منظمة يهودية تستخدم تصنيف “معاداة السامية” للضغط على الجامعات الأميركية

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 8 دقيقة للقراءة

واشنطن- كشفت رابطة مكافحة التشهير “إيه دي إل” (ADL) إحدى أكبر وأهم المنظمات اليهودية الأميركية، النقاب عن تصنيف 85 جامعة أميركية، من تلك التي تضم أكبر تجمعات للطلاب اليهود الأميركيين، طبقا لـ21 معيارا وضعتها المنظمة، لقياس “درجة معاداة السامية في الحرم الجامعي” وما اعتبرته ممارسات جديدة متزايدة تستهدف الطلاب اليهود.

ومن بين هذه المعايير ما يتعلق بالسياسات والإجراءات الإدارية التي تتخذها الجامعات لحماية طلابها اليهود، وأعداد الحوادث المعادية للسامية، وطرق مواجهة العداء للسامية بالحراك الجامعي، ودرجة السماح بالتقاليد والعادات والحياة اليهودية داخل الجامعات، حيث جاء إصدار هذا التصنيف في وقت يشهد فيه الحرم الجامعي الأميركي تقلبات ضخمة منذ أحداث “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

فعالية نظمتها لجنة “طلاب من أجل العدالة في فلسطين” بجامعة كاليفورنيا للتنديد بقتل الأطفال الفلسطينيين (بتول العوضي)

تصنيف خماسي

تعد منظمة “رابطة مكافحة التشهير” واحدة من أعرق المؤسسات اليهودية، وتأسست عام 1913 لمواجهة “العداء للسامية” قبل الانتقال لدعم إسرائيل بعد إنشائها، وتهدف لإطلاع أولياء الأمور والطلاب وصانعي السياسات على مواد يستطيعون من خلالها محاسبة الجامعات الجانحة، وترى في التصنيف مصدرا مهما لصانعي السياسات، لا سيما كأداة لإبلاغ الرقابة والتشريعات في الكونغرس.

ويمكن للأعضاء ومساعديهم استخدام التقرير لتوجيه وتوعية الكليات والجامعات في مناطقهم وولاياتهم، ويمكن لوزارة التعليم أيضا استخدام التصنيف للإبلاغ عن أي مخالفات، أو المساعدة بالتحقيقات الجارية والمستقبلية المتعلقة بمعاداة السامية في الجامعات.

ويجمع تحليل ومنهج المنظمة بين بيانات موضوعية من أعداد الحوادث التي يتم الإبلاغ عنها، وبين الكثير من الانطباعات والتحليلات الذاتية، إضافة لما تعتقده المنظمة وخبراؤها حول كيفية تقييم العوامل المختلفة.

ويتم تصنيف الجامعات على 5 درجات وفق التالي:

  • إيه/A: على القمة قبل الآخرين.
  • بي/B: أفضل من معظم الآخرين.
  • سي/C: تحتاج إصلاحات ضرورية.
  • دي/D: نهجها ناقص.
  • إف/F: رسوب وفشل.

نتيجة الاستبيان

وزودت المنظمة كل جامعة باستبيان، وتلقت ردودا من 84% من الجامعات التي قامت بتقييمها، كما نظرت المنظمة في معلومات عامة أخرى، بما في ذلك التحقيقات الفدرالية المتعلقة بالباب السادس من قانون الحقوق المدنية، الذي يمنع التمييز على أساس الدين والعرق والجنس.

وتلقت أهم جامعات العالم، والتي حصل أساتذتها وعلماؤها على عشرات من جوائز نوبل في مختلف المجالات، مثل جامعات هارفارد وستانفورد وشيكاغو ومعهد ماساشوستس للتكنولوجيا، على أسوأ تقييم بدرجة “إف” “F” لما اعتبرته المنظمة فشل هذه الجامعات في حماية الطلاب اليهود، ومعالجة معاداة السامية في حرمها الجامعي.

وجاء تصنيف 85 جامعة على النحو التالي:

  • حصلت جامعتان فقط على درجة “إيه” “A” وهما جامعة إيلون بولاية كارولينا الشمالية، وجامعة برانديز بولاية ماساشوستس، التي كانت أول من يقدم على خطوة إلغاء الاعتراف الرسمي بفرع “طلاب من أجل العدالة في فلسطين” بسبب نشاط المجموعة في الحرم الجامعي في أعقاب هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كما أوضحت الجامعة أن عبارات مثل “من النهر إلى البحر” هي خطاب كراهية وتتعارض مع مبادئ الجامعة.
  • حصلت 18 جامعة على درجة “بي” “B” من بينها جامعة دويك بولاية كارولينا الشمالية، وجامعة ولاية أريزونا، وجامعة هوفستريا بنيويورك، ويعني ذلك أن أداء هذه الجامعات جيد، وأنها أفضل من بقية الجامعات.
  • حصلت 29 جامعة على درجة ” سي” (C) من بينها جامعة بوسطن، وجامعة ولاية كولورادو وجامعة نيويورك، أي أن هناك المزيد من الجهد المطلوب القيام به لتصحيح الأوضاع داخل هذه الجامعات.
  • حصلت 24 جامعة على درجة “دي” (D) من بينها جامعة ييل بولاية كونيكيتيكت، وجامعة رايس بولاية تكساس، وجامعة برينستون بولاية نيوجيرسي وجامعة جون هوبكينز، وجامعة جورج تاون، وجامعة كولومبيا، ويعني ذلك أن هذه الجامعات لا تقوم بما يجب من جهود لمنع العداء للسامية.
  • حصلت 12 جامعة على درجة إف (F) من بينها جامعة “إم آي تي” (MIT)، وجامعة هارفارد وجامعة ستانفورد وجامعة شيكاغو، ويعني ذلك الفشل وربما تشجيع هذه الجامعات على الأنشطة المعادية للسامية داخل حرمها الجامعي.

