجنوب آسيا في وزارة الخارجية الماليزية شازلينا عابدين، إضافة إلى مستشاري إبراهيم وممثلي وزارات الخارجية والداخلية والدفاع الماليزية.

والتقى أعضاء الوفد مع كل من نائب رئيس الوزراء للشؤون السياسية الأفغاني المولوي عبد الكبير ووزراء الداخلية سراج الدين حقاني والخارجية أمير خان متقي والدفاع محمد يعقوب مجاهد، وناقشوا العلاقات الثنائية بين البلدين وآلية تعزيزها.

وتُعد هذه الزيارة الثالثة لوفد ماليزي منذ أغسطس/آب الماضي ولكنها الأولى التي يأتي فيها ممثلون عن مختلف الوزارات للوقوف على الوضع الميداني في عموم أفغانستان، بعد زيارتين سابقتين لتقديم مساعدات إنسانية لضحايا الزلزال في ولايتي هرات وبكتيا.

الوفد الماليزي ضم ممثلين عن وزارتي الداخلية والدفاع ومستشاري رئيس الوزراء أنور إبراهيم (الداخلية الأفغانية)

بداية جيدة

وتعليقا على هذه الزيارة، يقول السفير الأفغاني في ماليزيا نقيب الله أحمدي للجزيرة نت إن أهدافها واضحة جدا، وهي تقييم الوضع لفتح السفارة الماليزية في كابل.

ويتوقع أن يرفع الوفد تقريره إلى رئيس الوزراء الماليزي الذي سيقرر ما يجب عمله، وأن يزور محمد أنور إبراهيم  كابل نهاية العام الجاري، في محاولة لتعزيز العلاقات الأفغانية الماليزية لما توفره من الفرص التجارية والاقتصادية للبلدين، حسب المصدر ذاته.

وبرأي الباحث في العلاقات الدولية عبد الحي قانت، فإن أجندة الوفد الماليزي الرئيسية هي تقديم التقرير الحقيقي عن أفغانستان إلى القيادة الماليزية، مشيرا إلى أن وصول أنور إبراهيم للسلطة زاد اهتمامه بأفغانستان وكان من معارضي وجود القوات الأميركية فيها.

ورغم اعتبار الباحث ذاته أن الزيارة بداية جيدة لتعزيز العلاقات بين البلدين التي ستتحسن تدريجيا في المستقبل، فإنه لا يعتقد أن ماليزيا ستعترف بالحكومة الأفغانية الحالية لأنها دولة صغيرة ولا تريد الاصطدام مع القوى الكبرى.

وبحسب محللين سياسيين، فإن العلاقات بين أفغانستان وماليزيا أحادية، حيث لم تفتح كوالالمبور سفارتها في كابل لأنها اختارت النأي بنفسها عن مناطق التوتر والصراع إذ كانت أفغانستان -منذ الثمانينيات- مسرحا للتنافس الدولي بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة، وللفوضى الأخيرة طيلة فترة وجود القوات الأجنبية في البلاد. كما يعتقدون أن ماليزيا كانت حذرة في التعامل مع أفغانستان، وحاولت منذ فترة فتح صفحة جديدة معها.

في السياق، يقول الباحث في الشؤون الإستراتيجية محب سبين غر للجزيرة نت إنه منذ الانسحاب الأميركي من أفغانستان حاولت ماليزيا أن تتفق هي وتركيا وقطر وباكستان وإيران على الاعتراف بالحكومة الأفغانية الحالية ولكن جهودها باءت بالفشل، لأن واشنطن لن تسمح لأي دولة مهما تكن أن تعترف بطالبان دون إجماع دولي على ذلك.

Evacuation from Hamid Karzai International Airport in Kabul
انسحاب القوات الأميركية والمتعاونين معها من مطار كابل نهاية أغسطس/آب 2021 (رويترز)

دور ريادي

ويرى خبراء الشأن الأفغاني أن الانسحاب الأميركي من أفغانستان أدى إلى تغير سياسي وإستراتيجي في المنطقة، وأن ماليزيا مصممة على تعزيز علاقتها مع العالم الإسلامي، وتحاول إنشاء تحالف إسلامي وأن يكون لها دور ريادي، لذا أقامت علاقات وثيقة مع تركيا وقطر وباكستان.

ومن هنا يأتي الاهتمام بالملف الأفغاني، حسب المصادر ذاتها، ومن جهة أخرى تتمتع إندونيسيا بعلاقات قوية للغاية مع إيران وآسيا الوسطى، وتحاول ماليزيا أن يكون لها موضع قدم في المنطقة.

