برشلونة- تسبب الفيتو الأميركي الرافض لتمرير مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي -والذي يوصي الجمعية العامة بقبول دولة فلسطين عضوة في الأمم المتحدة– بموجة من الاستياء داخل الأوساط السياسية والحزبية الإسبانية الداعمة للقضية الفلسطينية، وأيضا في صفوف الحركات الشعبية المنددة بالعدوان الإسرائيلي على المدنيين في قطاع غزة.
وقال وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس أول أمس الاثنين على هامش مؤتمر وزراء خارجية بلدان الاتحاد الأوروبي إن “الاعتراف بالدولة الفلسطينية أمر ضروري للغاية إذا أردنا حلا سياسيا للوضع بالشرق الأوسط”.
ودعا ألباريس إلى “وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة وزيادة المساعدات للمدنيين”.
وأضاف أن “حل الدولتين يضمن استدامة السلام وتقليل حدة العنف في المنطقة”، مشددا على “ضرورة وقف دائم لإطلاق النار مع خطر امتداد العمليات العسكرية الإسرائيلية إلى منطقة رفح”.
اتخاذ خطوة مشتركة
وكان رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز قد أنهى جولة خارجية قادته إلى النرويج وأيرلندا والبرتغال وسلوفينيا ومالطا ولوكسمبورغ، بهدف حشد البلدان الأوروبية للاعتراف بدولة فلسطين وتأييد حل الدولتين.
وقال سانشيز إن “الجولة كانت إيجابية، ونؤكد التزام إسبانيا بالاعتراف بفلسطين، وسنقوم بهذه الخطوة عندما تسمح الظروف بذلك”، مضيفا “نحن نتحدث مع دول أخرى لاتخاذ هذه الخطوة معا”.
ويرى مراقبون إسبان أن جولة سانشيز الأوروبية نجحت في إقناع البلدان التي زارها بحل الدولتين في فلسطين، وطلب وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، لكنه حسب هذه الآراء فشل في انتزاع موعد محدد من شركائه الأوروبيين بالاعتراف بدولة فلسطين.
وأتت تحركات سانشيز على المستوى الأوروبي بشكل متأخر للغاية ولم تلق التجاوب المطلوب من حكومات البلدان التي زارها بخصوص الاعتراف بدولة فلسطين، حسب كوثر الإدريسي الناشطة السياسية في إقليم كتالونيا والخبيرة في العلاقات العربية الإسبانية في حديث للجزيرة نت.
وأضافت الإدريسي “لقد كانت فلسطين دولة ذات سيادة قبل وجود إسرائيل، والحكومات التي لا تعترف بها أو التي تستخدم حق الفيتو ضد هذا الاعتراف تقف إلى جانب إسرائيل وتشجعها على ارتكاب المزيد من جرائم الحرب ضد الشعب الفلسطيني”.
وستبقى محاولات رئيس الحكومة الإسبانية حشد الاعتراف الأوروبي بدولة فلسطين والمطالبة بوقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة دون معنى ما دام يستمر في صفقات بيع الأسلحة الإسبانية لإسرائيل التي تستعملها في قتل المدنيين الفلسطينيين وعمليات الإبادة الجماعية ضدهم، تضيف الإدريسي.
رؤية مماثلة
وكان سانشيز قد زار النرويج في أولى محطات جولته الأوروبية، والتي على الرغم من أنها ليست دولة عضوة في الاتحاد الأوروبي فإن دورها السابق في اتفاق أوسلو جعلها مرشحة للعب دور وساطة مقبلة في القضية الفلسطينية.
وقال رئيس الحكومة النرويجية يوناس غار ستوره إن بلاده لديها رؤية مماثلة لإسبانيا، وهي مستعدة للاعتراف بفلسطين على الرغم من أن توقيت القيام بذلك “يعتمد على الظروف”.
وكانت محطة سانشيز التالية أيرلندا، حيث التقى برئيس وزرائها سيمون هاريس.
وعلى الرغم من أن رئيس الوزراء السابق ليو فارادكار قد أبدى بالفعل استعداده للاعتراف بفلسطين في الوقت المناسب في إعلان تم توقيعه في 22 مارس/آذار مع سلوفينيا ومالطا فإن هاريس تولى منصبه قبل أيام من لقائه مع نظيره الإسباني.
وأكد هاريس مجددا التزامه بموقف سلفه، وأنه سيسير “يدا بيد” مع إسبانيا، ورأى أن الوقت مناسب للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وشجع الدول الأخرى على القيام بذلك.
وكان لقاء سانشيز مع رئيس وزراء البرتغال الجديد لويس مونتينيغرو فرصة للأخير ليؤكد أن “البرتغال لن تذهب بعيدا في الموضوع مثل إسبانيا، لأنها تفضل أن يتم ذلك داخل الاتحاد الأوروبي”.
كما تجنب روبرت غولوب رئيس وزراء سلوفينيا الحديث عن تاريخ محدد لذلك، وقال في تصريح صحفي “أعتقد أن ذلك سيتم في أجل معقول، وعندما يكون هناك إجماع أكبر بشأن هذا الوضع يمكننا اتخاذ الخطوات المناسبة”.
وكانت آخر اتصالات سانشيز في إطار هذه الجولة جرت في بروكسل قبل بدء اليوم الثاني لقمة الزعماء الأوروبيين في بروكسل، وهناك التقى بنظيريه من مالطا روبرت أبيلا، ولوك فريدن من لوكسمبورغ، لكنهما لم يعقدا مؤتمرا صحفيا بعد اللقاءات.
مطالبة بقطع العلاقات
من جانب آخر، تظاهر آلاف الأشخاص يوم الأحد في 100 مدينة إسبانية، للمطالبة بوقف إطلاق النار في فلسطين، ومطالبة الحكومة بقطع جميع العلاقات مع إسرائيل.
ودعت إلى المظاهرات شبكة التضامن ضد احتلال فلسطين (ريسكوب) التي طالبت حكومة بيدرو سانشيز بإنهاء تجارة الأسلحة والعلاقات مع إسرائيل، وكذلك إطلاق سراح “أكثر من 7 آلاف شخص محتجزين في فلسطين بشكل غير قانوني من قبل حكومة نتنياهو”.
وهذه هي الدعوة الموحدة الرابعة على مستوى الدولة منذ أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي للمطالبة بوقف الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة.
وقالت منسقة حركة “بينيديس مع فلسطين” في برشلونة كلارا سانت للجزيرة نت إن الفيتو المعارض لقبول دولة فلسطين عضوة في الأمم المتحدة “هو دليل آخر على مسؤولية الولايات المتحدة الأميركية بالقدر نفسه عن عمليات الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين”.
وأضافت الناشطة المدنية الإسبانية أن “إسرائيل تستخدم الأسلحة والقنابل والأموال الأميركية لقتل المدنيين الفلسطينيين لتحقيق مصالح جيوسياسية مشتركة”.