استعرض الكاتب الإسرائيلي ألون بينكاس -في مقال تحليلي بصحيفة هآرتس- دلالات ما أعلنته دولة قطر من تقييم وساطتها بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل لوقف إطلاق النار في غزة، وخاصة في ضوء ما قال إنها انتقادات منسقة على ما يبدو من جانب أعضاء بالكونغرس الأميركي تستهدف الدور القطري وتخدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ورأى بينكاس -الصحفي والدبلوماسي الإسرائيلي السابق- أنه إذا كانت قطر فعلا بصدد إجراء مراجعة جادة لدورها في الوساطة بين الجانبين فسيكون ذلك تطورا سلبيا للغاية. وإذا كانت إسرائيل لا ترغب باستمرار الوساطة القطرية أو تشعر أنها تستطيع الاستغناء عنها فعليها أن تقول ذلك بصراحة ووضوح، حسب رأيه.
وذكر الكاتب أن قطر ما فتئت تتعرض للانتقاد الشديد والشيطنة في إسرائيل والولايات المتحدة بحجة أنها تموّل حماس وبالتالي تقويّ شوكتها على مدى سنوات، مشيرا إلى أن الدوحة “هدف سهل” لأولئك المنتقدين لأنها قامت بتحويل قرابة 1.5 مليار دولار إلى غزة.
لكنه أوضح أن ما يتجاهله المنتقدون عن عمد هو أن ذلك كله تم بموافقة إسرائيلية وأميركية، بل ما كان له أن يتم لولا التنسيق الإسرائيلي. وأكثر من ذلك هو أنه لمّا فكرت قطر في تغيير هذه السياسة عام 2018 توسلت إليها إسرائيل لكي لا تفعل ذلك.
“مكاسب سياسية ضيقة”
وأشار بينكاس إلى تصريحات رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني يوم الأربعاء الماضي بشأن تقييم الوساطة وحديثه عن محاولة بعض الأطراف استغلالها لتحقيق “مكاسب سياسية ضيقة”.
وقال إنه إذا كان المقصود من هذه التصريحات أن تشكل صدمة فقط للأطراف المعنية وتدفعها للتفكير باحتمالات سير الأمور من دون الوساطة القطرية، فإن على تلك الأطراف أن تكبح حملتها ضد الدولة الخليجية.
ولفت المحلل الإسرائيلي إلى أن رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري وضع تصريحاته في سياق أوسع حين قال إن أفضل سبيل لخفض التصعيد هو إنهاء الحرب في غزة. والمراد بالتصعيد طبعا -وفقا للكاتب- هو المواجهة الحالية بين إسرائيل وإيران، أما تصريحاته عن المكاسب السياسية الضيقة فهي تنطبق -حسب المقال- على نتنياهو وبعض أعضاء الكونغرس الأميركي.
حملة في الكونغرس
وخاض الكاتب في تفاصيل هذا الاستهداف لدولة قطر من جانب مشرعين أميركيين خلال الشهر الجاري، قائلا إن الجمهوريين في لجنة الرقابة بمجلس النواب زعموا أن قطر دفعت لحماس 30 مليون دولار شهريا منذ 2018.
ثم أشار إلى أن 3 أعضاء جمهوريين بمجلس الشيوخ: تيد باد وريك سكوت وجوني إرنست، قدموا مشروع قانون لتجريد قطر من صفتها حليفا رئيسيا للولايات المتحدة من خارج حلف شمال الأطلسي (ناتو).
وقال المحلل الإسرائيلي إن هؤلاء الأعضاء تناسوا أن كل التمويل الذي تم تحويله إلى غزة منذ 2017 جاء بموافقة إسرائيل ومراجعتها وبعلم الولايات المتحدة وتشجيعها.
أما ثالث هذه الاستهدافات الأميركية -المنسقة حسب وصف بينكاس- فهي بيان أصدره العضو الديمقراطي بمجلس النواب ستيني هوير، وقال فيه إن على الولايات المتحدة أن تعيد تقييم علاقتها مع قطر إن لم تضغط على حماس حتى تطلق سراح المحتجزين الإسرائيليين في غزة وتوقف إطلاق النار.
نتنياهو يتملص
وفيما يتعلق بالانتقادات الإسرائيلية لقطر، ذكر بينكاس أن نتنياهو الذي كان يرى مصلحة في تقوية شوكة حماس من أجل تقسيم الفلسطينيين سياسيا -حسب المقال- يحاول الآن التهرب من المسؤولية عن “رعونته وعن سياسته التي تنطوي على إهمال جسيم”.
كما تطرق الكاتب إلى دور قطر في استضافة قادة المكتب السياسي لحركة حماس، وقال إنه كانت لدى إسرائيل والولايات المتحدة مخاوف في الماضي إن لم تقم قطر بهذا الدور أن يستقر هؤلاء القادة في إيران.
وأكد بينكاس أيضا أن الوساطة والدور الإنساني لقطر في غزة ليسا أمرا جديدا وأنهما يسيران بشفافية ولا يمكن الاستغناء عنهما.
وختم بالقول إنه إذا كان لدى إسرائيل مرشح أفضل للقيام بدور الوساطة فليكن، وإلا فإنه فمن الحكمة أن توقف هجومها على قطر لأنه ليس من ورائه أي طائل.