إرهاب أكاديمي مغلف

في معرض تقديمه للتقرير، يقال الرئيس التنفيذي لرابطة مكافحة التشهير جوناثان غرينبلات، إن “الطلاب اليهود يستحقون أن يشعروا بالأمان والدعم في الحرم الجامعي، إنهم يستحقون بيئة تعليمية خالية من معاداة السامية والكراهية”.

وبحسب الرابطة، فقد سجلت العام الماضي ما يقرب من 4 آلاف و873 حادثة معادية للسامية في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وزادت نسبة الحوادث بالجامعات الأميركية خلال عام 2023 عن العام السابق بنسبة 321%.

ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فتح مكتب الحقوق المدنية التابع لوزارة التعليم الأميركية العديد من التحقيقات المتعلقة بمعاداة السامية بالجامعات الأميركية، بسبب الانتهاكات المزعومة للباب السادس من قانون الحقوق المدنية لعام 1964، كما بدأت لجنة مجلس النواب للتعليم والقوى العاملة تحقيقات في معاداة السامية بالعديد من الجامعات.

وسبق أن بعثت المنظمة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي رسائل إلى ما يقرب من 200 رئيس جامعة، تحثهم فيها على التحقيق في انتهاك محتمل من قِبل الجماعة الطلابية المعروفة باسم “طلاب من أجل العدالة في فلسطين” للقوانين الفدرالية وقوانين الولايات المعنية بتقديم الدعم المادي لـ”الإرهاب”.

من ناحية أخرى، يرى الكثير من الخبراء القانونيين أنه ليس من شأن الجامعات، سواء الخاصة أو الحكومية، التعليق على آراء أعضاء هيئة التدريس، أو إخبار الطلاب بما يمكنهم وما لا يمكنهم قوله أثناء الاحتجاجات الطلابية، طالما أنها لا تتضمن الدعوة أو التحريض على أعمال عنف.

في الوقت ذاته، يخشى العديد من أعضاء هيئات التدريس في الجامعات من أن تصبح هذه التصنيفات بمثابة سوط موجه ضد أي حراك معاد للسياسات الإسرائيلية.

WASHINGTON, DC - DECEMBER 05: (L-R) Dr. Claudine Gay, President of Harvard University, Liz Magill, President of University of Pennsylvania, Dr. Pamela Nadell, Professor of History and Jewish Studies at American University, and Dr. Sally Kornbluth, President of Massachusetts Institute of Technology, testify before the House Education and Workforce Committee at the Rayburn House Office Building on December 05, 2023 in Washington, DC. The Committee held a hearing to investigate antisemitism on college campuses. Kevin Dietsch/Getty Images/AFP (Photo by Kevin Dietsch / GETTY IMAGES NORTH AMERICA / Getty Images via AFP)
رؤساء جامعات أميركية يدلون بشهادتهم أمام لجنة بمجلس النواب للتحقيق في معاداة السامية بحرم الجامعات (غيتي)

صراع داخل الجامعات

ويعتبر أكاديمي عربي -فضل عدم ذكر اسمه- في حديث للجزيرة نت أن “ما تقوم به الرابطة وغيرها من المنظمات اليهودية يهدف بالأساس لإرهاب الطلاب الصغار، المؤيدين للحق الفلسطيني بنسب كبيرة صدمت النخبة الأميركية التقليدية، ويرى هؤلاء الشباب قضية الشرق الأوسط من خلال منظور جديد يتعلق بغياب العدالة والمساواة، والعنصرية والاحتلال”.

وأشار الأكاديمي العربي، الذي يُدرّس في إحدى أهم جامعات العاصمة الأميركية، إلى أن “هناك مخاوف معلنة بين قادة اللوبيات اليهودية بين ما يرونه خسارة في الرأي العام الأميركي، لذا يفعلون ما بوسعهم لوقف وعرقلة التغيُّر في هذا التوجه لدى الشباب الأميركي الأقل تأييدا للجانب الإسرائيلي مقارنة بجيل آبائهم”.

ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تشهد أغلب الجامعات الأميركية فعاليات احتجاجية لا تتوقف، من أجل دفع إدارة الرئيس جو بايدن لوقف إطلاق النار، وشهدت بعض الجامعات مواجهات بين الطلاب المؤيدين للجانب الفلسطيني، الذين زادت أعدادهم بصورة ضخمة،  وبين الطلاب المؤيدين للموقف الإسرائيلي.

وبرز دور تنسيقي كبير لمنظمة “طلاب من أجل العدالة في فلسطين” والتي أصبح لها فروع بالعديد من الجامعات في كل الولايات الأميركية الخمسين.

وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أدلت رئيسات 3 جامعات كبرى، هي هارفارد وبنسلفانيا و”إم آي تي” بشهادتهن أمام لجنة التعليم في مجلس النواب، وسلطت جلسة الاستماع الضوء على مشكلة التوازن بين حماية حرية التعبير والحفاظ على سلامة الطلاب، واضطرت رئيستا جامعتي هارفارد وبنسلفانيا للاستقالة عقب الإدلاء بشهادتيهما، لما اعتبره البعض فشلا في إدانة بعض الأنشطة الطلابية الخلافية.

ولا تزال جامعة هارفارد قيد التحقيق الفدرالي بسبب انتهاكات محتملة للباب السادس، وقد رفع العديد من الطلاب اليهود دعوى قضائية ضد الجامعة لفشلها في حمايتهم من “معاداة السامية”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *