عمّان- وضعت الهيئة المستقلة للانتخاب في الأردن حدا للتكهنات السياسية حول احتمال تأجيل الانتخابات البرلمانية القادمة بإعلانها موعد إجرائها المقرر في العاشر من سبتمبر/أيلول المقبل.
وانشغلت الصالونات السياسية في عمّان خلال الفترة السابقة بالإجابة عن السؤال المتعلق بموعد الانتخابات النيابية نتيجة تداعيات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والظروف الإقليمية التي تعيشها المنطقة.
وأمر الملك الأردني عبد الله الثاني، في مرسوم ملكي، بإجراء الانتخابات لمجلس النواب وفق أحكام القانون. وبحسب الموقع الرسمي للديوان الملكي، أكّد الملك في لقائه برئيس وأعضاء مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب، أمس الأربعاء، على “ضرورة بذل الجهود من مجلس المفوضين وكوادر الهيئة لإنجاح العملية الانتخابية والعمل لمنع أي تجاوزات بكل حزم”.
وتُجرى الانتخابات النيابية المقبلة وفق قانونٍ انتخابي جديد، رفع عدد أعضاء مجلس النواب من 130 إلى 138، خصص منها 41 مقعدا للأحزاب.
وحول ذلك، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي بسام بدارين أن “البرلمان القادم سيضم لأول مرة حصة لا تقل عن ثلث عدد الأعضاء لقوائم حزبية مباشرة”.
تراجع المكونات التقليدية
ولفت بدارين في حديث للجزيرة نت إلى أن انتخابات العام 2024 ستحظى فيها الأحزاب السياسية بـ41 مقعدا، وفي الانتخابات التي تليها سيخصص للقوائم الحزبية نحو 50% من عدد المقاعد، وصولاً إلى حالة يكون فيها معظم التمثيل البرلماني منوطا بالأحزاب السياسية.
وسيشهد الأردن غيابا للمكونات الاجتماعية المحافظة والتقليدية، ومراكز الثقل التي كانت تؤثر في الانتخابات، عن واجهة البرلمان والسلطة التشريعية في المرحلة المقبلة، بحسب بدارين.
وحول استعدادات الهيئة المستقلة لإجراء الانتخابات في موعدها المقرر، أكد الناطق الرسمي باسمها محمد خير الرواشدة أن الهيئة استعدت مبكرا بإنجاز متطلبات العمليات الانتخابية الأولية التي لا تحتسب ضمن المدد القانونية المقيدة بنصوص القانون.
وأضاف، في حديثه للجزيرة نت، أن الهيئة انتهت من اختيار اللجان الرئيسية للدوائر المحلية والدائرة العامة، وجاء ذلك ضمن مستويات تدريبية واختبارات ضمنت اختيار الأكفأ.
وأشار إلى أن الهيئة نشرت سجل الناخبين الذي يثبت مكان الإقامة مقترنا بالدائرة الانتخابية، كما كثفت جهود التوعية كي يتحقق كل ناخب من دائرته الانتخابية. في حين قامت الهيئة بأتمتة إجراءات نقل أصوات الناخبين المسيحيين والشركس والشيشان إذا لم تتوفر مقاعد مخصصة في الدائرة التي يقيمون بها.
اختبار للأحزاب
ووفق استطلاع أجراه مركز “راصد لمراقبة الانتخابات في الأردن” حول توجهات الأحزاب السياسية للانتخابات النيابية 2024، فإن 32 حزبا من أصل 38 تم التواصل معها تعتزم المشاركة في الانتخابات.
وبحسب الاستطلاع، فإن 71% من الأحزاب تثق بشكل كبير في قدرة الهيئة المستقلة على تنفيذ انتخابات برلمانية حرة وشفافة وعادلة ونزيهة، و17% تثق بشكل متوسط، و6% تثق بشكل محدود، و6% لا تثق على الإطلاق.
