كشف معاناة أسرة سورية لاجئة.. حكومة بولندا تحاصر فيلم “الحدود الخضراء”

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

بدأ اليوم الجمعة عرض فيلم “الحدود الخضراء” (The Green Borders) للمخرجة البولندية أنيسكا هولاند في 250 دار سينما في بولندا، وفرضت الحكومة تشغيل مقطع فيديو للتحذير مما اعتبرته أكاذيب يتضمنها الفيلم.

الظاهرة التي تحدث للمرة الأولى في العالم كتبت كلمة النهاية لمعركة بدأتها الحكومة منذ بدء إنتاج العمل، لكنها زادت بعد قرار اختياره للمنافسة على جوائز الأوسكار من قبل لجنة مستقلة عن الحكومة رسميا.

وتسلط المخرجة أنيسكا هولاند الأضواء في فيلمها الدرامي على أزمة أسرة سورية لاجئة عالقة على الحدود البولندية خلال أزمة اللاجئين الشهيرة عام 2021، وسط الغابات والأجواء الباردة.

وعرض فيلم “الحدود الخضراء” لأول مرة في مهرجان فينيسيا السينمائي في وقت سابق من هذا الشهر، حيث حصل على جائزة لجنة التحكيم الخاصة، كما أشاد النقاد بالفيلم، ووصفته مجلة “هوليود ريبورتر” (The Hollywood Reporter ) بأنه واحد من بين أفضل 15 فيلما في المهرجان.

حكاية أسرة سورية لاجئة

يتتبع “الحدود الخضراء” عائلة من اللاجئين السوريين ومدرس لغة إنجليزية من أفغانستان وحارس حدود. يجتمعون على الحدود البولندية البيلاروسية، وتنضم إليهم عالمة النفس جوليا (ماجا أوستاسزيفسكا) كشاهدة ومشاركة في الأحداث الدرامية على الحدود البولندية البيلاروسية بعد انتقالها إلى هناك.

وإدراكًا منها للمخاطر والعواقب القانونية، انضمت إلى مجموعة من الناشطين الذين يساعدون اللاجئين في التخييم بالغابات في المنطقة التي أعلنت فيها حالة الطوارئ.

يتحول الضحايا -دون أن يعلموا- إلى أدوات للضغط السياسي من قبل السلطات البيلاروسية، ليتساءل الجميع في اللحظة نفسها: أين الإنسانية؟!

وكانت المخرجة البولندية التي تبلغ من العمر 74 عاما قد تفاعلت مع أزمة الآلاف من اللاجئين -أغلبهم من سوريا والشرق الأوسط- على الحدود البولندية البيلاروسية عام 2021، حين أغلقت بولندا الحدود عليهم بعد قدومهم من بيلاروسيا وسط أجواء الجوع والبرد، وقامت ببناء سور بارتفاع 3.5 أمتار لمنعهم من العبور.

كتبت هولاند السيناريو كعمل درامي صورت خلاله محنة اللاجئين الذين تقطعت بهم السبل على الحدود الطبيعية بين بولندا وبيلاروسيا، حيث تم إغراء المهاجرين، ومعظمهم من سوريا والشرق الأوسط، بالخروج إلى الحدود عن طريق الدعاية من قبل النظام البيلاروسي، والذي وعدهم بالمرور السهل إلى الاتحاد الأوروبي.

بلغ من شعور الحكومة البولندية بالقلق من العمل أثناء تصويره وقبل عرضه الأول في فينيسيا أن شبه وزير العدل زبيغنيو زيوبرو الفيلم بـ”الدعاية النازية” بسبب تصويره السلبي للشرطة البولندية وحرس الحدود.

الرئيس شخصيا

وفي ظهور تلفزيوني، كرر الرئيس البولندي أندريه دودا أيضًا تشبيه الفيلم بالدعاية بالنازية، داعيًا إلى مقاطعته، وقال “فقط الخنازير هي التي تجلس في السينما”، وهو شعار الحرب العالمية الثانية الذي استخدمته المقاومة البولندية أثناء الاحتلال الألماني عندما كانت الدعاية النازية تتم عبر عرض الأفلام في المسارح البولندية.

وقالت المخرجة أنيسكا هولاند لـ”هوليود ريبورتر” ردا عليه: “إنه أمر مضحك للغاية، حقا، أن اتهمني وزير الظلم بأنني نازية، وفي مؤتمر صحفي عقد مؤخرا، قارن فيلمي بالدعاية الستالينية، لذا فأنا على ما يبدو هتلر وستالين في نفس الوقت”.

وأشارت المخرجة إلى أن بعض أشهر أفلامها بما في ذلك فيلم “أوروبا” 1990 الذي رشح لجائزة الأوسكار، و”في الظلام” (2011) يحكيان قصة معاناة اليهود أثناء الهولوكوست، أما فيلم “السيد جونز” لعام 2019، فيدور حول المجاعة التي سببها ستالين في أوكرانيا في ثلاثينيات القرن العشرين، والتي يشار إليها محليًا باسم هولودومور.

موجة كراهية

وضاعفت الحكومة البولندية -التي تستعد لإعادة انتخابها في 15 من أكتوبر/تشرين الأول المقبل- من هجماتها على “الحدود الخضراء”، حيث ظهر وزير الداخلية مع متحدثة باسم حرس الحدود الوطني، واصفًا فيلم هولاند بأنه “سخرية مثيرة للاشمئزاز ومضر بضباط حرس الحدود والجنود وكل أولئك الذين يدافعون عن الحدود البولندية معرضين صحتهم وحياتهم للخطر”.

إلى جانب ما تسميه “موجة الكراهية” ضد فيلمها، تقول هولاند إن هناك “موجة تضامن” من الكثيرين في بولندا ومن مجتمع السينما الدولي، فقد كتبت مجموعات من بينها أكاديمية السينما الأوروبية، ومخرجو الشاشة الأوروبيون، وجمعية المرأة في السينما البولندية، رسائل دعم عامة للمخرجة البالغة من العمر 74 عامًا.

ويعتبر فيلم “الحدود الخضراء” -الذي نال استحسانا دوليا- وقدمته مخرجة بولندية أسطورية رشحت مرتين لجائزة الأوسكار، من بين الأعمال المرشحة بقوة للفوز بالجائزة الأرفع في عالم السينما.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *