إيران تلوح بتغيير “عقيدتها النووية”

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 12 دقيقة للقراءة

قال محللون لصحيفة “واشنطن بوست”، إن أول هجوم إيراني مباشر على إسرائيل، ليل السبت الأحد، أظهر القوة العسكرية للبلاد والتقدم الذي أحرزته في برنامجها للأسلحة المحلية، غير أنه كشف أيضا عن “محدودية” ترسانتها، وفق تعبير الصحيفة.

وعلى الرغم من أن إيران أطلقت أكثر من 300 طائرة مسيرة وصاروخ في هجومها الأخير متعدد المستويات، في أكبر عرض للقوة العسكرية التقليدية في تاريخها، إلا أن الأضرار الناجمة عنه كانت محدودة نسبيا.

وبحسب الصحيفة الأميركية، يمكن إرجاع ذلك جزئيا إلى التنسيق المسبق للهجوم، الأمر الذي منح إسرائيل والولايات المتحدة متسعا من الوقت لنشر وتفعيل منظومات الدفاع الجوي. ومع ذلك، فقد يعود السبب أيضا إلى نقاط الضعف وأوجه القصور في قدرات الأسلحة الإيرانية المتوسطة وبعيدة المدى، مما يحد من فاعلية ضرباتها ويقلل من تأثيرها رغم حجمها الكبير.

ما الأسلحة المستعملة في الهجوم؟

وفي هجومها السبت، استخدمت إيران 120 صاروخا بالستيا و30 صاروخ كروز، بالإضافة إلى 170 طائرة بدون طيار.

مسيرات “شاهد”

وخلال هجومها الأخير على إسرائيل، استعانت إيران، بمسيرات من طرازي “شاهد 136 و 131” ذاتية التفجير.

ويصل طول طائرات شاهد 136 إلى حوالي 3 أمتار، بينما يصل عرضها مترين، بوزن يقترب من 200 كلغ عند الإقلاع، وتصل سرعتها إلى 185 كلم في الساعة.

وتضم مقدمتها رأسا حربيا ويمكن تجهيزها بكاميرا.

أما شاهد-131 فهي النسخة الأولية من من شاهد-136، مع مبدأ تشغيل مماثل، كما أن تصميمهما وهندستهما الهوائية متطابقة أيضا، باستثناء صغر حجم 131 نسبيا.

صواريخ كروز

وإلى جانب المسيّرات المفخخة، استعملت طهران أيضا صاروخ كروز من نوع “باوه”، تم تقديمه خلال عام 2023، ويصل مداه إلى 1646 كلم.

الصواريخ الباليستية

واستعملت القوات الإيرانية في هجومها ثلاثة أنواع من الصواريخ الباليستية، أولها “عماد” هو صاروخ باليستي إيراني التصميم يعمل بالوقود السائل، تم الكشف عنه أول مرة عام 2015.

ويبلغ طول هذا الصاروخ 16 مترا، وقطره 1.2 متر، ويصل مداه إلى 1700 كلم، بينما يبلغ وزن الرأس الحربي: 748.4 كلغ.

الطراز الثاني المستعمل هو “صاروخ “غدر”، وهو نسخة محسنة من صاروخ شهاب-3أ. ويشار إليه أيضا باسم غدر-101، وغدر-110.

ويصل طوله إلى 16.5 مترا، وقطره إلى 1.25، بينما يصل مداه الأقصى إلى 1950 كلم، ووزن رأسه الحربي  798.3 كلغ.

الصاروخ الثالث، هو “خيبر شيكن”، وهو صاروخ باليستي يعمل بالوقود الصلب صممه الحرس الثوري الإيراني،  قدمته إيران في عام 2022، يتميز بالمواصفات التالية: الطول: 10.4 متر، القطر: 0.8 متر، المدى الأقصى: 1450 كلم ووزن الرأس الحربي: 498.9 كلغ.