وبحسب الباحث عبد الحي قانت، فهناك تنافس بين ماليزيا وإندونيسيا، ويريد الماليزيون الوصول إلى آسيا الوسطى عبر البوابة الأفغانية ويخططون لتعزيز علاقاتهم التجارية والاقتصادية مع بلدان المنطقة لا سيما وأن أفغانستان تحظى بأهمية في مجال المناجم والثروة المعدنية.

واهتمت ماليزيا كثيرا بالملف الأفغاني، وأجرت مفاوضات مكثفة عام 2022 مع الحكومة الجديدة، وللمرة الأولى زار مسؤول ماليزي رفيع المستوى كابل، وأرادت كوالالمبور فتح السفارة، ولكن ضغوطا أجنبية وحادث استهداف منزل في الحي الدبلوماسي في كابل يُعتقد أنه كان لزعيم تنظيم القاعدة، حال دون ذلك، بحسب محللين سياسيين.

في السياق، يوضح الباحث السياسي حكمت جليل للجزيرة نت أن الإدارة الأميركية ضغطت على ماليزيا، وقالت للخارجية الماليزية إنه بإمكانكم مساعدة الحكومة الحالية في أفغانستان اقتصاديا وإنسانيا أما الاعتراف بالحكومة التي شكلتها حركة طالبان فأمر لا يمكن قبوله.

كما حذرتها من تداعيات الأمر، بحسب جليل الذي يضيف أن الهجوم على السفارتين الروسية والباكستانية أدى إلى تأجيل فتح السفارة الماليزية في أفغانستان.

وزير الخارجية الأفغانية أمير خان متقي يستقبل الوفد الماليزي في مقر الخارجية الأفغانية في كابل المصدر: الخارجية الافغانية المصدر: الخارجية الافغانية
وزير الخارجية الأفغاني أمير خان متقي (يمين) يستقبل الوفد الماليزي في العاصمة كابل (الداخلية الأفغانية)

اتفاق

بعد انهيار الحكومة الأفغانية السابقة، غادرعدد كبير من المتخصصين في الأمن الرقمي والسيبراني، وتواجه السلطة الحالية نقصا حادا في خبراء الأمن السيبراني، لذا طالب وزير الداخلية سراج الدين حقاني الوفد الماليزي بتدريب الشرطة الأفغانية وبالمساعدة في هذا المجال.

وكشف المتحدث باسم الداخلية الأفغانية عبد المتين قانع للجزيرة نت أن وزير الداخلية ناقش مع الوفد الماليزي قضايا مهمة أبرزها تدريب الشرطة وتزويد الداخلية بالمعدات التي تُستخدم في الأمن السيبراني، وأن رئيسة الوفد الماليزي وافقت على ذلك.

وتقول مصادر حكومية أفغانية إنه بعد عمل استمر 8 أشهر مع الجانب الماليزي، اتفقت الحكومة الماليزية على إرسال وفد رفيع المستوى لتقييم الوضع الأمني والميداني في أفغانستان.

وتضيف أن هناك حاجة لتعزيز هذه العلاقات ويجب أن تكون ثنائية، وبإمكان أفغانستان أن تكون سوقا للبضائع الماليزية وتحاول الحكومة الحالية تدشين خط جوي لإرسال البضائع الأفغانية إلى الأسواق الماليزية.

بالعودة إلى تاريخ العلاقات بين البلدين، بعد استقلال ماليزيا في 31 أغسطس/آب 1957، بدأت علاقاتها مع أفغانستان، واستمرت إلى 1980، حينها قطعت العلاقة ووقفت ماليزيا مع “المجاهدين” السابقين. ثم تمكن وزير الخارجية الأفغاني الأسبق نجيب الله لفرائي أثناء زيارته لماليزيا عام 1993 من التوصل إلى اتفاق بافتتاح سفارة في كوالالمبور.

وبعد عام من الاتفاق، أرسلت الحكومة الأفغانية حفيظ الله أيوبي كقائم بأعمال السفير في ماليزيا، وكانت العلاقات أحادية، حيث لم تبادر كوالالمبور بفتح سفارتها في أفغانستان، وتأجلت زيارة وزير الخارجية الماليزي عبد الله بدوي إلى كابل عام 1996، بسبب سقوطها على أيدي مسلحي حركة طالبان.

شارك 35 جنديا ماليزيا مع القوات الأجنبية التي وصلت بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول إلى أفغانستان، واستقروا في ولاية باميان وسط البلاد، ولم يشاركوا في العمليات العسكرية وكانوا يقومون بتدريب القوات الأفغانية فقط. وبعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان عام 2021، عينت ماليزيا ممثلا خاصا لكابل لتعزيز العلاقات بين البلدين.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *