طوباس- شيّعت جماهير فلسطينية جثمان المقاوم محمد رسول دراغمة، أحد أبرز قادة كتيبة طوباس الذي اغتاله جيش الاحتلال صباح اليوم الجمعة باستهدافه بوابل من الرصاص داخل مركبته في مدينته شمال الضفة الغربية.
ويأتي ذلك بعد ساعات قليلة من استشهاد الشاب محمد عصام الشحماوي خلال اقتحام الاحتلال مخيم الفارعة جنوبي مدينة طوباس.
وعند الواحدة والنصف فجرا، توغّلت قوات الاحتلال إلى مخيم الفارعة للاجئين، غربي طوباس، في محاولة لاعتقال مطلوبين لديها، حيث اندلعت مواجهات عنيفة أصيب خلالها الشحماوي برصاص الاحتلال وأُعلن استشهاده لاحقا.
كما أصيب 3 آخرون بالرصاص الحي، وُصفت جراح أحدهم بالخطيرة جدا، في حين اعتدى جنود الاحتلال على أحد ضباط الإسعاف الفلسطيني بالضرب المبرح بعد تقييده واحتجازه قبل إطلاق سراحه.
اقتحام واغتيال
ولعدة ساعات استمر اقتحام قوات الاحتلال لمخيم الفارعة قبل أن تنسحب صباحا، حيث دارت اشتباكات مسلحة مع المقاومين، وفي هذه الأثناء قصفت طائرات الاحتلال منزل أحد المواطنين بالمخيم بدون الإبلاغ عن وقوع إصابات.
كما توغلت قوة ثانية من جيش الاحتلال في مدينة طوباس ودارت اشتباكات عنيفة مع مجموعة من المقاومين، واغتال قوات الاحتلال الشاب محمد رسول دراغمة (24 عاما) المطلوب لديه.
وأكد عدنان غنيمي ضابط الإسعاف في الهلال الأحمر الفلسطيني للجزيرة نت، استشهاد دراغمة برصاص الاحتلال عند قرابة السابعة صباحا، وذكر أن الجنود -وبعد استهداف الشهيد- احتجزوا جثمانه لبعض الوقت قبل أن ينقله الإسعاف الفلسطيني للمستشفى التركي الحكومي بطوباس.
من جهته، قال رئيس بلدية طوباس حسام دراغمة، للجزيرة نت، إن جيش الاحتلال شنّ عملية عسكرية واسعة استهدف بها مدينة طوباس وبلدة طمون ومخيم الفارعة المجاورين للمدينة.
وأضاف أن الجنود الإسرائيليين استهدفوا الشهيد دراغمة داخل مركبته في منطقة شارع الثغرة قرب مقر وزارة الصحة الجديد بطوباس، حيث حاصرت 3 آليات عسكرية مركبة الشهيد وأمطرتها بوابل كثيف من الرصاص.
وبعد التأكد من استشهاد دراغمة -يقول مدير البلدية- سحب جيش الاحتلال المركبة إلى بلدة طمون القريبة “وهناك ألقى بجثمان الشهيد أرضا، ثم بلغ الأهالي الهلال الأحمر بوجود الجثمان في المنطقة المذكورة ونقلها للمستشفى التركي الحكومي”.
جريمة حرب
واستنكر المسؤول عملية الاغتيال، وقال إنها “جريمة حرب” واضحة، ولا تقل خطورة عن جرائم الاحتلال التي يرتكبها في قطاع غزة وضد الفلسطينيين بكل مواقع وجودهم.
وبعد نقل الشهيد دراغمة للمشفى، حضر ذووه رفقة عشرات المواطنين الغاضبين، وتم نقله إلى منزل عائلته، ومن ثم إلى مسجد الشهيد بمدينة طوباس ليوارى بعدها الثرى في مقبرة عائلته.
وفي مدينة طوباس وُلد الشهيد محمد رسول دراغمة الملقب بـ”الصخرة”، وبها نشأ وترعرع، وفي مدارسها تلقى تعليمه الأساسي حتى الصف العاشر، ليباشر العمل الحر بعد ذلك لا سيما في مجال الحلاقة قبل أن يعتقله الاحتلال مرتين في سجونه، ويقضي فيها عامين متفرقين.
والمقاوم الشهيد محمد رسول هو النجل الأصغر من بين 4 أشقاء (3 ذكور وفتاة) للشيخ الشهيد عمر نمر دراغمة (58 عاما) القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ولعائلة متدينة ومقاومة، حيث استُشهد عمه أشرف دراغمة بقصف إسرائيلي لمقاومين من كتائب القسام في مدينة طوباس عام 2002.
واستُشهد والده عمر دراغمة كأول أسير خلال عملية “طوفان الأقصى” داخل سجون الاحتلال نتيجة التعذيب بعد أسبوعين من اعتقاله هو ونجله حمزة ضمن حملة استهدفت كوادر وقيادات وطنية لا سيما المحسوبة على حركة حماس، ولا يزال الاحتلال يحتجز جثمانه حتى الآن.
ومع تشكل خلايا ومجموعات المقاومة بمخيمات الضفة ومدنها (لا سيما كتيبتي جنين وعرين الأسود) في السنوات القليلة الماضية واشتداد المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي، تشكّلت كتيبة طوباس عبر سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي منتصف يونيو/حزيران من العام الماضي.
وانخرطت فيها تباعا فصائل المقاومة وخاصة كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، وباشرت بعملياتها ضد الاحتلال.
قائد بارز
وبوصفه أحد قادة القسام في طوباس، انخرط محمد رسول دراغمة في الكتيبة وأصبح أحد أبرز قادتها، وبعد استشهاد قائدها أحمد جمال دراغمة الملقب بـ”الجغل” أواخر فبراير/شباط الماضي، تولى محمد رسول قيادتها. واقتحم جيش الاحتلال منزل عائلته مرات عدة، وحطم محتوياته في محاولة للضغط عليه بعد أن فشل في اعتقاله.
وقبيل تشكل الكتيبة وانطلاق أعمالها المقاومة، طارد الاحتلال محمد رسول، وبعد استشهاد والده داخل سجون الاحتلال نشط أكثر في أعمال المقاومة، وصعَّد الاحتلال من ملاحقته، ووضعه على رأس قائمة أهدافه للاغتيال.
ورفض محمد رسول، ورغم الضغوط والاقتحامات الإسرائيلية لمحافظة طوباس وارتقاء 23 شهيدا خلال 2023، تسليم نفسه، وواصل مقاومته حتى اللحظات الأخيرة.
وظهر الشهيد محمد رسول دراغمة وأفراد من كتيبة طوباس بأول أيام عيد الفطر المبارك في مقاطع مصورة نشرتها مواقع التواصل خلال زيارتهم لقبور الشهداء في المدينة، كما أجرت الكتيبة استعراضا عسكريا أظهر عناصر منها بكامل زيّهم وسلاحهم العسكري.
وبوصف صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، فإن الشهيد محمد رسول كان مطلوبا لدى إسرائيل وأجهزة أمن السلطة الفلسطينية لعدة سنوات.
وقالت الصحيفة، وفق ما نقله المختص بالشأن الإسرائيلي محمد أبو علان، إن “محمد رسول أطلق النار على قوات الجيش الإسرائيلي مرات عدة، وعلى ما يبدو أنه لم يكن هدف العملية هذه الليلة، لكنه عندما أطلق النار، أطلقوا عليه النار وقُتل على يد عناصر من وحدة دوفدوفان”.