تعرف في محيطها بـ”سيدة المتفجرات” لدورها البارز في محو آثار الزلزال المدمر في ولاية كهرمان مرعش جنوبي تركيا عبر زرع أصابع الديناميت في الأبنية المتضررة الآيلة للسقوط، وتصادفها مواقف عاطفية تجعلها تشعر بالحزن وتفكر في الناس الذين دفنت ذكرياتهم تحت الأنقاض.
في 6 فبراير/شباط 2023 ضرب زلزالان جنوبي تركيا وشمالي سوريا بلغت قوتهما 7.7 و7.6 درجات، وتبعتهما آلاف الهزات الارتدادية العنيفة، مما خلف آلاف القتلى ودمارا هائلا.
مهندسة التعدين إسراء أكن البالغة من العمر 38 عاما تخرجت عام 2008 في جامعة تشوكوروفا بولاية أضنة (جنوب)، وعملت خبيرة متفجرات في المناجم ومواقع البناء بمناطق مختلفة لمدة نحو 15 عاما.
عملية محفوفة بالمخاطر
وعقب الزلزال بدأت أكن بالعمل مع زملائها في ولاية كهرمان مرعش، وزرعت منذ ذلك الحين آلافا من أصابع الديناميت على جدران وأعمدة المباني الآيلة للسقوط التي لم يجرؤ العديد من الأشخاص على دخولها.
بعد ذلك تقوم أكن بربط أصابع الديناميت مع بعضها البعض عبر فتيل طويل ودمجها مع جهاز إشعال (صاعق)، وعقب هذه العملية المحفوفة بالمخاطر -والتي تستغرق ساعات وأحيانا أياما- تقوم أكن بهدم المباني، مع اتخاذ قوات الأمن الاحتياطات اللازمة في المنطقة المحيطة.
وأكن هي السيدة الوحيدة التي تتولى مهام خبيرة متفجرات في الشركة التي تعمل فيها، مما جعلها قدوة لمن حولها في الشجاعة والإقدام.
وفي حديث للأناضول، قالت أكن إنها جاءت إلى كهرمان مرعش مباشرة بعد الزلزال لتشارك في جهود البحث والإنقاذ مع أصدقائها.
وأشارت إلى أن الشركة التي تعمل فيها هدمت المباني المتضررة بصورة بالغة، وأنها تولت مهام الهدم، والتي وصفتها بالخطيرة جدا.
وذكرت أنها عملت على تفجير 7 مبان حتى الآن، فيما بقي 160 مبنى سكنيا بحاجة للهدم باستخدام الديناميت.
وأضافت “قد يبدو التفجير وظيفة مخصصة للرجال، ولكن لا يوجد شيء صعب على المرأة إذا أرادت القيام به، محيطي وأصدقائي يصفونني بسيدة المتفجرات، لأنها -حسب رأيهم- مسألة مخيفة للغاية ويجب التعامل معها بدقة”.
ملاحظات تركها الراحلون
وبما أن هذا المجال ليس شائعا جدا فهو موضوع يجذب الكثير من اهتمام الناس، حسب المهندسة أكن.
وعند تفجيرها المباني المتضررة كانت أكن تصادف متعلقات شخصية للقاطنين السابقين، الأمر الذي يجعلها تشعر بحزن شديد.
وتقول إنها عندما تدخل المباني المتضررة بصورة بالغة تجد ملاحظات خطها أطفال وأشخاص “ونشعر بما عايشوه بقدر ما يشعرون، بالطبع هذا أمر مؤلم”.
وتضيف أن ثمة عائلات تزور المباني وتحكي ذكرياتها “ونحن نتأثر بشدة عندما يأتي السكان، ولا سيما النساء”.
وتعتقد أنه من الصعب جدا على الناس أن يتخلوا عن ذكرياتهم “فكل هذه الأمور تؤثر فينا وتجعلنا نشعر بالحزن، إنه مبنى متضرر بصورة بالغة، ذكريات الناس تبقى تحت أنقاضه، ولكن يجب علينا هدمها”.
ومنتصف فبراير/شباط 2023 أظهرت مقارنة أجرتها الأناضول بين مشاهد قديمة وجديدة لأماكن في ولاية كهرمان مرعش حجم الدمار الناجم عن كارثة الزلزال.
وتسبب الزلزالان العنيفان المتعاقبان بانهيار عدد كبير من المباني والمعالم في كهرمان مرعش، ولا سيما بمنطقتي دول قادر أوغلو وأون إيكي شباط.
وأودت كارثة الزلزال -التي كان مركزها ولاية كهرمان مرعش- بحياة عشرات الآلاف من الأشخاص وخلفت دمارا ماديا ضخما طال 11 ولاية في الجزء الجنوبي من تركيا.