أكد نجاح فيلم “شِقو” على أن “الأكشن” هو النوع السينمائي المفضل لجمهور العيد، حتى وإن لم يكن أبطاله من نجوم الصف الأول في هذا النوع، وقد احتل العمل بعد فترة قصيرة من عرضه المركز الأول في إيرادات شباك التذاكر منحّيًا جانبا التجاربَ الكوميدية التي تم عرضها معه.
ويعيد “شِقو” المخرج كريم السبكي إلى الإخراج السينمائي الذي لم يقف وراء الكاميرا منذ قدّم فيلمه “الديزل” عام 2018، وتفرغ للإنتاج.
و”شقو” من تأليف وسام صبري وبطولة عمرو يوسف ومحمد ممدوح وأمينة خليل ودينا الشربيني ويسرا.
الصداقة
ينتمي فيلم شِقو إلى نوعية أفلام “الزملاء” (Buddy Film)، وهي أفلام تعتمد على العلاقة التي تجمع بين زميلين سواء كانا من المجرمين أو الشرطة، يتفاعلان معا لغرض أكبر منهما، ويُظهر هذا التفاعل الاختلافات في الشخصية بينهما، وكذلك التكامل بين هذه الصفات، وتصبح الزمالة أو الصداقة محل اختبار خلال الأحداث سواء بالموت أو الشك في الخيانة.
ويتضح هذا الانتماء منذ العنوان، فكلمة “شِقو” تعني بالعامية المصرية الصديق الذي يقترب في مكانته من الشقيق، فنجد أننا أمام شريكين في الإجرام، هما إسماعيل (عمرو يوسف) الرأس المدبر وممثل الذكاء في هذه العلاقة، وحجازي (محمد ممدوح)، وهو كتلة من العضلات، لكن بقدر محدود من الذكاء.
يعمل الصديقان، تحت إمرة سيدة غامضة تُطلق على نفسها لقب “الدكتورة”، وتسند إليهما مهام خطيرة، تتضمن سرقة مستندات أكثر أهمية وخطورة من مجرد سرقة المال.
وتبدأ الحبكة الحقيقية للفيلم عندما تطلب الدكتورة منهما سرقة خزنة ثري مريض يعيش وحده في قصر مع ممرضة متخصصة، ويعترض العمليةَ الكثيرُ من المصاعب، أهمها مقاومة المريض والممرضة، الأمر الذي يؤدي لموت الأول وإصابة الثانية.
ويدور الفيلم في إطار من المغامرات نتيجة لهذه السرقة، حيث يتكالب عليهما الأعداء سواء كرم السواعدي (عباس أبو الحسن) أو الدكتورة نفسها، ولكن المحرك الحقيقي للأحداث يتمثل في العلاقة المعقدة التي تجمع بين إسماعيل وحجازي، فالأخير يغار على صديقه ومنه في ذات الوقت، فيغضب على سبيل المثال من احترام الدكتورة لإسماعيل، في حين ترفض مقابلته لأسلوبه الهمجي في الحوار، وعندما يربط الحب بين إسماعيل وفاطمة (دينا الشربيني) الممرضة، ويبدأ في الاتجاه نحو التوبة والتغيير يجد حجازي في هذه العلاقة تهديدا لنمط حياتهما معا، فيسعى بكل قوته لإنهاء هذه العلاقة.
يستمر الفيلم في التأسيس لهذه السردية ربما بقوة أكبر حتى من جانب الأكشن والمغامرة، فكلما ابتعد إسماعيل وحجازي عن بعضها البعض يصابان بالخسائر المختلفة، وعندما يجتمعان يهزمان الأعداء.
ويأتي ختام الفيلم ليؤكد على أن علاقة الصداقة أهم حتى من الحب والزواج، فيترك إسماعيل فاطمة على أمل العودة لها يوما ما، ويفعل حجازي المثل مع زوجته فتنة (أمنية خليل) المصابة، ويسافر دونها مع صديقه.
يتكرر هذا النوع من الثنائيات في السينما المصرية، وربما من أشهرها ثنائية عادل إمام وسعيد صالح في عدة أفلام منها المشبوه وعلى باب الوزير وسلام يا صاحبي، وهي المرة الثانية التي يقدم فيها عمرو يوسف ومحمد ممدوح علاقة الصداقة على الشاشة بعد نجاحهما معا في مسلسل “غراند أوتيل” عام 2016، ومثلما أجادا تقديمها في المسلسل القديم قاما بذلك في أحدث أفلامهما معا لتصبح هذه العلاقة أهم إيجابيات شِقو.
الأكشن والسيناريو
يبدأ فيلم “شِقو” بتعليق صوتي، يحكي فيه حجازي قصة علاقته بإسماعيل، ويصاحب التعليق مشهد أكشن يقوم به الثاني، ويمتد هذا المشهد لعدة دقائق متواصلة ليؤسس لما سيقدمه الفيلم بعد ذلك.
فالأكشن هو الأعلى صوتا من بين عناصر الفيلم، إذ يوجد، تقريبا، في أغلب لحظات الفيلم لدرجة إضافة شخصية جار فاطمة المتحرش في مشهد واحد للإعداد لمعركة جديدة يفوز فيها إسماعيل وحجازي كما هو متوقع ثم تختفي الشخصية وهذا الخط الدرامي نهائيا.
يتكرر هذا الظهور ثم الاختفاء على مستوى أكبر في شخصيتين رئيستين، الأولى كرم السواعدي ابن الثري المتوفي في الجريمة الرئيسية في الفيلم، الذي أسس له العمل كشخص شديد العنف والمكر يطارد إسماعيل وحجازي بعدما حملها وزر قتل والده.
وفي نهاية الفيلم، يختفي “كرم” نهائيا بدون صراع واضح مع البطلين معا أو حتى مواجهة لفظية، ليفتقد الفيلم الخاتمة المثالية لهذا النوع من الأفلام، بينما يواجه إسماعيل وحجازي الدكتورة وهي الشريرة الفرعية في العمل.
الشخصية الأخرى تتمثل في فُتنة، حبيبة وزوجة حجازي التي تُصاب بطلق ناري في مطاردة من رجال كرم، ويبكيها زوجها في السيارة ويتعامل على أنها توفيت بين ذراعيه، وفي المشهد التالي نجده يقاتل بجانب إسماعيل بضراوة بدون توضيح لحقيقة وفاتها أو إصابتها أو أي إشارة لما حدث في تناسي تام للشخصية وما حدث في المشهد السابق مباشرة، ثم يعود الفيلم ليتذكرها في آخر مشاهد الفيلم ليوضح أنها مصابة ولم تمت بمكالمة هاتفية تجمعها بحجازي.
ويُبرز هذا الظهور والاختفاء عيوب السيناريو، والتي تجعل الفصل الأخير من العمل فاقدا للتسلسل المنطقي للأحداث ولم ينجح المونتاج في حل هذه المعضلة، خصوصا مع طول الفيلم الذي تجاوز الساعتين ولم تفلح مشاهد الأكشن في معالجة هذه العيوب.
فيلم “شِقو” تجربة ليست جديدة على السينما المصرية، وبمقارنته بفيلم “الديزل” السابق لنفس المخرج، نجد أن الأخير أفضل من ناحية السيناريو على الأقل.