قالت غيتا غوبيناث النائبة الأولى لمديرة صندوق النقد الدولي إن الولايات المتحدة بحاجة إلى زيادة الإيرادات لخفض العجز المرتفع في ميزانيتها العامة رغم مساعدة العجز في دفع النمو العالمي من خلال تحفيز الطلب المحلي.
وتوقعت غوبيناث -في منتدى مالي خلال اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، أمس السبت- ارتفاع العجز في الميزانية الأميركية لسنوات مع منحنى ديون من أكثر المنحنيات العالمية حدة.
وأضافت “المستويات المرتفعة للعجز تدعم أيضا النمو والطلب بالولايات المتحدة، وهو ما له آثار إيجابية على بقية العالم. ولكن إلى جانب هذا النمو، لديكم أسعار فائدة أعلى وزيادة في قوة الدولار، والأمران الآخران يحدثان مزيدا من التعقيدات للعالم”.
ويتوقع المراقب المالي التابع لصندوق النقد أن يصل العجز الأميركي العام الجاري إلى 6.67% من الناتج المحلي الإجمالي، وأن يرتفع إلى 7.06% عام 2025 أي ضعف نسبة 3.5% المسجلة عام 2015.
وقالت غوبيناث إن المراجعة السنوية التي يجريها صندوق النقد للسياسات الاقتصادية الأميركية الأسابيع المقبلة ستوصي مجددا بأن ترفع واشنطن عائدات الضرائب وتصلح برامج الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية للمواطنين الأكبر سنا لخفض العجز.
وردا على سؤال بشأن احتمالات حدوث أزمة ديون واسعة النطاق بالدول النامية، قالت غوبيناث “لا نتوقع حدوث أزمة ديون عامة في أي وقت قريب”.
وحسب أحدث البيانات فإن الدَّين الأميركي ينمو بمعدل جنوني بنحو تريليون دولار إضافية كل مئة يوم، ويصل حاليا إلى 34.58 تريليون دولار، أي أكثر من الناتج المحلي الإجمالي للصين واليابان وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة مجتمعة.
وللمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية، وصل الدَّين الأميركي عتبة 100% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بنحو 79% قبل أزمة كورونا. ووفقا للتوقعات طويلة المدى من مكتب الميزانية بالكونغرس (هيئة مستقلة مكلفة بتقدير الميزانية عن الكونغرس) سترتفع النسبة إلى 110% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2031، و120% عام 2036، 166% عام 2054.
توقعات النمو
يشار إلى أن الصندوق رفع توقعه لنمو الاقتصاد الأميركي 1.2% دفعة واحدة خلال السنة الحالية -مقارنة بالتوقعات الصادرة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي- إلى 2.7%، كما زادها 0.1% عام 2025 إلى 1.9%.
ورفع الصندوق -في تقريره لآفاق النمو العالمي- توقعه لنمو الاقتصاد العالمي خلال العام الجاري 0.1% مقارنة مع توقعاته الواردة في يناير/كانون الثاني الماضي إلى 3.2%، وهي نفس نسبة النمو المسجلة عام 2023، والنسبة المتوقع تحقيقها عام 2025.
ومن المتوقع أن ينخفض التضخم الكلي العالمي -وفق صندوق النقد- من متوسط سنوي 6.8% عام 2023 إلى 5.9% عام 2024، و4.5% السنة التالية، مع عودة الاقتصادات المتقدمة إلى أهداف التضخم التي حددتها في وقت أقرب من الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية.
وقال صندوق النقد إن الاقتصاد العالمي ظل صامدا على نحو مثير للدهشة طوال فترة تباطؤ معدل التضخم في العالم خلال الفترة بين 2022 و2023.
وأضاف أنه مع تراجع التضخم العالمي من مستوى ذروته التي بلغها منتصف عام 2022، شهد النشاط الاقتصادي نموا مطردا، مخالفا التحذيرات من حدوث ركود تضخمي وعالمي.
وفي شأن نمو التوظيف ومستويات الدخل، قال الصندوق إنهما ظلا ثابتين، انعكاسا لتطورات داعمة للطلب (بما في ذلك الإنفاق الحكومي واستهلاك الأسر) الأكبر من المتوقع، بالإضافة إلى التوسع على جانب العرض، لا سيما في ظل دفعة غير متوقعة للمشاركة في القوى العاملة.
ولفت صندوق النقد إلى أن الصمود الاقتصادي غير المتوقع -على الرغم من الارتفاع الكبير في الفائدة الذي يهدف إلى استعادة استقرار الأسعار- يعكس، كذلك، قدرة الأسر في الاقتصادات المتقدمة الكبرى على الاستفادة من مدخراتها الكبيرة التي تراكمت أثناء جائحة كورونا.
وأدت التغيرات التي طرأت على أسواق الرهن العقاري والإسكان على مدار العِقد السابق للجائحة الذي انخفضت فيه الفائدة، إلى تخفيف أثر ارتفاع الفائدة الأساسية على المدى القصير.