واشنطن- عارض 37 نائبا ديمقراطيا و21 نائبا جمهوريا مشروع قانون المساعدات الأميركية لإسرائيل، والذي تبلغ قيمتها 14.3 مليار دولار، إضافة إلى 9 مليارات من المساعدات الإنسانية لغزة ولتمويل ودعم العمليات والوجود العسكري الأميركي في المنطقة.
ومرر مجلس النواب في الكونغرس الأميركي بأغلبية 366 صوتا مقابل اعتراض 58 نائبا مشروع القانون الذي يعد واحدا من 4 مشاريع قوانين صوت عليها المشرعون لتقديم مساعدات بقيمة 95 مليار دولار لحلفاء الولايات المتحدة والبرامج العسكرية والإنسانية.
ومثلت القوى المعارضة الديمقراطية تيار اليسار التقدمي بالحزب، في حين مثلت القوى الجمهورية المعارضة تيار اليمين المتطرف بالحزب.
وعكس نمط التصويت تغير طبيعة الدعم لإسرائيل في مجلس النواب بعد مرور أكثر من 6 أشهر على هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، وما تبعه من عدوان غير مسبوق على قطاع غزة أدى إلى استشهاد ما لا يقل عن 34 ألف فلسطيني، وهو ما لقي إدانة غير مسبوقة لإسرائيل من الديمقراطيين التقدميين.
على الجانب الآخر، جاء تمرير مشروع القانون في وقت تتزايد فيه النزعة القومية الانعزالية بين النواب الجمهوريين من أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب ممن يريدون أولا تأمين الحدود الجنوبية مع المكسيك قبل تقديم مساعدات لدولة أجنبية، حتى لو كانت حليفا تقليديا ذا علاقات خاصة بالولايات المتحدة كإسرائيل.
تراجع دعم التقدميين
يتخذ التيار التقدمي بقيادة السيناتور بيرني ساندرز موقفا معارضا لتقديم أي مساعدات، خاصة تلك التي تشمل أسلحة هجومية لإسرائيل، قبل التوصل لوقف إطلاق نار في قطاع غزة.
وأصدر قادة التيار التقدمي بيانا شارك في كتابته كل من ألكسندريا أوكاسيو كورتيز النائبة من نيويورك، وروها خانا، النائب من كاليفورنيا، وجاء فيه أنهم “يؤمنون بشدة بحق إسرائيل في الدفاع عن النفس” وأنهم “ملتزمون بمستقبل آمن لإسرائيل” لكنهم يعارضون “الأسلحة الهجومية التي يمكن أن تؤدي إلى مزيد من قتل المدنيين في رفح وأماكن أخرى من قطاع غزة”. كما اتهموا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه مستعد للتضحية بالرهائن من أجل مستقبله السياسي.
وكدليل على مدى تراجع الدعم الديمقراطي لإسرائيل منذ بداية عدوانها على قطاع غزة، عارض 8 ديمقراطيين فقط تمويل نظام الدفاع الصاروخي “القبة الحديدية” في عام 2021، في حين صوت ضد المساعدات الأخيرة 37 نائبا ديمقراطيا.
وجدير بالذكر أن 56 ديمقراطيا وقعوا على بيان قبل أسابيع يدعو إدارة بايدن إلى تعليق المساعدات لإسرائيل ووضع شروط على أي مساعدات مستقبلية، وانتهى الأمر في نهاية المطاف بـ17 منهم بالتصويت لصالح تقديم المساعدات لإسرائيل.
تزايد التيار الانعزالي
في الوقت ذاته، صوت 14 نائبا جمهوريا قبل أشهر ضد تمويل إسرائيل وتقديم مساعدات لها دون خفض الإنفاق الفدرالي بصفة عامة. ورغم الدعم الواسع بين الجمهوريين لموقف إسرائيل في عدوانها ضد قطاع غزة، وعدم اكتراثهم لمقتل آلاف المدنيين وأغلبهم من النساء والأطفال، تزداد قوة التيار الانعزالي الذي يضع أولوية ضبط الحدود الجنوبية مع المكسيك قبل تقديم مساعدات لإسرائيل.
ويعبر النواب المحافظون اليمينيون، وخاصة أولئك المنتسبين إلى “تجمع الحرية” Freedom Caucus منذ أشهر عن معارضتهم للمساعدات الإضافية لإسرائيل إذا لم ترتبط بتخفيضات برامج التمويل الحكومية الأخرى. كما شعر الجمهوريون بالإحباط من مشروع قانون المساعدات الخارجية بشكل عام، واعترضوا على المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، والافتقار إلى سياسة واضحة لتأمين الحدود، والمساعدات لأوكرانيا.
لكن رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون عمل مع الديمقراطيين لتمرير التشريع. ورد جونسون بقوة على حجج البعض في حزبه بأن المساعدات الإنسانية تتضمن ما يشار إليه كهبة ومكافأة لحركة حماس، مشيرا إلى أنها تشمل حظرا على تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) وأحكاما صارمة للرقابة على المساعدات.
مستقبل رئيس المجلس
وبشكل عام، أظهر التصويت أن أغلبية قوية من كلا الحزبين لا تزال تدعم إسرائيل، لكن هذا العدد الكبير من الأصوات ضد إسرائيل كان من غير المرجح أن يحدث دون ما اقترفته إسرائيل من عمليات قتل وتدمير عقب السابع من أكتوبر.
وتطلبت حزمة المساعدات الخارجية، التي تقدم الآن إلى مجلس الشيوخ كمشروع قانون واحد، درجة غير مسبوقة من الدعم الديمقراطي في كل مرحلة للتغلب على معارضة اليمين المتطرف الجمهوري.
ومع تعهد عدد من النواب الجمهوريين اليمينيين بالعمل على الإطاحة بجونسون، بسبب تمرير مشروع قانون المساعدات الأجنبية، تزداد الشكوك في إمكانية نجاح هذه الجهود خاصة مع أن هناك عددا متزايدا من الديمقراطيين يشيرون إلى أنهم يعتزمون إنقاذ جونسون نظرا لتعاونه في مشروع قانون المساعدات الخارجية.
وكان جونسون قد صرح مؤخرا بالقول إنه على استعداد للمخاطرة برئاسته لمجلس النواب من أجل فعل “الشيء الصحيح” وتقديم المساعدات.