حذّر المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني من أن الرضوخ لطلب إسرائيل حلّ الوكالة من شأنه أن يفاقم المجاعة في قطاع غزة، وأن يدفع بجيل من الأطفال إلى “اليأس” وبالتالي تأجيج “دوامات عنف لا تنتهي”، وأكد أن آثارا خطيرة على السلم والأمن الدوليين ستترتب على ما وصفها بهذه الحملة الخبيثة الرامية لإنهاء عمل الوكالة.
وقال لازاريني، خلال جلسة وزارية مفتوحة لمجلس الأمن الدولي أمس الأربعاء، إن إسرائيل تسعى لإنهاء عمليات الأونروا في قطاع غزة ورفضت بشكل متكرر طلبات توصيل المساعدات الإنسانية إلى شمال القطاع، مشددا على أن “الوكالة هي العمود الفقري للعمليات الإنسانية” في غزة.
وأضاف المفوض العام للأونروا أنه “على المدى الطويل، فإن حلّ الوكالة سيضع في مهبّ الريح عملية الانتقال من وقف لإطلاق النار إلى اليوم التالي، وذلك من خلال حرمان سكان مصابين بصدمات نفسية من خدمات أساسية”.
وأوضح أن هذا الأمر “سيجعل المهمة الهائلة المتمثلة في عودة ما يقرب من نصف مليون فتاة وفتى يعانون الأمرّين إلى التعليم مهمة شبه مستحيلة”، مشيرا إلى أن “الفشل في توفير التعليم سيحكم على جيل كامل باليأس، مما يؤدي إلى تأجيج الغضب والاستياء ودوامات عنف لا تنتهي”.
كما أشاد لازاريني بموظفي الأونروا الذين قُتلوا في غزة منذ بدأت الحرب وعددهم 178 موظفا، ووقف مع جميع أعضاء مجلس الأمن دقيقة صمت حدادا على أرواح جميع العاملين في المجال الإنساني الذين قُتلوا مذاك.
الموقف الإسرائيلي
وخلال جلسة مجلس الأمن الدولي أمس الأربعاء، قال السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان إنّ “أحد الأهداف الرئيسية للأونروا هو تلقين الأطفال الفلسطينيين فكرة أنهم يستطيعون تدمير إسرائيل” إذا ما عاد “الملايين من أحفاد اللاجئين الفلسطينيين”.
وقال إن الوقت قد حان الوقت لوقف تمويل الأونروا، مؤكدا أن المنظمات غير الحكومية ووكالات أممية أخرى يمكن أن تحلّ محلها.
وتتّهم إسرائيل الوكالة الأممية، البالغ عدد موظفيها أكثر من 30 ألف شخص في المنطقة (قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان والأردن وسوريا)، بأنّها توظّف أكثر من 400 ممن تصفهم بالإرهابين في غزة، من بينهم 12 موظفا تؤكّد تل أبيب أنهم متورّطون بشكل مباشر في الهجوم الذي شنته حماس عليها في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ودفعت هذه الاتهامات بعدد من الدول المانحة إلى تعليق تمويلها للوكالة الأممية، رغم أنّ بعضا من هذه الدول عاد ليستأنف تمويلها.
وفي أعقاب الاتهامات الإسرائيلية للأونروا، فصلت الأمم المتحدة في إجراء فوري الموظفين الـ12 المعنيين، وبدأت تحقيقا داخليا لا يزال مستمرا.
وفي الوقت نفسه، عهد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى مجموعة مستقلة مهمّة تقييم الأونروا و”حيادها”.
ومن المقرر أن تقدّم رئيسة هذه المجموعة وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاثرين كولونا تقريرها النهائي الاثنين المقبل.
سوء معاملة
وفي سياق متصل، قالت الأونروا إن بعض موظفيها وغيرهم من الأشخاص الذين تحتجزهم القوات الإسرائيلية في قطاع غزة تعرضوا لسوء المعاملة لا سيما الضرب المبرح والإجبار على التعري.
وقالت الأونروا في تقرير نشر أول أمس الثلاثاء إن الموظفين الذين تم احتجازهم، في بعض الحالات أثناء أداء مهامهم الرسمية، “تم احتجازهم بمعزل عن العالم الخارجي وتعرضوا لنفس الظروف وسوء المعاملة مثل المعتقلين الآخرين”.
وقالت الوكالة إن الموظفين أفادوا بتعرضهم للضرب والمعاملة الشبيهة بالإيهام بالغرق والتهديد بالاغتصاب والصعق بالكهرباء، وأجبروا على التعري من بين أشكال أخرى من سوء المعاملة.