مدى الصواريخ الباليستية الإيرانية

مدى الصواريخ الباليستية الإيرانية

تطور البرنامج الصاروخي الإيراني

 
ثمانينيات القرن العشرين: صواريخ سكود

حصلت طهران في منتصف الثمانينيات على صواريخ سكود من ليبيا وسوريا وكوريا الشمالية، كما بدأت في تكييف التكنولوجيا لإنتاج نسخها الخاصة. خلال الحرب التي استمرت ثماني سنوات مع العراق، اعتمدت إيران بشكل أساسي على صواريخ سكود-بي التي يبلغ مداها 298 كلم.

1994 إلى 2001: صواريخ شهاب-1

طورت إيران نسختها الخاصة من صاروخ سكود-بي، وهي شهاب-1، واستخدمتها من عام 1994 إلى 2001 لقصف قواعد في العراق تستخدمها جماعة “مجاهدي خلق” المعارضة. يبلغ مدى صاروخ شهاب-1 حوالي 300 كلم.

منذ عام 2017: جيل جديد من الصواريخ

وبعد 16 عاما دون إطلاق صواريخ جديدة، أظهرت إيران تقدمها التكنولوجي في عام 2017 عندما هاجمت مركز قيادة لتنظيم داعش بستة صواريخ “ذو الفقار” التي يبلغ مداها 692 كلم.

 وفي أوائل عام 2024، شنت ضربات ضد أهداف لتنظيم داعش. في شمال غرب سوريا باستخدام صواريخ خيبر شكن التي قطعت مسافة 1200 كلم من إيران إلى سوريا.

ومن بين الأمثلة الأخرى على الصواريخ الإيرانية الحديثة ومداها:
فاتح-110: (292 كلم).
فاتح-313: (500 كلم).
ذو الفقار: (700 كلم).

تطور الهجمات الصاروخية الإيرانية من عام 2017 إلى 2024

2017:
دير الزور، سوريا: استهدفت صواريخ بالستية تنظيم داعش. 
الصواريخ المعروفة المستخدمة: ذو الفقار

2018:
كويا، العراق: ضد معارضين أكراد.
 أبو كمال، سوريا: صواريخ بالستية ضد تنظيم داعش. 
الصواريخ المستخدمة: ذو الفقار، فاتح-110.

2019:
بقيق وظهران، السعودية: 18 طائرة مسيرة + 7 صواريخ كروز استهدفت منشآت نفطية.

الصواريخ المستخدمة: كروز مجنحة بمدى 3 كلم

2020:
 أربيل، العراق: استهدف صاروخ بالستي قوات أميركية. 
وبعدها إطلاق 15 إلى 22 صاروخا بالستيا،  على قاعدة عين الأسد.

الصواريخ المستخدمة: قيام، ذو الفقار و”فاتح-313″.

2022: 
أربيل، العراق: أزيد من 10 صواريخ بالستية ضد ما اعتبرتها  طهران “مراكز استراتيجية إسرائيلية إسرائيلية”.

الصواريخ المستخدمة: فاتح-110. 

رويا والسليمانية، العراق: إطلاق 73 صاروخا بالستيا وطائرات مسيرة مفخخة ضد معارضين أكراد.

2023:

حارم. سوريا: 7 صواريخ بالستية استهدفت تنظيم داعش. 
الصواريخ المستخدمة: خيبر شكن. 

وفي الموقع ذاته شنت ضربات ضد ما اعتبرتها، “مقرات التجسس” الإسرائيلية، بـ7 صواريخ بالستية.

بلوشستان، باكستان: هجوم صاروخي بالستي ضد “جيش العدل”.

2024:

 إسرائيل: هجوم بأكثر من 120 صاروخا بالستيا و170 طائرة مسيرة و30 صاروخ كروز.

قراءات في قوة السلاح الإيراني بعد الهجوم الأخير

ومع ذلك، بعد تحليل الذخائر المستخدمة في هجوم ليل السبت الأحد ونجاح أنظمة الدفاع الإقليمية في صده، يقول باحثون لواشنطن بوست، إنه من غير الواضح كيف يمكن لإيران إلحاق ضرر أكبر بإسرائيل من خلال وسائلها العسكرية التقليدية.

