تمكن فريق بحثي دولي من رصد أكثر من 600 عنقود مجري فائق واستكشاف طبيعتها، الأمر الذي يمكن أن يساهم في تطوير فهم العلماء لأهم ألغاز الكون مثل المادة المظلمة، ودراسة مجموعة من المعايير الهامة في علم الكونيات.
وتُعرف “عناقيد المجرات الفائقة” بأنها مجموعة كبيرة من العناقيد المجرية الصغيرة -أو مجموعات المجرات- التي تنجذب لبعضها البعض بسبب الجاذبية.
وعلى سبيل المثال، فإن مجرتنا درب التبانة هي جزء من تجمع للمجرات يحتوي على أكثر من 50 مجرة يسمى “المجموعة المحلية”، وهو بدوره جزء من عنقود فائق يسمى “عنقود العذراء الفائق”، يحتوي على أكثر من 100 تجمع صغير من المجرات.
حجم هائل
وبحسب الدراسة الجديدة التي نشرها هذا الفريق في دورية “أستروفيزيكال جورنال”، فإن متوسط عرض الواحد من هذه العناقيد المجرية الفائقة يساوي 200 مليون سنة ضوئية، ويعني ذلك أنه يمكن أن يحمل داخله ثمانية عناقيد فائقة شبيهة بعنقودنا الفائق “عنقود العذراء”.
ويسمى أكبر تلك العناقيد الفائقة “إيناستو”، ويحتوي هذا العنقود الفائق على كتلة تعادل نحو 26 مليون مليار شمس.
ويقدر الباحثون من “جامعة تارتو الإستونية” المشاركة في الدراسة بأن عرضه يساوي قرابة 360 مليون سنة ضوئية، وهو من الضخامة إلى حد أننا يمكن أن نضع داخله قرابة خمسين عنقودا فائقا بحجم العذراء.
إثراء العلم
وتفيد دراسة العناقيد الفائقة مثل “إيناستو” في نطاقات عدة داخل الفيزياء الفلكية، منها مثلا تكوين رؤى ثاقبة عن التوزيع واسع النطاق للمادة في الكون، والتي تتجمع في صورة شبكة ضخمة من عناقيد المجرات.
وإلى جانب ذلك، تحتوي العناقيد المجرية الفائقة على مجموعة متنوعة من المجرات في مراحل مختلفة من التطور، بدءاً من المجرات صغيرة السن النشطة التي لا تزال تشكل نجوما جديدة، إلى المجرات القديمة المستقرة.
ومن خلال دراسة خصائص وسلوكيات المجرات داخل العناقيد الفائقة، يمكن لعلماء الفيزياء الفلكية التحقيق في العمليات التي تؤدي إلى نشأة ونمو المجرات واندماجها معا وتأثيرات البيئة المحيطة.
كما يوفر توزيع وخصائص العناقيد المجرية الفائقة معلومات قيمة عن بعض الخصائص الكونية الأساسية، مثل كثافة المادة في الكون، ومعدل التوسع الكوني. وأظهر الباحثون في الدراسة الجديدة وجود علاقة “تربيعية عكسية” بين كثافة وحجم العناقيد الفائقة، أي أنه كلما ازداد حجم العنقود الفائق إلى الضعف انخفضت كثافته أربع مرات.
وتعمل العناقيد المجرية الفائقة مثل “إيناستو” كمختبرات طبيعية لدراسة توزيع وتأثيرات المادة المظلمة، وهي صورة غامضة من المادة تشكل قرابة 27% من تركيب كوننا الواسع، ولا يعرف العلماء عنها أي شيء بعد، ولا يلاحظون إلا أثرها الجذبوي على المجرات.