عثر باحثون على ما قالوا إنه أقدم دليل على المجال المغناطيسي للأرض من خلال سجل عمره 3.7 مليارات سنة، وذلك وفقا لنتائج دراسة نُشرت يوم 24 أبريل/نيسان الحالي في مجلة البحوث الجيوفيزيائية “جورنال أوف جيوفيزيكال ريسيرش.. سوليد إيرث”.
فبدون مجالها المغناطيسي لن تكون الحياة على الأرض ممكنة، لأن هذا يحمينا من الإشعاع الكوني الضار والجسيمات المشحونة المنبعثة من الشمس “الرياح الشمسية”. لكنْ حتى الآن لا يوجد تاريخ موثوق به لنشأة المجال المغناطيسي الحديث لأول مرة.
خطوة مهمة إلى الأمام
وتعتقد الباحثة الرئيسية في الدراسة “كلير نيكولز” وهي أستاذ مشارك في جيولوجيا العمليات الكوكبية بجامعة أكسفورد أن “هذه خطوة مهمة حقا إلى الأمام حيث نحاول تحديد دور المجال المغناطيسي القديم عندما ظهرت الحياة على الأرض لأول مرة”.
وتشير تقديرات التحليل إلى أن المجال المغناطيسي للكوكب في ذلك الوقت كان مشابها بشكل ملحوظ للمجال المحيط بالأرض اليوم، وتبلغ قوة المجال المغناطيسي 15 ميكروتسلا (جهاز اختبار المجال الكهرومغناطيسي)، مقارنة بـ30 ميكروتسلا الحديثة.
وفي الدراسة الجديدة، عمل الفريق البحثي على تفصيل عينات الصخور بأكملها، ومن ثم أمكن توفير تقييم أكثر دقة وموثوقية من الدراسات السابقة التي استخدمت بلّورات فردية.
وتقول نيكولز في حديث مع “الجزيرة نت”: “إن استخراج سجلات موثوقة من صخور بهذا العمر أمر صعب للغاية، وكان من المثير حقا رؤية الإشارات المغناطيسية الأولية تبدأ في الظهور عندما قمنا بتحليل هذه العينات في المختبر”.
وعمل فريق الدراسة على فحص العينات الأساسية من حزام الصخور القديمة جدا والمسمى “إيسوا سوبراكريستال” في غرينلاند، والذي يقع فوق قشرة قارية سميكة تحميه من النشاط التكتوني الواسع النطاق والتشوه. وسمح ذلك للباحثين ببناء أدلة تدعم وجود المجال المغناطيسي قبل 3.7 مليارات سنة.
درع الأرض
وتوضح الباحثة أن المجال المغناطيسي ضروري للحياة على الأرض، فهو بمثابة درع غير مرئي يحمينا من التعرض للإشعاع الكوني الضار عن طريق تحويل معظم الجسيمات المشحونة حول الأرض. ويُولَّد هذا المجال بواسطة التيارات الكهربائية التي تتشكل من تيارات الحمل الحراري “جيودينامو” في القلب الخارجي للحديد في باطن الأرض.
ويعتقد العلماء أن النواة الداخلية الصلبة لم تتشكل إلا بعد نحو مليار سنة من التكوين المبكّر للأرض، لذلك لا تزال هناك أسئلة كثيرة عن كيفية الحفاظ على المجال المغناطيسي المبكر، وفقا للبيان الصحفي المنشور عن الدراسة على موقع “يوريك آلارت”.
ويمكن لعلماء الجيولوجيا القديمة إعادة بناء المعلومات عن المجال المغناطيسي في الماضي من خلال بعض المعادن المغناطيسية القوية، وخاصة أكاسيد الحديد، إذ يمكن أن تنطبع قوة المجال واتجاهه في جزيئات الحديد أثناء تبلورها.
تقول نيكولز: “لكنّ إعادة بناء المجال المغناطيسي في العصور الأولى من عمر الأرض تواجه تحديات كبيرة، لأن الأحداث الجيولوجية المتعاقبة التي تُسخن الصخور يمكن أن تُغير في وقت لاحق هذه الإشارات المحفوظة، ومن هنا تأتي أهمية نتائج الدراسة الجديدة”.
وتشير النتائج إلى أن الآلية التي دفعت دينامو الأرض المبكر كانت فعالة بشكل مماثل لعملية التصلب التي تولّد المجال المغناطيسي للأرض اليوم.