وقال جون كريزيزانياك، الباحث الذي يدرس برامج الصواريخ الإيرانية في مشروع ويسكونسن للحد من الأسلحة النووية، للصحيفة: “لقد ألقت إيران بشكل أساسي كل ما لديها يمكن أن يصل إلى الأراضي الإسرائيلية”. 

وأضاف المتحدث ذاته، أن طهران “استخدمت بعضا من كل الأنظمة الموجودة لديها”. وقال خبراء، إنه من المنطقي استبعاد صواريخ “سجيل-1″ و”شهاب-3” من الهجوم.

وقال فابيان هينز، محلل شؤون إيران في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في برلين، إن شهاب 3 “لم يستخدم لأنه قديم للغاية”. وأضاف أن “صاروخ سجيل هو صاروخ غامض إلى حد ما”، مضيفا أن إيران “استخدمته قليلا جدا خلال المناورات”.

صاروخ شهاب 3 الإيراني

صاروخ شهاب 3 الإيراني

وأشار محللون آخرون إلى أن تصنيع “سجيل” كان باهظ التكلفة، وربما لم يعد قيد الإنتاج.

كما توفر كمية الذخائر المستخدمة رؤى جديدة حول قدرات إيران. ويشير نشر أكثر من 100 صاروخ بالستي خلال موجة واحدة إلى أن التقديرات السابقة بأن لإيران حوالي 3 آلاف صاروخ بالستي مخزنة، ربما تكون دقيقة، وقد تكون حتى أقل.

وقال كريزيزانياك: “إذا كانت هذه مجرد جولة واحدة من عدد غير معروف من الجولات القادمة، فلن تطلق جزءا كبيرا مما لديك فقط في الجولة الأولى”.

وأضاف أن إطلاق أكثر من 100 صاروخ باليستي في غضون دقائق قليلة، يشير إلى أن إيران لديها ما لا يقل عن 100 منصة إطلاق، وهي نقطة بيانات جديدة للباحثين.

وأضاف: “هذا يدل على أن إيران لم تواجه فعلياً أي قيود في إنتاج الصواريخ ومنصات الإطلاق محلياً”.

وبحسب واشنطن بوست، فإن ترسانة الصواريخ البالستية الإيرانية، وهي الأكبر في الشرق الأوسط، تكاد تكون محلية الصنع بشكل كامل. وفي السنوات الأخيرة، أظهرت إيران قدرتها على تحديث بعض الأنظمة، وتحسين مداها ودقتها.

وقال المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية، أبو الفضل شكارجي، إن الذخائر المستخدمة في الضربات ضد إسرائيل لا تمثل سوى “جزء صغير” من القوة العسكرية للبلاد، وفقا لبيان نُشر على وسائل الإعلام التي تديرها الدولة.

أسئلة “الدقة والإتقان”

وقبل الهجوم على إسرائيل، كان أهم استخدام إيراني للصواريخ الباليستية في عام 2020، بعد هجوم بطائرة أميركية بدون طيار، أدى إلى مقتل القائد الإيراني البارز، قاسم سليماني.

وأطلقت إيران أكثر من 10 صواريخ باليستية على قاعدتين عسكريتين أميركيتين في العراق، واحدة في غرب البلاد والأخرى في شمالها. ورغم عدم وقوع وفيات، فقد أصيب العشرات من أفراد الخدمة الأميركية بإصابات دماغية.

واستخدمت إيران أيضا الصواريخ البالستية في ضربات هذا العام، على باكستان وسوريا والعراق.

لكن الهجوم على إسرائيل يشير إلى أن العديد من الذخائر الإيرانية ذات جودة منخفضة. وقال الجيش الإسرائيلي، إن 99 بالمئة من الصواريخ والطائرات المسيرة التي أطلقتها إيران تم اعتراضها أو فشل إطلاقها.