وأظهرت الدراسة أن الأحزاب السياسية تواجه تحديات خلال الفترة الحالية، أبرزها:
- ضعف القدرة المالية، حيث عبّر عن ذلك 63% من الأحزاب.
- %9 من الأحزاب قالت إن ضعف القبول المجتمعي يعدّ تحديا حقيقيا.
- %28 كان لديها تحديات مختلفة، من ضمنها: ضعف توفر الأجواء الملائمة للعمل الحزبي، والتباين في التعامل مع الأحزاب من قبل الدولة، وضعف الثقافة الحزبية، وتباين التعامل الإعلامي مع الأحزاب.
وترى 26% من الأحزاب أن البيئة السياسية في الأردن تسمح بالمنافسة الحرة والنزيهة بشكل كبير، وفي حين ترى 34% أنها تسمح بشكل متوسط، ترى 26% أنها تسمح بشكل محدود، و14% ترى أنها لا تسمح على الإطلاق.
وحول الاستعداد للانتخابات القادمة، عبّر 25 حزبا عن الاستعداد التام للانتخابات المقبلة، وبينما قالت 8 أحزاب إنها مستعدة إلى حدٍ ما، قال حزب واحد إنه غير مستعد، وحزب واحد غير مستعد على الإطلاق.
وبيّنت الدراسة أن 94% من الأحزاب تنوي الترشح على مستوى الدائرة العامة، و6% لم تقرر بعد بهذا الخصوص. كما أوضحت أن 61% من الأحزاب حسمت أسماء مرشحيها للدائرة العامة، وأن 39% قالت إنها لم تحسم الأمر بعد.
معيار النزاهة والشفافية
وقال المدير العام لمركز راصد لمراقبة الانتخابات عامر بني عامر إن الانتخابات النيابية المقبلة ستكون مختلفة تماما في آلياتها ومخرجاتها عن سابقاتها.
وفي حديث للجزيرة نت، ذكر أن 10 أحزاب أصبحت جاهزة للانتخابات النيابية القادمة، ولديها مرشحون وهياكل تنظيمية ومقرات واستعداد تام للانتخابات، مشيرا إلى أن “بعض هذه الأحزاب لديها أكثر من 10 آلاف عضو”.
وتختلف الاتجاهات السياسية في الوقت الراهن عن السابق، حيث تشجع على المشاركة في الأحزاب، بحسب بني عامر، لافتا إلى ارتفاع التمثيل النسائي والشبابي في مجلس النواب القادم، وفق ما تضمنه قانون الانتخاب الجديد.
لكنه أضاف أن “الإطار القانوني والنظري لن يؤدي إلى نتائج فاعلة في الانتخابات إلا إذا تم تنفيذه وفق قواعد تراعي النزاهة والشفافية والحرية”.
وتنص الفقرة الأولى من المادة 68 في الدستور على أن “مدة مجلس النواب أربع سنوات شمسية تبدأ من تاريخ إعلان نتائج الانتخاب العام في الجريدة الرسمية، وللملك أن يمدد مدة المجلس بإرادة ملكية إلى مدة لا تقل عن سنة واحدة ولا تزيد على سنتين”.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2016، أصدر الملك الأردني ما تعرف بـ”الأوراق النقاشية” وعددها سبع، وتمثل رؤيته لتحقيق الإصلاح الشامل، واحتوت الثانية والثالثة والرابعة والخامسة منها على خارطة واضحة لخطوات التحوّل نحو حكومة برلمانية.
وفي إطار التعديلات المتعلقة بقانوني الانتخاب والأحزاب، خصصت اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية 41 مقعدا برلمانيا من أصل 138 للأحزاب في الانتخابات المقبلة 2024، ليرتفع العدد المخصص للأحزاب تدريجيا إلى ما يعادل 65% من إجمالي المقاعد، بما يتيح في النهاية تشكيل حكومة برلمانية.