أوردت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية أن موجة من الاعتقالات جرت في أوروبا هذا الأسبوع لمتهمين بالتجسس لصالح الصين، وأظهرت ردا حديثا متشددا من القارة على أنشطة التجسس والتدخل السياسي من قبل بكين.
وقالت الصحيفة في تقرير لها إن هذه الاعتقالات شملت شابا بريطانيا معروفا بآرائه المتشددة ضد الصين، عمل مساعدا لعضو بارز في البرلمان البريطاني، وآخر مواطن ألماني من أصل صيني، كان مساعدا لعضو في البرلمان الأوروبي يمثل اليمين المتطرف في ألمانيا.
وفي المجموع، تم اتهام 6 أشخاص في 3 قضايا منفصلة هذا الأسبوع في أوروبا بالتجسس لصالح الصين: اثنان في بريطانيا و4 في ألمانيا.
علامات تعجب لافتة للنظر
وكانت قضايا التجسس في بريطانيا وألمانيا -وهي الأولى من نوعها في دولتين كانت تربطهما علاقات ودية مع بكين- بمثابة علامات تعجب لافتة للنظر.
وبعد وقت قصير من إعلان مسؤولين بريطانيين وألمان اتهام 6 من مواطنيهم بالتجسس داهمت السلطات الهولندية والبولندية يوم الأربعاء مكاتب مورد معدات أمنية صينية في إطار حملة يشنها الاتحاد الأوروبي على ما يعتبره ممارسات تجارية غير عادلة.
وكانت هذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيها المفوضية الأوروبية قانونا جديدا للدعم ضد الأجانب لإصدار أمر بمداهمة شركة صينية.
ووصفت الصحيفة هذه الاعتقالات بأنها تمثل نكسة متزايدة في أوروبا ضد النفوذ الصيني “الخبيث” في السياسة والتجارة.
وفي أوائل أبريل/نيسان الماضي، طردت السويد صحفيا صينيا كان مقيما في البلاد لمدة عقدين، قائلة إن المراسل يشكل تهديدا للأمن القومي.
أوروبا فقدت صبرها
وقالت الباحثة التشيكية إيفانا كاراسكوفا إنه بعد سنوات من المشاجرات المنتظمة حول التجارة تليها المصالحة، “فقدت أوروبا صبرها مع الصين”.
وأضافت أن الصين لا يزال لديها أصدقاء ثابتون في الاتحاد الأوروبي، ولا سيما المجر، في “لعبة الشطرنج متعددة الأبعاد” بين أكبر اقتصادين في العالم بعد الولايات المتحدة.
وقالت كاراسكوفا إن أوروبا انتقلت من موقف “الإنكار التام “في بعض الأوساط بشأن الخطر الذي يشكله التجسس الصيني وعمليات النفوذ إلى “اتخاذ وجهة نظر أقل غموضا، وتريد الدفاع عن المصالح الأوروبية تجاه الصين”.
وأثارت الاتهامات هذا الأسبوع بأن الصين تستخدم جواسيس للدخول في العملية الديمقراطية في ألمانيا وبريطانيا والتأثير عليها، قلقا خاصا، حيث أشارت إلى توسع بكين إلى ما هو أبعد من الحيلة المعروفة بالفعل والمتعلقة بالأعمال التجارية، إلى التدخل السياسي السري، وهو أمر كان ينظر إليه سابقا على أنه تخصص روسي إلى حد كبير.
لكن وفقا لخبراء صينيين، فإن هذه الاتهامات لا تشير إلى أن بكين تكثف التجسس ولكن الدول الأوروبية كثفت ردها.
العاصفة وتغيّر المناخ
وكان جهاز الأمن الألماني قد حذر علنا من خطر الوثوق في الصين منذ عام 2022، عندما قال رئيس وكالة الاستخبارات المحلية، توماس هالدينوانغ، للبرلمان: “روسيا هي العاصفة، والصين هي تغير المناخ”.
ومع ذلك، كانت القيادة السياسية الألمانية حتى هذا الأسبوع أكثر غموضا، إذ قام المستشار أولاف شولتز مؤخرا بزيارة دولة إلى الصين، أكبر شريك تجاري لألمانيا، لمناقشة التجارة والوصول إلى الأسواق.
لكن وزيرة الداخلية الألمانية قدمت هذا الأسبوع تقييما صريحا لأنشطة الصين. وقالت الوزيرة نانسي فايسر إنهم يدركون الخطر الكبير الذي يشكله التجسس الصيني على الأعمال والصناعة والعلوم، وينظرون عن كثب إلى هذه المخاطر والتهديدات، وأصدروا تحذيرات واضحة لرفع الوعي حتى تتم زيادة التدابير الوقائية في كل مكان.
الضجيج الخبيث
وردت وزارة الخارجية الصينية برفض الاتهامات ووصفتها بأنها “افتراء وتشويه لا أساس له ضد الصين”، مطالبة ألمانيا “بوقف الضجيج الخبيث ووقف الأعمال الدرامية السياسية المناهضة للصين”.
وقالت الصحيفة إنه عندما يسافر الرئيس الصيني إلى أوروبا الشهر المقبل، سيتخطى ألمانيا وبريطانيا، وبدلا من ذلك سيزور المجر وصربيا وفرنسا.