لقطة تظهر صاروخا إيرانيا سقط في إسرائيل ليل السبت الأحد

لقطة تظهر صاروخا إيرانيا سقط في إسرائيل ليل السبت الأحد

وقال بهنام بن طالبلو، وهو زميل بارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات والذي كتب على نطاق واسع عن برنامج الصواريخ الإيراني في حديثه للصحيفة: “لقد رأينا أن الدقة والاتقان لا يزالان يمثلان تحديا بالنسبة للأسلحة الإيرانية، مشيرا إلى أن الأسلحة الحالية وحدها “لن تكسب إيران حربا”.

وشكلت الطائرات الإيرانية بدون طيار الموجة الأولى من الهجوم. فهذه الطائرات رخيصة وفعالة وسهلة الإنتاج، وقد تم استخدامها في هجمات في جميع أنحاء الشرق الأوسط لسنوات. كما زودت إيران روسيا بطائرات بدون طيار لحربها في أوكرانيا، حيث كانت فتاكة.

وخلال الهجوم على إسرائيل، تم نشر الطائرات بدون طيار بطيئة الحركة على الأرجح لإشغال الدفاعات الجوية والسماح لذخائر أكثر تقدما بالمرور. وقال الجيش الإسرائيلي، إنه تم إسقاط جميع الطائرات بدون طيار قبل دخولها المجال الجوي الإسرائيلي.

وقال علي حامي، وهو محلل عسكري لبناني، للصحيفة الأميركية إن إيران ربما استخلصت دروسا مهمة حول الدفاعات الجوية الإسرائيلية. وقدم المعلقون على التلفزيون الحكومي الإيراني وجهات نظر مماثلة.

وتابع حامي: “قد يكون هذا هجوما تجريبيا، وحصلت إيران على ما تريد. فتجاوز الدفاعات الجوية ليس مجرد انتصار رمزي، بل انتصار حقيقي”.

وأصابت إحدى الصواريخ القليلة التي تمكنت من اختراق أنظمة الاعتراض قاعدة جوية إسرائيلية في صحراء النقب. وتم عرض صور الضربة بشكل متكرر على العديد من القنوات الإيرانية الحكومية في الأيام التي تلت الهجوم. ووصفت إسرائيل الأضرار بأنها طفيفة.

وبالإضافة إلى تحليل الدفاعات الجوية الإسرائيلية، من المحتمل أن تدرس طهران أيضا المشاكل المتعلقة بأنظمتها الصاروخية التي يقال إنها أدت إلى فشل عند الإطلاق وأثناء الطيران، وفقا لأفشون أوستوفار، أستاذ شؤون الأمن القومي في كلية الدراسات العليا البحرية في كاليفورنيا.

وأضاف في حديثه لواشنطن بوست: “هجوم آخر قد يكون أكثر فعالية”. لكن في نهاية المطاف، فإن هذا النوع من النهج الذي ظهر في هجوم ليل السبت الأحد “ليس مستداما حقا على مدى صراع طويل الأمد”.

وقال إنه حتى لو غيرت إيران وتيرة الهجمات وعدّلت الذخائر المستخدمة، “فسيظل يتعين عليها إطلاق الكثير من المقذوفات حتى يتمكن عدد قليل فقط من (الذخائر) من المرور”.

وأشار بعض المسؤولين الإيرانيين إلى أنهم لم يستعلموا أسلحتهم الأكثر خطورة.

وقال أبو الفضل العموي، المتحدث باسم الأمن القومي البرلماني، في مقابلة مع قناة الميادين اللبنانية: “نحن على استعداد لاستخدام أسلحة لم نستخدمها من قبل”، مضيفا “لدينا خطط لكل السيناريوهات”.

لكن محللين يقولون إنه من غير المرجح أن يتمكن أي نوع من الذخائر من تغيير قواعد اللعبة. وبدلا من ذلك، من المرجح أن تستخدم إيران نفس الذخائر في هجوم مستقبلي، ولكن بطريقة مختلفة: تقديم تحذير أقل، أو إطلاق وابل من الصواريخ بالتنسيق مع الجماعات المسلحة المتحالفة معها في المنطقة، والتي لم تلعب دورا كبيرا في هجوم ليل السبت الأحد.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *